نقابي

حشاد والتليلي لم يصدرا كتبا بعينها ولكنهما تركا آثارا وأقوالا غير مسبوقة (4)

الشعب نيوز/ متابعات (4) – لم يصدر الزعيم الخالد شهيد الحركة النقابية والوطنية فرحات حشاد كتبا بعينها رغم غزارة انتاجه. لكنه كتب من المقالات الصحفية ما لا عد له ولا حصر. وفي كل الأغراض.

كانت الصحف الوطنية في ذلك الزمان تتنافس على نشر مقالاته، باعتبار تفرده في طرق المواضيع الحارقة وباعتبار طرافة الأفكار التي يطرحها وجرأة المطالب التي ينادي بها ويحسن اقناع الشعب بها.

احصى له الناشر والكاتب عمر سعيدان – وهو الاخر نقابي -       العديد من الرسائل والمقالات التي نشرها في الصحف المحلية وكذلك العديد من المحاضرات ومنها واحدة ذات رمزية خاصة ألقاها على منبر جمعية طلبة شمال افريقيا بفرنسا في سنة 1950.

كذلك أحصى له نجله نورالدين حشاد عشرات المراسلات مع جهات خارجية على رأسها الكنفدرالية العالمية للنقابات الحرة والجامعة النقابية العالمية إضافة الى عدد كبير من الاتحادات النقابية في عدد من الدول الأوروبية والأمريكية وحتى الافريقية.

وللزعيم الخالد أقوال مأثورة لعل أبرزها قوله " أحبك يا شعب" التي اطلقها ذات مقال نشره على اثر مجزرة هنشير النفيضة.

أما أحمد التليلي وهو أحد المؤسسين، أحد قادة الكفاح المسلح، عضو القيادة وأمينها العام من 1957 الى 1963 فقد تميز عن بقية رفاقه بتلك الرسالة الشهيرة التي بعثها من منفاه الى الرئيس بورقيبة منتقدا طريقة تسييره للدولة والحزب الحاكم ومؤسسا أو باعثا لأسس العمل الديمقراطي في تونس.

وقد وقع نشر الرسالة في كتيّب حمل عنوان "في سبيل الديمقراطية".

الى ذلك، فان نقابيين كثيرين أصدروا كتبا متنوعة الاهتمامات، لم يكن بإمكاننا احصاؤهم بالمناسبة لكن قد نفعل في مرة قادمة بما يؤكد زخم الإنتاج الفكري والمعرفي الذي يزخر به الاتحاد.

من النقابيين الكتّاب أيضا: البكوش، بوراوي، البودالي، الفيلالي، عزيز والعلوش واغلبهم ألفوا بالفرنسية (3)

الشعب نيوز/ متابعات (3) - قبل أشهر قليلة قرأنا كتابين " للأستاذ" الطيب البكوش - الامين العام من 1981 الى 1984 وعضو القيادة سنوات 1977و 1985 و1986 وقبلها في نقابة الأساتذة المحاضرين - عن علاقته بالرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي وكيفية تعاملهما معه. ورغم مستواه العلمي المرتفع - دكتوراه في الالسنية - ومهنته الاصلية - أستاذ تعليم عالي - فان ما ورد في كتابيه لم يزد عن كونه جردا لسلسلة من الاحداث والوقائع التي حصلت بينه وبين الرئيسين وصراع الاجنحة في السلطة وفي الاتحاد.

عبد العزيز بوراوي، أحد مؤسسي الاتحاد – رغم أنه انشق عنه في مناسبتين – وتولى أمانته العامة في ظرف لا يحسد عليه أواسط ثمانينات القرن الماضي أصدر هو الاخر كتابا ضخما تحدث فيه عن ملحمة التأسيس وعن اضراب 5 أوت 1947 بصفاقس بما انه أصيلها وصديق حميم للحبيب عاشور.

كما تحدث عن تأسيس الدولة المستقلة ودور الاتحاد والنقابيين في بنائها وبناء مؤسساتها، والخلافات التي نشأت بين بورقيبة وقادة الاتحاد في تلك الفترة.

