المحاكمة 49: غريب ان يحاكم هؤلاء من اجل الاعتداء على امن الدولة
الشعب نيوز. التوثيق. أصدقاء الاتحاد من المحامين والمدافعون هم من كل الاجيال ومن كل الاتجاهات. كانوا بالعشرات في الدفاع عن قادته ومناضليه كلما تعرضوا الى ازمة والى محاكمة. في هده الحلقة نلتقي الاستاد عبدالسلام القلال والي الكاف في الستينات والسبعينات، رجل الفكر والثقافة باعتباره أسس فرقة الكاف للتمثيل بادارة المرحوم المنصف السويسي وباعتباره جعل من بيت والده في صفاقس فضاء ثقافيا لافتا للانتباه.
قال الأستاذ عبد السّلام القلاّل
يحزّ في نفسي وانا اقف امام محكمتكم في هذه القضية التي تحال فيها مجموعة من الاطارات النقابية والحزبية لمحاكمتها من اجل الاعتداء على امن الدولة، والحال ان من بين هؤلاء من عرفتهم شخصيا ومنذ أمد طويل ولم أكن اتصور انه سَيُنْسَبُ اليهم في يوم من الايام تعمد تخريب تونس والاعتداء على أمنها الداخلي، وفيهم من اقدم على اعظم التضحيات كالحبيب عاشور الذي عرض صدره لرصاص المستعمر في حوادث 5 أوت 1947.
ان موكّلي في هذه القضية هو عبد العزيز بوراوي وهو من المناضلين الذين عرفتهم تونس بنضالهم المستميت داخل الحزب والاتحاد في سبيل استقلال تونس واسترداد سيادتها وارساء أسسها فهو ممن كرس حياته كاملة لخدمة بلاده وتحمل مختلف المسؤوليات داخل الحزب والاتحاد وباشر عضوية مجلس الامة من سنة 1959 الى يوم ايقافه.
ومضى الاستاذ القلال يقول: ان المحامي يجب ان يكون ملزما بدراسة ملف القضية دراسة عميقة بل هو مدعوّ الى الإحاطة بكل جزئيات الوقائع التي من اجلها احيل المتهمون حتى يؤدي الامانة وهو ما عزمت عليه وما كنت أمله منذ اليوم الذي اعلنت فيه نيابتي عن عبد العزيز بوراوي لكن مع الاسف وقد بين لسان الدفاع بالحاح السبب فاننا لم نتوصل الى ارضاء ضميرنا وواجبنا.
لم اتمكن من الرجوع الى عديد الوثائق
انني لم اتمكن من الرجوع الى عديد الوثائق المتضمنة لكتابات عبد العزيز بوراوي ولا الى تصريحاته ومواقفه داخل هياكل الاتحاد او مجلس الامة ولا للأوراق المضافة الى ملف القضية فكيف ادافع عنه في الاصل وابرز التعليلات التي تؤدي حتما الى براءته التي لا اشك فيها وهو عمل طبيعي وضروري في مثل هذه القضايا ولا يمكن بحال من الاحوال الاستغناء عنه والا تصبح مرافعة المحامين مجردة وخالية من وسائل الطعن الواقعية والقانونية.
وهو كذلك من باب توفير ابسط الضمانات القانونية لتمكين المنوب من الدفاع عن نفسه رائدنا في ذلك الفصل الثاني عشر من الدستور الذي يقول: «كل متهم بجريمة يعتبر بريئا الى ان تثبت ادانته في محاكمة تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه».
لما لم تستجب المحكمة في جلستها الثانية لمطلب التأخير شعرت بأنني لا استطيع ماديا ـ لضخامة الملف وضيق الوقت ـ القيام بالواجب على الوجه الاكمل فانسحبت.
ولما سخرتني المحكمة سجلت حضوري احتراما للقانون وواصلت الحضور في كل جلساتها ولم تتغير الظروف ولم ينقطع السبب.
وقد صرح منوّبي عند استنطاقه بأنه يتعذر عليه الاجابة عن التهم المنسوبة اليه الا اذا توفرت له الضمانات الكافية.
فكيف اذن والحالة تلك، استطيع القيام بدوري على الوجه الاكمل وأؤدي أمانة الدفاع.
ان الله لا يكلف نفسا الا وسعها وقد كلفتني المحكمة اكثر مما استطيع ولذا لا يسعني الا ان اتمسك في الاصل بما صرح به منوبي وقد صدع ببراءته وعلى المحكمة ان تحكم بعدم سماع الدعوى وتترك سبيله.
احد رؤساء رابطة حقوق الانسان
المحامي الثاني ال\ي نعرض الى ملرافعته ليس الا الأستاذ توفيق بودربالة، وهوال\ي اتفق الجميع دون خلاف على شخصه في ان يتولى رئاسة الرابطة التونسية لحقوق الانسان لما كان الرئيس بن علي يريد بكل الوسائل تطويعها او القضاء عليها. توفيق بودربالة نجح ايضا في رئاسة لجنة شهداء وجرحى الثورة ولقي من اجل دلك كل الاجماع.
افاد الاستاذ توفيق بودربالة في بداية مرافعته انه كان نائبا اصالة عن خمسة متهمين، ثم تعرض الى موضوع طلب التأخير ثم الانسحاب والتعيين وقال: انني اعتقد ان قرار التسخير لم يكن كامل الشروط القانونية وقد قالت المحكمة ظروف القضية دعت الى ذلك نحن نعرف انه لا وجود في النص القانوني المحدث لمحكمة امن الدولة ما يفيد انه يجب عليها ان تقضي يسرعة فيما يعرض عليها فلو انتصبت هذه المحكمة في اواخر شهر جانفي او اوائل شهر فيفري الفارطين وفي الظروف الاستثنائية آنذاك حالة (طوارئ ومنع جولان) لقلنا ان الامر يتطلب الفصل بسرعة لكن وقد مر 9 اشهر على تلك الاحداث فكيف يقال ان الامر يستدعي العجلة والسرعة.
كنت مع 7 محامين
لما سخرتني المحكمة تركت لي الصادق علّوش وقد كنت قبل ذلك نائبا عنه بمعية سبعة محامين من زملائي فتفاهمنا وتقاسمنا الاعمال لدراسة ملفه ولم نفلح، فكيف يمكن لي وانا وحيد ان أدافع عنه في الظروف التي وجدت بعد التسخير.
ان منوّبي لم ينكرني بل طلب الاتصال بي 5 دقائق فقط ما الذي كان سيقع لو مكنتني المحكمة من ذلك؟
ـ الرئيس: كان في امكانك ان تأتي عند انتهاء الجلسة وتطلب من المحكمة الاذن بزيارة الصادق علّوش.
الاستاذ بودربالة: كان ذلك مستحيلا ماديا بالنسبة إليّ.
وختاما لا يسعني الا ان اتمسك بما قاله منوّبي وما سجل عنه.