آراء حرة

اتهام الاتحاد جهرا او سرا او ايحاء او بالقياس أوالمقارنة بالخيانة او العمالة هواستعادة لطريقة الاستبداد البائد

[ في تعقيب منه على " بوست " أدرجه شخص يختفي وراء اسم قائد قرطاجي عظيم، ادعى فيه ان الاتحاد العام التونسي للشغل يتحرك وفق أجندات خارجية، كتب الاخ محمد الطرابلسي القروي ردا رأينا من المفيد ادراجه في "الشعب نيوز" تعميما للفائدة.]

في كل الازمات، اتهم الاتحاد بالتواطئ مع جهات خارجية... احمد التليلي اتهم سنة 1967 بالعمالة للامريكيين بعد ان ساعدته النقابات الأمريكية في منفاه .. الحبيب عاشور شنت عليه وسائل الإعلام حملة شديدة سنة 1977 متهمة اياه بالتواطئ مع القذافي عندما وقع في طرابلس اتفاقا حول حقوق العمالة الفلاحية التونسية بليبيا اثر زيارته لهذا البلد.

هذه الزيارة تلت تلك التي كان أداها حسان بلخوجة وزير الفلاحة آلتونسي و عجز خلالها عن ابرام اتفاق مشابه... تهمة آلتواطئ مع القذافي و الخيانة الوطنية عادت لتتصدر نشرآت الاخبار و عناوين الصحف التونسية سنتي 1985 و 1986 بعد فشل المفاوضات حول تعديل الأجور وعدم تنفيذ بعض الاتفاقيات المهنية المبرمة مع الحكومة التي كانت في مفاوضات متقدمة مع صندوق النقد الدولي لتنفيذ ما كان يسمى ببرنامج الاصلاح الهيكلي.

تزامنت هذه الحملة آنذاك مع تعمد السلطات الليبية طرد اكثر من ثلاثين ألف تونسي من ليبيا.. رغم تنديد الاتحاد بالقرار الليبي و تقديم شكوى عن طريق السيزل الا ان الإعلام والخطاب الرسميين قدما الاتحاد للشعب التونسي للشغل في صورة المتواطئ مع القذافي والمنسق مع السلطات الليبية في شن الاضرابات في الداخل و طرد العمال التونسيين من الخارج في نطاق مؤامرة لارباك السلطة و تغيير نظام الحكم..

النتيجة يعرفها الجميع عندما تم الزج بعاشور في السجن بنفس هذه التهم.. و اعتقال المئات من النقابيين و طرد حوالي ثلاثة آلاف منهم من عملهم و تنصيب قيادة من النقابيين " الشرفاء" الذين قدموا أنفسهم كمحررين للاتحاد من الخونة لتصحيح مساره و العودة به إلى الصف الوطني، صف حشاد و التليلي الخ..

بعدها تم تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي و معه بدأ العد العكسي لجودة التعليم و العلاج و النقل العمومي و بداية انزلاق التوازنات المالية لصناديق الضمان الاجتماعي...
الاتهام نفسه وجه للاتحاد زمن الترويكا التي كانت تعتبر الاتحاد من أيتام الاستعمار ..

بل ويذهب بعض قادة و منظري الاسلام السياسي الى الدعوة الى إعادة كتابة تاريخ الاتحاد لإبرازعملية الغاء منصب الرئيس من قانون المنظمة والذي أدى إلى إزاحة الفاضل بن عاشور كانقلاب قام به العلمانيون المأمورون من الخارج ضد القيادة الإسلامية الشرعية و التاريخية للاتحاد ممثلة في شخص الشيخ الفاضل بن عاشور.
والخلاصة اننا يمكن ان نختلف مع الاتحاد .. و يمكن ان نعارض بعض خيارات قياداته.. و يمكن ان نغضب من بعض الممارسات النقابية ..

ولكن اتهام الاتحاد جهرا او سرا او ايحاء او بالقياس والمقارنة بالخيانة او العمالة يعتبر تجنيا على الاتحاد و طعنا لتاريخه الوطني و تنكرا لدوره قبل وبعد الاستقلال وخلال الثورة واستعادة لطريقة الاستبداد البائد في التعامل مع خصومه سواء كان الاتحاد او بقية القوى التي عارضت السلطة في فترات مختلفة والتي رميت كلها بـ "الصيد في الماء العكر والامتثال لاوامر اجنبية و استيراد الأفكار الهدامة من الخارج و التخابر مع جهات اجنبية" الخ..


قال الشاعر اولاد احمد في بيانه النقابي عندما اعتقل في دار الاتحاد سنة 1985:
نقابي
و معترف
و منضبط
و مختلف
و نور الفجر يغمرني
و هذا الليل منصرف