وثائقي

كاسك يا وطن : في ذكرى وفاة  سي عبد القادر الدردوري

[ الشعب نيوز/ كتب الرفيق والصديق فوزي القصيبي تدوينة اعاد فيها الى الاذهان ذكرى المناضل الحقوقي عبد القادر الدردوري ، ذلك الذي افتقدته الساحات والمساحات (التحريرية) منذ مطلع سنة 2011. ]
ما كان أكذبنا حين كنّا غداة الثورة نمرّ في مسيراتنا أمام منزلك ونهتف : يا شهيد نام وارتاح سنواصل الكفاح ..
لا نحن تركناك ترتاح ولا نحن واصلنا الكفاح ..أعشتنا الصورة وتنازعتنا الخلافات واستهوتنا المواقع وأسالت لُعابَنا الكعكةُ .. 
لا تفعل ما فعله والد دريد لحّام في آخر مسرحيّة : كأسك يا وطن ..ولا تسأل عن أحوال تونس ولا عمّا حقّقته الثورة التي كنتَ أحد أبرز المؤسسين لها ..
رفاقك القدامى عاثوا فيها فسادا وتبيّن أنّهم عموما أغرار ..وانتصب في البلاد مناضلون من نوع جديد .. 
من كان في الصفّ المقابل يحاربك ويزيّف الانتخابات ويكتب التقارير صار من نشطاء ما بعد الثورة يتكلّم باسمها ويتصدّر المشهد ..
 ومن كانوا يتجنّبون القرب منك والظهور في محيطك خوف البوليس وسخط السلطة صار يتقوّل بالشجاعة ويتنافخ ويخطب في الناس ...  
واقعنا فاجع وأقصى أقصى مطامحنا أن نعود إلى أرقام 2010 ..
مدينتنا (قليبية) تشوّهت وأوصالها تقطّعت والتجاوزات التي كنتَ تُعاين وتفضح تضاعفت آلاف المرّات .. 
 وبلدنا الذي كان جامعا انقسم بلدانا متناحرة الشمال فيه يزدري الجنوب والجنوب فيه يكره الشمال والوسط ممزَّق ..الكلّ حاقد على الكلّ..
هل تصدّق أن الفكر الظلاميّ الذي كان يحاربك ويكفّرك أصبح هو الحاكم المتصرّف ؟ الصادقون ..أكثر الصادقين عجّلوا بالرحيل والتحقوا بك هناك ..وبقينا نحن نتفرّج على الكاذبين يكذبون ويكذبون ثمّ يكذبون ..أبناؤنا أصبحوا يولدون ببطاقات بنكيّة حمراء ..الواحد منهم من يوم ولادتهم مدينون للبنوك العالمية بآلاف الدنانير .. نورّثهم ديونا .. 
لا تسأل عن شيء ولا تفعل ما فعله والد دريد لحّام  في نصّ محمد الماغوط فيصيبَك الإحباط وتموتَ موتة أخرى ..
 نمْ هناك بأحلامك الماضية ..عش هناك ودعنا هنا نموت ...!
نموت نموت .. فهل يحيا الوطن ؟