وبالطبع تحدث عن مناسبتي الانشقاق وخاصة عن تأسيس الاتحاد الوطني التونسي للشغل وعن عملية التوحيد التي جرت سنة 1986 وقدم جملة من الآراء والأفكار حول عدد كبير من المسائل.

وان ننسى فلا يمكن ان ننسى " الكاتب الفذ " النوري البودالي أحد مؤسسي الاتحاد وعضو المكتب التنفيذي طيلة عهدات مختلفة. ومعروف عن سي النوري انه غزير الإنتاج وصاحب قلم سيال باللغتين العربية والفرنسية. وقد أصدر عدة مؤلفاات منها الاتحاد العام التونسي للشغل، حكايات وذكريات ومنها أيضا الدفاع والاستقلال.

كما لا ننسى قيدوم النقابيين القائد مصطفى الفيلالي الذي يعد هو الاخر من مؤسسي الاتحاد والدولة المستقلة. فقد تولى وزارة الفلاحة وخاصة وزارة الاخبار كما كانت تسمى في بداية الاستقلال ومؤسسات عمومية أخرى وانتخب نائبا في البرلمان لعدة سنوات. ومن كتبه التي عرفنا ذلك الموسوم بعنوان على موائد الانشراح

نختم الحلقة الثالثة من هذا المقال بالإشارة الى كتابين أصدرهما كل من بوبكر عزيز الذي نشط بالخصوص في النقابة العامة للتعليم الأساسي وفي المكتب التنفيذي   حيث ألف بالفرنسية كتابه الحامل لعنوان " كما يكون النقابيون، تكون نقاباتهم" والصادق علوش الذي كان عضوا في المكتب التنفيذي في السبعينات والثمانينات واختص في العلاقات الدولية والذي الف كتابا بالفرنسية بعنوان الاتحاد من حشاد الى نوبل .  

(2) عاشور والمسعدي وبن صالح نقابيون أنتجوا، فكرا وأدبا، على اختلاف مستوياتهم ومهنهم

الشعب نيوز/ متابعات (2) - يأتي كتاب الاخ حسين العباسي في هذه الفترة بالذات للرد بصفة مباشرة او غير مباشرة على تهمة طالما رفعها المناوئون للحركة النقابية وللاتحاد في وجه النقابيين وخاصة في وجه الامناء العامين.(الصورة المرافقة بالابيض والاسود يظهر فيها ثلاثة نقابيين هم من يسارها احمد بن صالح فالحبيب عاشورفعبدالله فرحات مع الحبيب بورقيبة بالشاشية والكدرون وخليفة حواص منظم هجرة الزعيم الى الشرق)

فمن الامناء العامين أصحاب الكتب، الزعيم الراحل الحبيب عاشور الذي أصدر الجزء الاول من مذكراته في بداية الثمانينات في كتاب ضخم باللغة الفرنسية وقعت ترجمته مؤخرا الى اللغة العربية وفيه روى قصة نضاله ابان الحركة التحريرية قبل الاستقلال وخاصة بعده عندما تعرض الى الصعوبات الجمة التي واجهته ابان تحمله الامانة العام للاتحاد، والتي كلفته الابعاد والسجن عدة مرات.

وقد تحدث هو الاخر عن الخيبات أكثر من النجاحات وعن الفرص التي وقع اهدارها للارتقاء بتونس الى مراتب افضل لولا الحسابات السياسية الضيقة وقصر النظر وانتفاخ أنا الكثيرين ممن تصوروا ان لا أحد يأتي بعدهم أو أن لا أحد أجدر منهم بالحكم وإدارة البلاد.

