وثائقي

يتعمدون المراوغة والمماطلة في المفاوضات مع النقابيين وتشويههم والتشكيك في مطالبهم ونضالاتهم في الاعلام

نأتي الى الجزء الثالث والأخير من مداخلة جهة صفاقس أمام المجلس الوطني للاتحاد المنعقد أيام 8-9-10 جانفي 1978 والتي القاها المرحوم الأخ عبد الرزاق غربال الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل هناك. وفيه نتعرف على نظرة السلطة ومسؤوليها للنقابيين وللاتحاد عموما كما نكتشف ماهية علاقة الحزب الحاكم وقتها مع النقابيين ومنظمتهم

ان النظام القائم عرف ان الخطر كل الخطر يكمن في المنظمة الشغيلة لأنّها تستوعب النسبة الغالبة من القوى الحية العاملة في البلاد ولأنها رفضت الانصياع لأوامره وآثرت الإصداع بالرأي والتلاحم مع القاعدة وقول كلمة الحق ولذلك رأينا ان النظام يسلك سبيل المراوغة والمماطلة في المفاوضات مع النقابيين مع تشويه الاعلام والتشكيك في المسؤولين النقابيين وقراراتهم والتهديد واستعمال وسائل الضغط كالنقلة والطرد التعسفي بل لقد تصاعدت هذه التصرفات اللاديموقراطية ووصلت الى حد الطرد الجماعي وتدخل قوات الامن لقمع العمال ومحاولة منعهم من ممارسة حق اقره الدستور الا وهو الاضراب الذي يلتجئ اليه العمال بعد استنزاف كل وسائل الحوار والمفاوضة.

حاولوا اغتيال الأمين العام لاسكات صوتنا

بل لقد بلغ الامر الى درجة استعمال الجيش لمقاومة الشغالين والفئات الشعبية مثلما وقع في قصر هلال وكذلك القيام باعتقالات مركزة على بعض النقابيين لتحميلهم مسؤولية الاعمال الناتجة عن غضب الفئات الشعبية وكانت محاولة اغتيال الاخ الامين العام للاتحاد تصعيدا صارخا لكل هذه المناورات وهي مناورات لم تبدأ من اليوم بل استمرّت منذ عام 1956 لاحتواء المنظمة وفرض الوصاية عليها ولعل ما وقع سنة 1956 وسنة 1965 لخير دليل على ذلك وتمثلت احدث تلك المناورات في محاولة بعث منظمة نقابية موازية للاتحاد قصد تضعيفه وتفريغ صفوفه ولكن هيهات ان تنجح هذه السياسة اللاديمقراطية التي تنتهجها الفئة الحاكمة المرتبطة عضويا بالاستعمار في كبت صوت العمال ومنظمتهم وان مجلسنا القومي لخير صفعة لكل أصحاب النوايا المبيتة.

علاقة الاتحاد بالحزب الحاكم

واذا كان الحزب هذا اتجاهه وتلك سياسته مثلما شرحنا منذ البداية واتضح انه حزب حاكم لا كما يدعون بانه حزب كل فئات الشعب بل يعمل لفائدة مصلحة فئة قليلة ونظرا إلى وقوفه وراء سياسة التبعية الاقتصادية واستعماله المناورات والتشكيك والعنف لإرهاب الشعب الكادح واستعمال مظاهر الدكترة والهيمنة والسيطرة على حقوق الانسان واحتقار الطبقة الشغيلة وخنق الحريات النقابية وعدم احترام ممثلي الاتحاد ونعتهم بنعوت تتنافى والقيم الاخلاقية وخاصة من مسؤولين يمثلون حزبا كان من واجبه ان ينهض بالبلاد اقتصاديا واجتماعيا وفكريا لذا ولكل هذا يتحتم على كل مسؤول نقابي الا يتحمل اي مسؤولية داخل هذا الحزب الى جانب مسؤوليته النقابية مهما كانت.

