وثائقي

محاكمات النقابيين/ سوسة 053 : عندما يطلب المتهمون من محاميهم الكف عن الترافع في قضيتهم

فصل آخر من مرافعات المحامين في اطار محاكمات النقابيين بجهة سوسة المتهمين بالمسؤولية عن أحداث 26 جانفي 1978. الطريف في فصل اليوم ان المتهمين طلبوا من المحامي التوقف عن الدفاع عنهم.

٭ الاستاذ عبد السلام بوبكر
ان الحوادث الاخيرة مؤسفة حقا وكلنا نتحسر على ارواح الابرياء الذين ذهبوا ضحيتها وهي تمثل صفحة سوداء في تاريخ البلاد واني اقول هذا كمواطن وبالنيابة عن كل المتهمين الماثلين اليوم امام المحكمة وقد صرحوا كلهم انهم يستنكرون هذه الحوادث التي كان لها طبعا اسباب واضحة واسباب باطنة.
ان بلادنا كانت في الاعوام الماضية سائرة قدما على طريق التنمية في ظل جو من الاستقرار والدوام ولكن ما راعنا الا ويحصل نوع من الانشقاق بين الحزب والاتحاد اللذين كانا يعملان حتى ذلك الوقت بانسجام تام وفي الاشهر التي سبقت الاحداث جدت اضرابات هنا وهناك بدعوى ان تكاليف العيش ارتفعت وان من الواجب مراجعة الاجور وقد تحصل الشغالون بالفعل على بعض التحسينات في بعض القطاعات اي انه وقعت ترضية اصناف من الشغالين دون اخرين.
ولسائل ان يسأل من حيث المبدإ هل للمواطنين منفعة في هذه الاضراباب؟ ان الاضراب في بلادنا يضمنه الدستور اذا كان شرعيا واذا كان الهدف منه الدفاع عن حقوق الاجير الاقتصادية والاجتماعية لا غير وهذا ما جاء في قانون الشغل ايضا. على انني بالمناسبة لا اشاطر من قال ان الاضراب السياسي شرعي اذ هو ممنوع والا فاننا سندخل في المتاهات والفوضى ولسرنا الى الهاوية وتونس اليوم ليست تونس الامس لما كانت الاضرابات التي يقوم بها المواطنون ضد الاستعمار،  ذات طبيعة سياسية (ذكر الاستاذ هنا، الاضراب الذي وقع ايام الاستعمار في النفيضة).
وبصرف النظر عن ذلك فمن الواجب القول كذلك ان من نتائج الاضرابات ان يتعطل الانتاج وعلى هذا الاساس لابد من تجنبها فهي بمثابة سلاح ولكنه سلاح خطير يرجع بالوبال على المجتمع (اشار الى الاضراب الذي شنته في الايام الاخيرة مصالح الارصاد الجوي بفرنسا والذي يتكلف بالملايين من الدولارات) بحيث ان استعمال الاضراب امر خطير اذ هو قد يستغل من طرف اصناف معينة من البشر (كالعاطلين عن العمل او غيرهم).. فيستعملونه مطية للتخريب، وهذا ما وقع بالفعل خلال احداث جانفي. على انه من ألطاف الله ان المسؤولين توصلوا لايقاف التيار الهدام، وان التونسيين استفاقوا في الوقت المناسب ان البلاد كانت سائرة الى الهاوية.. وقد كانت هناك اياد اجنبية.
وبعد ان اوصى الاستاذ بوكر اجهزة الاعلام بالنزاهة والانتقاد الصحيح البناء قال انّه لا يجب نكران المجهود الذي تبذله تونس من اجل النهوض بالعمال ولا بد ان يقف الشعب كله صفا واحدا لمواجهة المشاكل.
هنا وقعت مقاطعة المحامي من طرف عدد من المتهمين ولاحظوا له بانه ليس بصدد الدفاع عنهم فتدخل عند ذلك رئيس المحكمة متوجها للاستاذ بوكر.
المحكمة تطلب من المحامي ان يتوقف عن المرافعة ما دام المتهمون قد راوا انه لا يدافع عنهم 
وهذا ما تم فعلا