في خانة الامناء العامين، نشير الى النقابي المخضرم أحمد بن صالح الذي عمل موظفا في الكنفدرالية الدولية للنقابات الحرة (CISL) وتولى الامانة العامة للاتحاد من 1954 الى 1956 قبل ان يصبح وزيرا تولى العديد من الوزارات في نفس الوقت. ويعرف عن أحمد بن صالح انه كان وراء تطبيق أجزاء واسعة من البرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي أعده الاتحاد في بداية سنوات الاستقلال في مختلف الاختصاصات. كما يعرف عنه انه غزير الانتاج الفكري وأصدر للغرض، وباللغة الفرنسية، العديد من الكتب، سياسية واقتصادية واجتماعية الى جانب السيرة الذاتية.

في نفس الإطار، تمكن الاشارة الى الاديب الكبير محمود المسعدي الذي تولى الامانة العامة لفترة قصيرة وذلك مباشرة اثر استشهاد الزعيم المؤسس فرحات حشاد. المسعدي كان المنشط الرئيسي للجنة التي اعدت البرنامج التعليمي الذي أعده الاتحاد سنة 1948 مع نقابي آخر هو الامين الشابي. وليس صدفة ان يكون الرجلان هما أول من تولى وزارة التربية من 1956 الى 1969. ولسنا بحاجة الى تعداد مؤلفات الاديب الكبير محمود المسعدي واغلبها فلسفية وفكرية كما آثاره في الحقل الثقافي ومنها مجلة الحياة الفكرية التي يمكن تصنيفها كمجلة محكمة في الشأن الثقافي مازالت تصدر الى الان عن وزارة الشؤون الثقافية.

(يتبع)

النقابيون ينتجون فكرا وأدبا بصرف النظر عن مستوياتهم التعليمية والمهن التي يأتون منها (1)

الشعب نيوز/ متابعات (1) - يأتي كتاب الاخ حسين العباسي في هذه الفترة بالذات للرد بصفة مباشرة او غير مباشرة على تهمة طالما رفعها المناوئون للاتحاد في وجه النقابيين وخاصة في وجه الامناء العامين.  

فلقد قيل عن هؤلاء، لا سيما عندما تفرض عليهم الازمات أو عندما تصدر عن هؤلاء مواقف لا ترضاها السلط الحاكمة، أنهم غير مؤهلين لقيادة الاتحاد بالنظر الى ضعف مستواهم التعليمي. وكم من مرة، عيّر هؤلاء بالمهن الاصلية التي كانوا يمارسونها قبل ارتقائهم الى المسؤولية الاولى في الاتحاد أو قل المهن التي بواسطتها دخلوا العالم النقابي.

لذلك فان كتابا مثل الذي اصدره الاخ حسين العباسي يقيم الدليل على ان انتاج الكتب او الفكر ليس حكرا على مهن دون أخرى وانه ليس حكرا على حاملي الشهادات العالية. قد يقال ان النقابيين عندما يرتقون الى قيادة الاتحاد، يجندون من معهم من الكفاءات ليكتبوا بدلا عنهم. هكذا قيل عن فرحات حشاد الذي يذهب كثيرون الى ان محمود المسعدي هو الذي كان قلمه وهكذا قيل عن الحبيب عاشور وغيرهما ممن أصدروا كتبا عن سيرهم الذاتية.   

ينسى اصحاب هذا القول ان للأمناء العامين، ايا كانت مستويات تحصيلهم العلمي وأيا كانت المهن التي يأتون منها الى العمل النقابي، انما يكتسبون من الممارسة اليومية ومن التكوين النقابي ما من شأنه ان يكوّن لهم من الافكار ومن الآراء ما به يجادلون ويناقشون ويدافعون عن مواقف الاتحاد ومبادئه وعن مطالب الشغالين.

كتاب حسين العباسي دليل آخر على زخم الفكر الموجود في الاتحاد منذ تأسيسه وعند منتسبيه سواء مسؤولين او نشطين. وللعلم، فان الانتاج الفكري للنقابيين، بتأطير من الاتحاد او من دونه، يغطي كل الاختصاصات. وعلى من يرغب في الاحصاء، ان يراجع قائمة الانتاجات التي تصدر سنويا لإدراك المسألة.

(يتبع)