وثائقي

ندوة فكرية لافتة تبحث في " الأبعاد الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل من خلال تجربة الزعيم النقابي والوطني أحمد التليلي"

احيى النقابيون السبت 25 جوان الذكرى 55 لوفاة الزعيم النقابي والوطني أحمد التليلي الذي شارك في تاسيس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946 وتولى أمانته العامة من 1957 الى 1963 وعضوية مكتبه التنفيذي الوطني مدة نحو 20 سنة.

وبالمناسبة انتظمت ندوة فكرية  تحت عنوان " الأبعاد الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل من خلال تجربة الزعيم النقابي والوطني أحمد التليلي" أشرف عليها وافتتحها الاخ نورالدين الطبوبي الامين العام بحضور ثلة من النقابيين و المؤرخين و الجامعيين والإعلاميين، حيث قدم كل من الأخ حسين العباسي و الأستاذ حمادي بن جاء بالله و الإعلامي سفيان بن فرحات و الأستاذ سامي العوادي والسيد عبد الرحمان الادغم مداخلات تطرق فيها اصحابها الى مناقب الزعيم من عدة زوايا تؤكد أهمية هذا الرجل وطنيا ونقابيا وسياسيا وإقليميا.

إوبالمناسبة نفسها، تحول عدد من النقابيين ومن افراد عائلة الزعيم الى مقبرة الجلاز حيث تلوا فاتحة الكتاب ترحما على روحه الطاهرة ووضعوا باقة ورد على ضريحه .

الجذورالوطنية للحركة العمالية التونسية

في مواكبة لها لفعاليات الندوة الفكرية، نوهت مؤسسة احمد التليلي للثقافة الديمقراطية في تقرير مفصل نشرته على صفحتها الرسمية بحضور"مناضلين ومناضلات افذاذ هبوا لإحياء الذكرى 55 لوفاة الزعيم الوطني والنقابي احمد التليلي وعلى راسهم الاخ نورالدين الطبوبي الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل واعضاء المكتب التنفيذي الوطني والهيئة الادارية والاخوة والاصدقاء والرفاق من المجتمع الديمقراطي والمدني."  

فإحياء ذكرى رحيل الزعيم احمد التليلي هو فرصة للتذكير بالجذور الوطنية للحركة العمالية التونسية واسهامها في معركة الاستقلال والحفاظ على السيادة الوطنية واجلاء الاستعمار.

وهو تذكير كذلك منذ بواكير الدولة الحديثة المستقلة الى اليوم  بالدور التاسيسي والاساسي الذي يقوم به النقابيات والنقابيون في صيانة الدولة وتطويرها نحو مضمون اجتماعي يعنى بالمساواة والحرية والعدالة الاجتماعية والرفاه الاجتماعي.

وهو فرصة لتجديد التعبير على التضامن المطلق مع كل النقابيات والنقابيين والهياكل النقابية والقيادة النقابية والاخ الأمين العام مع تتالي وتواصل حملات السب والتشويه التي تستهدف المنظمة الشغيلة من طرف بعض المتطرفين المعادين للحرية والمساواة والعمل النقابي.

ومن المهم التذكير ان هذه الحملات تتكاثر عند الازمات الاجتماعية، والتي ترافقها عموما محاولات لضرب استقلالية الاتحاد، فقد استهدفت مثل هذه الحملات الزعيم الراحل احمد التليلي، والزعيم الراحل الحبيب عاشور، واستهدف الاتحاد في 64 و78 و85 و2012 ولكن كان النقابيون ولايزالون غيورين على استقلالية منظمتهم وتصدوا بنجاح لكل المؤامرات المحاكة ضدها.

كما كان أحياء الذكرى اليوم فرصة لالتقاء أربعة أجيال من المناضلين الاشاوس، بداية  ممن عرف الاستعمار وصولا الى من انطلق نشاطه في السنوات الأخيرة، والذين يشتركون في حب الشعب التونسي والوطن وفي روح التضحية من اجله، وهم اليوم من حاملي أنبل الرسائل، على غرار الدفاع على الديمقراطية الحقيقية، والمساوة والعدالة الاجتماعية، والسعي الى إرساء الرفاه الاجتماعي.

أحد أبرز قادة الحركة الوطنية

يعتبر الزعيم الراحل احمد التليلي احد ابرز قادة الحركة الوطنية، فكان من مؤسسي الاتحاد العام التونسي للشغل رفقة الزعيمين فرحات حشاد والحبيب عاشور، وعضوا لهيئته الادارية، واسس رفقة الزعيم الحبيب بورقيبة والطيب المهيري وغيرهم اللجنة الوطنية للمقاومة، واشرف على اندلاع الثورة المسلحة سنة 1952, حيث وقف النقابيون في الصفوف الامامية للمعركة التي افضت الى فك تونس من القبضة الاستعمارية واستقلالها سنة 1956.

كما أشرف على معارك الجنوب خلال حرب الجلاء في إطار تعزيز السيادة الوطنية وانهاء اخر مظاهر الاستعمار المباشر.

