نقابي

كيف يمكن أن نواجه عصر الخوارزميات ؟

الشعب نيوز / نصر الدين ساسي -  في إطار مواصلة أشغال اليوم الثاني من الجامعة النقابية للمرأة والشباب العامل، وفي الجزء الثاني من الجلسة المخصصة لمناقشة أثر التحولات التكنولوجية على سوق الشغل، قدّم الخبير سمير حمدي مداخلة طرحت أبرز التحديات الجديدة التي تواجه العمل النقابي.

وقد جاءت هذه المداخلة في سياق يتقاطع فيه ما هو اقتصادي بما هو رقمي، وما هو اجتماعي بما هو تقني، وسط تساؤلات ملحّة حول قدرة الاتحاد العام التونسي للشغل على مواكبة زمن الذكاء الاصطناعي والتحولات العالمية السريعة.

ففي عالم تتغير فيه الوظائف بوتيرة غير مسبوقة، وتتحوّل فيه الخوارزميات إلى طرف فاعل داخل المؤسسات، لم يعد السؤال مقتصرًا على تأثير الرقمنة، بل أصبح: كيف يمكن الحفاظ على الحقوق في بيئة عمل تحكمها الآلة ؟

بهذه الزاوية انطلق حمدي في مداخلته التي أعادت ترتيب أولويات النقاش حول التكنولوجيا والعمل.

قدّم الأستاذ سمير حمدي قراءة شاملة للتحولات التكنولوجية، موضحًا أنّ الرقمنة رافقت الاقتصاد العالمي منذ عقود طويلة، لكنها دخلت اليوم مرحلة نوعية جديدة تتداخل فيها الخوارزميات، البيانات الضخمة، والأتمتة مع كل القطاعات الحيوية.

وأشار إلى أنّ الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية، بل أصبح أداة تخطيط واتخاذ قرار داخل قطاعات المالية، التصنيع، التعليم، الخدمات، بل وحتى الموارد البشرية، حيث تُستعمل الخوارزميات لتقييم الملفات وحتى للتصرف في المسارات المهنية.

وفي هذا السياق، أكّد حمدي أن العالم يشهد اختفاء مهن وولادة أخرى تستند كليًا إلى الكفاءات الرقمية، وأنّ العمل عبر المنصّات بات مكوّنًا رئيسيًا من منظومة التشغيل الجديدة، وهو ما يفتح الباب أمام مخاطر هشاشة مهنية وغياب حماية اجتماعية حقيقية.

كما نبّه إلى أنّ استخدام الخوارزميات دون تأطير قانوني قد يؤدي إلى قرارات تعسفية تمسّ من الحق في العمل والخصوصية.

كما تعرضت المداخلة الى عدد من التجارب  الدولية المقارنة من بينها تجربة نقابة المعلمين في فرنسا التي طوّرت استراتيجية كاملة لإدماج الذكاء الاصطناعي في المدرسة والوظيفة العمومية، وتجارب دول أخرى حيث بدأت النقابات تلعب دورًا محوريًا في تنظيم العلاقة بين الخوارزميات والعمال.

وفي خاتمة عرضه، قدّم الخبير سمير حمدي أربعة مسارات اعتبرها ضرورية للاتحاد العام التونسي للشغل في مواجهة عصر الذكاء الاصطناعي :

1. الاستباق والتوقع: فهم التحولات قبل وقوعها ووضع سيناريوهات مستقبلية.
2. تكوين الكفاءات الرقمية: خصوصًا لدى النساء والشباب الأكثر عرضة للهشاشة.
3. حماية المهن المهددة: عبر خطط انتقال عادلة وتفعيل آليات التصرف الاجتماعي.
4. تطوير التشريعات: لوضع إطار قانوني ينظم العمل المعتمد على الخوارزميات ويحمي المعطيات الشخصية.

وخلص حمدي إلى أنّ عصر الخوارزميات ليس تهديدًا في جوهره، بل فرصة لإعادة تشكيل العمل النقابي وتطوير دوره داخل مجتمع يعرف تحولات عميقة، شرط أن يُدار هذا التحول برؤية اجتماعية تحمي الحقوق وتدعم العمل اللائق.