دولي

عسل اليمن "المر" ضحية ألغام الحوثي والتغير المناخي

تواجه صناعة عسل النحل في اليمن صعوبات كثيرة يتعلق بعضها بالتصدير، وكذلك بحرب مليشيات الحوثي المستمرة منذ 2014 ما شكل حاجزا أمام القطاع الذي شكل في السابق مصدر فخر لليمن.

تقول الأمم المتحدة إنّ هناك "حوالي 100 ألف أسرة يمنية تعمل في تربية النحل وتعتمد عليها بوصفها المصدر الوحيد للدخل".

وفي العادة، يتنقّل مربو النحل بحسب مواسم الإنتاج من منطقة إلى أخرى في اليمن، بحثا عن النباتات المزهرة، ولكن الحرب غيرت ذلك.

وورث النحال اليمني محمد سيف المهنة عن أبيه وجده من قبله، ولكن صناعة العسل التي طالما كانت مصدرا لفخر اليمن، أصبحت مهمة شاقة في بلد تمزقه حرب طاحنة منذ سنوات.

وأسفل وادي الضباب في تعز في جنوب غرب البلد الفقير، يضج طنين النحل بينما يقف سيف عند الخلايا المستطيلة وهو يرتدي خوذة واقية ويفتح بيديه العاريتين إحداها ليخرج النحل منها.

وبخلاف ألغام مليشيات الحوثي، يواجه النحالون في اليمن تحديا إضافيا يتمثل في التغير المناخي واحتباس الأمطار.

وقبل الحرب، كان سيف يملك 300 خلية نحل ولكن عددها لم يعد يتخطى حالياً 80 خلية.

ويحكي النحال بأسى كيف اضطر للفرار عندما وصل القتال إلى قريته ليجد خلايا النحل خاصته مفقودة أو مسروقة.

ويقول "الحرب أثرت علينا بشكل كبير للغاية. ومخلفات الحرب أثرت على النحالين، وهناك تغير في البيئة"، موضحا " تم تدمير الكثير من المناطق التي يوجد فيها النحل"

وبالإضافة إلى المخاطر المتعلقة بالحرب، فإن الجفاف وانخفاض معدلات المتساقطات يشكل تهديدا إضافيا لصناعة العسل في اليمن، حيث أدى انخفاض معدل سقوط الأمطار إلى التأثير على الغطاء النباتي وقلت تغذية النحل.

وبحسب سيف فإنه وغيره من النحالين يعملون في مهنة "مهددة بالانقراض".

كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت في تقرير مؤخرا من أن اليمن تأثر "شأنه في ذلك شأن الكثير من البلدان المتضررة من النزاعات، بشكل أكبر من التغيرات المناخية. ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة، إلى جانب التغيرات الشديدة التي طرأت على البيئة، إلى اضطراب النظام الإيكولوجي للنحل الذي يؤثر على عملية التلقيح".

وبحسب اللجنة "انخفض معدل سقوط الأمطار عن المعتاد خلال هذا العام 2022. ومع انخفاض منسوب المياه الجوفية وزيادة التصحر، لم تعد المناطق التي كانت بيئة للأنشطة الزراعية وتربية النحل في السابق تحافظ على سبل العيش".

ويقول المتحدث باسم اللجنة الدولية بشير عمر لوكالة فرانس برس إن اللجنة "ستساعد أكثر من 400 نحال في مختلف المناطق اليمنية" هذا العام عن طريق تزويدهم "بخلايا النحل وتقديم التدريب الملائم لهم ليتمكنوا من رعاية النحل بالطريقة الصحيحة".

ولطالما عُرف اليمن بالعسل ذي الجودة العالية. ومن بين أبرز المنتجات عسل "السدر الملكي" الذي ينتج من نبتة السدر التي تنمو في الأراضي البرية والصحراوية في جنوب شرق اليمن، وخاصة محافظة حضرموت.

ويُعد هذا النوع من الأفضل في العالم، ويشيد الخبراء بفوائده الصحية الكثيرة مثل علاج الاضطرابات الهضمية.

ويُعرف هذا العسل بشدة كثافته، ويمكن حفظه لوقت طويل جدا ولكنه يُعد منتجا نادرا للغاية وباهظ الثمن أيضا. وهو يحظى بالتقدير في الخليج.

وبالإضافة إلى التغير المناخي والحرب، فإن اليمنيين العاديين لم يعودوا قادرين على شراء العسل مع الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

وفي متجر لبيع العسل في تعز، يقف نبيل الحكيمي في انتظار الزبائن الذين أصبحوا يعزفون عن شراء العسل إثر تدهور القدرة الشرائية.

ويوضح "قبل الحرب كنا قادرين على العيش والآن العسل تأثر بالحرب بشكل كبير جداً والمستهلك أيضاً تأثر بشكل كبير جدا بسبب اضطراب العملة".

ويشير التاجر إلى أن الناس لم تعد "قادرة على استخدام الكمية التي كانوا يستخدمونها في السابق. في السابق كنت أبيع 15 إلى 25 عبوة في الشهر، والآن لا أستطيع بيع عبوة واحدة".

وتابع "قد يستغرقني الأمر شهرين أو ثلاثة لبيع عبوة واحدة".