ثقافي

"كان الكلام " مسرحية تقترح إلغاء الكلام في الحياة اليومية والعواطف والسلم والحرب والسياسة والغرام

 الشعب نيوز/ حسني عبد الرحيم - تاريخيآ كانت هناك سينما صامته وقبلها كان ومازال يوجد مسرح صامت في اليابان (النو) وهناك عودة فعلية في المسرح للتعبير الجسدي وليس الكلامي.

هذا يحدث في الفن وليس الحياة الفعلية لكن مسرحية "كان الكلام " تقترح علينا إلغاء الكلام في الحياة اليومية والعواطف والسلم والحرب والسياسة والغرام على وجه الخصوص، ذلك لإن الكلام خادع وهو الوسيلة المعروفة والموروثة لتضليل الآخرين يستخدمه العشاق للايقاع بحبيباتهم ويستخدمه السياسيون لخداع شعوبهم ويستخدمه المروجون للسلع لإجتذاب زبائنهم.
ل"وليد العيادي"تجارب مسرحية غير مسبوقة سواء على مستوى  المفهوم المسرحي أو الإداء وهو ليس فقط مخرج شاب موهوب بل أيضآ ممثل لأدوار مركبة كما شاهدناه مؤخرآ في عمل  "توفيق الجبالي "على هواك"..
مسرحية "كان الكلام"هي آخر آعمال وليد وهي تعتمد على فكرة واضحة منذ البداية خلاصتها أن الكلام خادع ومضلل  يتم إستبدال الحوارات في مواقف إنسانية متنوعة بألإيماءات !
على رُكح ممتد وتقسمه منصة عالية يقف أعلاها مايشبه إله وعن يمينه ويساره جميلتان كملائكة يسحبون أصحاب الكلام أرضآ ويقذفون بهم لجحيم ممتد بينما يتابع المتأله محاكمات المتكلمين والكذبة لكى ينتهي عصر الكلمات وتبدا المجموعة في إجراء الإتصال عبر اصوات مبهمة ليست كلمات ولكن بتعبيرات صوتية غير متعارف عليها ولكنها تفلح في ايصال الرسالة دون سجع ولا محسنات بديعية.

إتصال صِرف لايبغي سوى توصيل الرغبات كما كان الإنسان قبل إختراع اللغة المحكية والمكتوبة من الناحية الواقعية تسير الحياة بسرعة نحو تقليص دور الكلام في العمل والإتصالات والبحث ولايبقى المجال مفتوحآ للكلام في السياسة والمعاملات والغراميات.  لقد حلت الصورة والأرقام محل الكلمات في مجالات عدة وظل الكلام في الأدب والشعر اللذين يتقلصلن على مر الأعوام والمشاهد للعروض الحديثة واسعة الإنتشار كما في العرض الأخير (2023)الذي شاهده مباشرة ستون مليون شخص  ( هاف تايم-سوبر بويل).

 فألكلمات اصبحت  ثانوية في العرض الغنائي كما في الحياة واللغة اليومية بذاتها تتغير لكى تتقلص بها عبارات التفخيم و العناصر التى تهيمن يومآ بعد يوم هي الصورة والأرقام وهى تتضمن بلاغة مختلفة عن بالكلمات."الحديث نفسه أصبح محاصرآ  بدلالات اخرى في سبيلها لإزاحته من واقع الحياة اليومية. البشر يشاهدون الرسائل المكتوبة على أجهزتهم المحمولة في ساعات النهار والليل أكثر من تبادل الكلمات مع آخرين. العالم الصامت هل هو ممكن ؟هل الكلام هو العائق أمام التوصل للحقيقة ؟ وهل الإشارات والتمتمات والايماءات ليست كودات لغوية أخرى. هو عرض يتجاوز ألأقوال القليلة التى تضمنها ل"محموددرويش"و"جبران خليل جبران"لكن يرتحل لما وراء الكلمات والكلام ليبحث عن المعنى .وهل الإنسان سوى كائن متكلم؟ وهل يعود للصمت ليصير حيوان أخرس لتنتهي نزاعاته وتوهماته الكلامية!
 الإعداد والإخراج لوليد العيادي بمشاركة ياسمين لخوة وعائشة العياشي ويوسف الطرابلسي وأملة جنات وأيمان بن غانم ووسيم الطرابلسي ومحمد امين الحرباوي وبديع البوسعيدي وياسين الشملي وأميمة ضيف الله  وشيماء السعيدان وفاطمة ليفين! صوت وتوضيب عام وليد حصير وإضاءة محمد زيدان محرز وإدارة الرُكح لإبراهيم سلامة.

* نشر في الشعب الورقية الصادرة بتاريخ 23 فيفري 2023.