كذلك، لعب احمد التليلي دورا هاما بعد الاستقلال بصفته امينا عاما للاتحاد وامين مال الحزب الحر الدستوري الجديد ونائب رئيس المجلس الوطني التأسيسي، حيث كان من العناصر الفاعلة في إعطاء مضمون اجتماعي للدولة الحديثة وبنائها.

فكان المشروع الذي اعتمدته الدولة الحديثة هو المشروع الاقتصادي والاجتماعي للاتحاد، ومنه تأسست المنظومة التربوية التونسية الحديثة وفق برنامج نقابات التربية على يد الوزير النقابي محمود المسعدي، واعتمدت الدولة الحديثة على الإطارات النقابية الموضوعة على ذمتها في تأسيس او تونسة اغلب الوزارات والمنشآت العمومية.

ومن منطلق ايمانه بالدور الفاعل للطبقة العاملة في تونس، وفي بناء دولة جديدة، عمل أحمد التليلي على تأسيس قطاع تعاوني مستقل، من أهدافه توفير قدرة شرائية وشغل لائق من جهة، وتوفير استقلالية مالية للاتحاد حتى يتمكن من لعب دوره الوطني والاجتماعي دون حاجة الى أحد.

مسؤوليته عن ملف الثورة الجزائرية ومتطوعي حرب 1948

وكان للزعيم احمد التليلي دورا دوليا بارزا ايمانا منه بضرورة دعم القضايا العادلة والتضامن بين الشعوب. فكان الزعيم الراحل ضمن لجان تجنيد المتطوعين لحرب 48, كما كان المكلف بملف الثورة الجزائرية حيث كان مكلف منذ سنة 1955 بالشؤون الجزائرية، وبالعلاقة بين الدولة التونسية وجبهة التحرير الوطني الجزائرية وجيش التحرير الوطني.

آمن مخلصا بضرورة الوحدة المغاربية ن دولا وشعوبا، حيث كان من العناصر الفاعلة في مؤتمر طنجة. وقد كان كذلك فاعلا في استقلال باقي المستعمرات، من خلال دعم حركات التحرر الوطني وخاصة من خلال تعزيز التواجد النقابي الافريقي، حيث أسس اتحاد النقابات المستقلة بإفريقيا، وتحمل مسؤوليات نقابية دولية على غرار مسؤولياته بالكنفدرالية الدولية للنقابات الحرة.

رائد الفكر الديمقراطي في تونس

ويعتبر الزعيم النقابي والوطني احمد التليلي رائدا للفكر الديمقراطي في تونس، حيث عارض السياسات المسقطة على الشعب التونسي والانفراد بالسلطة ومنع التعبيرات السياسية المخالفة وضرب استقلالية المنظمات الوطنية وخاصة منها الاتحاد.

نذكر معارضته النشيطة لحظر نشاط الحزب الشيوعي التونسي، رغم معارضته للفكر الشيوعي، كما انه لم يدخر جهدا للدفاع عن الزعيم الحبيب عاشور إثر سجنه بناء على قضية كيدية سنة 1965، وعن الاتحاد إثر محاولة السلطة وضع يدها عليه. وخالف الزعيم النقابي والوطني احمد التليلي صراحة الانحراف بالسلطة، ووجه من مهجره رسالة الى الرئيس الحبيب بورقيبة ادان فيها نظاما لا يشرك شعبه في تسير شؤونه، واقترح من خلالها خارطة طريق لاستئناف مسار بناء الدولة على قاعدة الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

من اجل الرسالة النبيلة التي حمل التليلي لواءها

إننا اليوم في حاجة الى الأدوار الوطنية والاجتماعية والاقتصادية والدولية للاتحاد، من اجل تحقيق الرسالة النبيلة للزعماء المؤسسين وخاصة منهم الزعيم الوطني والنقابي احمد التليلي، من اجل إنجاح مسار الانتقال نحو الديمقراطية وتحقيق طموح الشعب التونسي من خلال تأسيس ديمقراطية حقيقية تبنى على الحرية السياسية والتضامن والعدالة الاجتماعية والمساواة، وتقيم أسس الرفاه الاجتماعي.

وان غادرنا الزعيم احمد التليلي في ظروف غامضة سنة 1967، فانه عبد الطريق بنضالاته لأجيال من الوطنيين والنقابيين الغيورين على استقلال البلاد والحفاظ على سيادتها، مؤمنين بالتضامن بين الشعوب، ديمقراطيين اصيلين ومناضلين اشراس من اجل تحقيق المساواة والعدالة والرفاه الاجتماعي، لذلك عهدا علينا جميعا أننا سنبقى اوفياء لمسيرته الخالدة، خدمة للشعب التونسي الابي."

وختم التقرير بتوجيه الشكر الى كل من ساهم في احياء لذكرى 55 لوفاة الزعيم الوطني والنقابي احمد التليلي وانجاح الندوة الفكرية التي اقيمت بالمناسبة.