واجب انسلاخ النقابيين من الشعب المهنية

وبالنسبة إلى المنظمات القومية الاخرى ونظرا الى انها تعتبر نفسها خلية من خلايا الحزب الحاكم فيجب على المنظمة الشغيلة ان لا تتفاوض او تقيم علاقة مع هذه المنظمات وبالنسبة إلى الشعب المهنية وبما انّه اتضح ان هذه الشعب تعمل في اطار مخطط متكامل لضرب العمل النقابي داخل المؤسسات فيجب على كل النقابيين الانسلاخ من هذه الشعب والقضاء عليها في اي مكان وجدت.

وبالنسبة إلى رأينا في الانتخابات التشريعية والبلدية نلاحظ ان مداخيل البلدية ترتكز على الاداء الموظف من قبل المواطنين حماية لمصالحهم وما نلاحظه ان القاعدة العمالية غير ممثلة تمثيلا حقيقيا داخل المجلس البلدي ذلك ان التمثيل الحالي يخضع إلى تعيينات الحزب ومقرراته التي لا تتماشى مع رغبات المتساكنين وفي مقدمتهم العمال الكادحون لذا فإننا نوصي بضرورة اجراء انتخابات حرة ديموقراطية على مستوى قاعدي وإلا فاننا نتمسك بعدم دفع اي أداء بلدي موظف على المتساكنين مع مقاطعة اي عملية انتخابية يسيرها الحزب الحاكم.

الدستور نص على عدة قوانين صريحة لكنها لم تطبق

وبالنسبة إلى الانتخابات التشريعية لمجلس الامة، فنلاحظ ان اعضاء المجلس الحالي لا يمثلون الشعب ديموقراطيا وانما يمثلون الحزب الحاكم باستثناء بعض النواب ذوي الضمائر الطيبة الذين كلما حاولوا استعراض الوضع الاجتماعي بالبلاد الا والحقت بهم التهجمات اللااخلاقية من قبل بقية اعضاء المجلس وحتى من رئيسه ومما يلاحظ في هذا الشأن ان بدستور البلاد قوانين صريحة صادق عليها مجلس الامة ومن بينها قانون حرية التعبير والاستفتاء في المسائل المصيرية والحريات العامة سُنّتْ ولم تطبق الا لفائدة السلطة الحاكمة بالبلاد التي نزعت ثوب المسؤول ولبست ثوب الثعبان ولذلك نقترح على المجلس القومي مقاطعة السلطة الحالية واعادة انتخاب سلطة تشريعية انتخابا حرا ديمقراطيا جماهيريا في ظلّ نظام يقوم على هذه الأسس.

طلبنا عدم دفع الاداء على جهازي الراديو والتلفزة

وبما ان سياسة النظام ترتكز لإنجاحها على اجهزة الاعلام الرسمية التي تخضع إلى مؤسسة حكومية تابعة للوزارة الاولى هي كتابة الدولة للإعلام ذات الملكية العمومية والمعتمدة على صحف ومجلات واذاعة مسموعة ومرئية ووكالة انباء، فان هذه الاجهزة زيادة على انها تمول كليا من ميزانية الدولة اي من اموال الشعب، فهي اداة مسمومة لترويج الاكاذيب والافكار المدمرة وتشويه اخبار العمال وكَبْتِ أصواتهم والاشهار لفائدة طرف معين على حساب الشعب الذي اصبح على بينة من كل ما يوجد في طياتها من مزالق واخطار ومغالطة مما ينجر عنه حسب الخطة المرسومة رمي البلاد في بوتقة التطاحن الغاية منها تمكين حفنة من المسؤولين من استمرار التمسك بزمام الحكم، لذا فإننا نعرض على المجلس القومي طلبنا المتمثل في عدم دفع الاداء على جهازي الراديو والتلفزة وبالخصوص بعث اجهزة اعلام اخرى تخدم مصالح الجماهير وتدافع عن قضاياهم المشروعة مع تدعيم جريدة الشعب واصدارها يوميا.