آخر ساعة

من قصص العيد، قالت لك أمك تعال، هاهي عينك مخبأة عندي.

في عائلة وفيرة الافراد، كان السباق على أشده للفوز بقطع لحم معينة من لحم الخروف. بعض أفراد العائلة ميالون الى لحم الرأس قبل غيره من بقية القطع. وكان كل منهم يوصي القائمة على الطبخ في المنزل بان تترك له على جنب قطعة معينة من لحم الرأس دون ان تعلم الاخرين.

لما جهز الرأس وهو مقطوع الى الفكين والاذنين والعينين واللسان، فقد اختلط  الامر على الطباخة ونسيت علاقة كل فرد من العائلة  بالقطعة التي أوصى بها. ولذلك وزعت القطع على من مثل أمامها. أبو خضراء كاتب هذه القصة أوصى بعين، لكنه لما حضر، وجد أن شقيقيه التهما العينين الاثنين ، فغضب وغادر المنزل.

خرجت والدته الى الحي تبحث عنه، فلم تجده. اذاك لجأت الى أترابه واصدقائه قئلة لهم : قولوا له قالت لك أمك " تعال، هاهي عينك مخبأة عندي. طبعا رضي ورجع الى البيت ولم يعلم ان والدته ذهبت الى جارتها القريبة واستلفت منها عين خروفها لفائدة ابنها الغاضب.


أبو خضراء

من عاداتنا في الأرياف، ونظرا لضيق ذات اليد، تستعد العائلات لاضحية العيد أشهرا طويلة قبل حلوله. هي في العادة تملك بعض النعاج والماعز كرأسمال عيني يقيها غوائل الدهر ويمكن ان تسد به حاجة طارئة. ومن ذلك القطيع الصغير تتفق العائلة على خروف يخصص لعيد الأضحى. يرعاه الجميع ويعملون على تسمينه وتنظيفه وأشياء أخرى.
كنت من بين هؤلاء، أتعهد بالخروف المختار، اسهر على توفير حاجياته. ما ان اعود من المدرسة حتى التقيه واخذه في نزهة قريبة. نشأت بيننا نوع من العلاقة الحميمة وكنت أزهو عندما آراه يتبعني وهو متحرر من قيده. اجري فيجري ورائي، أناوله بعضا من قطعة الخبز التي تعدها لي الوالدة، فيأكلها بنهم.
ذات سنة، وقد انتشرت عادة نطاح او تناطح الكباش، منعني الوالد منعا باتا من ان أشارك بخروف العائلة في هكذا تظاهرات. لأسباب عدة منها ان الخروف يمكن أن ينطح صاحبه او مربيه.
و
 فعلا، أخذته ذات أمسية للتجوال به غير بعيد عن المنزل. كنا نمشي خطوا بخطو لما أخذ يتأخر شيئا فشيئا لسبب لم أدركه في حينه.  وما هي الا لحظات حتى ركض ورائي ونطحني حتى طرحني أرضا.

" طارت لي منو" وصرت استعجل يوم العيد حتى يقع ذبحه. كنت آمل فعل ذلك حتى انتقم لنفسي. لكن أني ذلك والوالد هو من هو.
لما كان بصدد تقطيعه الى أجزاء، طلبت أن اساعده، ولما مكنني من ذلك، لم أحسن التعامل مع السكين الكبير، الذي ما ان حاولت قص قطعة لحم به، حتى انغرس في أعلى زندي الايسر.
صادف ان مرت الوالدة في تلك اللحظة فرات بعضا من الدم يتصبب من زندي، فحنقت وقالت للوالد: يا خي تسلخ في العلوش والا في الولد؟
لما كان قد اختلف معها في الصباح، رد عليها بغضب: هو سلخ نفسه، اما انت فابتعدي حتى لا اسلخك. 

أبو خلدون