المحاكمة 50: قدح في شرعية محكمة أمن الدولة ونقد لتعيين أعضائها
محامون آخرون من فرسان البلاغة والفصاحة ومن تيارات فكرية متباينة التقوا في الدفاع بحماس واخلاص عن الاتحاد العام التونسي للشغل وعن قادته. ومن بين هؤلاء، نعد امرأة شجاعة، الاستادة راضية النصراوي وكانت في دلك الزمن / 1978/ في بداية عهدها بمهنة المحاماة. لم نأت على تفاصيل كل ما قالوه لانه في الغالب الاعم شبيه بما سبق وقاله زملاؤهم، فاكتفينا بأبرز ما اضاف كل منهم
الأستاذ عبد العزيز بالقاضي
ان اعتقادي راسخ بأن هذ القضية ليست كغيرها من القضايا لانها خطيرة ولانها تاريخية ولانها تحمل ابعادا متداخلة ومتشعبة وغامضة ومن وحي هذا الاعتقاد كنت من أول وهلة ومنذ ان وقع تكليفي المباشر اشعر بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي وكنت ايضا اجزم بأن الواجب المهني يتطلب مني ان اكون في مستوى هذه المسؤولية.
وبعد أن تعرض المحامي الى موضوع طلب التأخير ثم انسحاب الدفاع قال:
ولما عيّنتني المحكمة امتثلت ورابطت باستمرار بهذه القاعة وطالبت مع زملائي ما دام السبب بقي قائما بالتأخير مرة اخرى كما لو كنا نَائِبَيْن اصالة ولم تستجب المحكمة لمطلبنا، ولا فائدة في الاطالة ما دام زملائي قد اثاروا عدة عناصر قانونية وجيهة، ومع احترامي الكامل لرأي المحكمة فانني اقول ان الفصل 141 صريح في وجوب تعيين المتهم لمحاميه حتى اذا تعذر عليه ذلك او امتنع عدنا الى حالتنا هذه.
وازاء هذه الاسباب وهذه الاستحالة المادية الواضحة لا يسعني الا التمسك بتصريحات منوّبي التي تصدع ببراءته.
الأستاذ محمد الرافعي
قال بالخصوص :عندما اقف امام القضاء سواء امام هذه المحكمة او اي محكمة اخرى فاني اشعر بالاحترام لرسالة القاضي الذي له مسؤولية كبيرة ورسالة عظيمة.
وشعوري هذا ناتج عن أمرين الامر الاول ما كان عليه القاضي في تاريخنا العربي فقد كان القاضي الاسلامي لا يحكم اذا احس بجور السلطان وكان مثال النزاهة وتقدير المسؤولية والثاني عند توحيد القضاء في تونس فقد تسلم القضاء رسالته فكان اول جهاز معرب ولعله حتى الان هو الجهاز الوحيد المعرب.
هذه الاسباب تجل القضاء وتجعل رسالته جليلة وكذلك رسالة المحامي اذ يجب ان يتمكن من كل الاسباب للقيام بالواجب.
وبعد ان تحدث المحامي عن ظروف الدفاع في هذه القضية قال : لهذه الاعتبارات لا يمكن لي الدفاع واتمسك بما قاله المنوّب الذي هو نظيف كنظافة اتحاد الشغل.
٭ الاستاذة راضية النصراوي
قالت بالخصوص اتمسك بما قاله الزملاء الذين سبقوني على اني اريد ان اؤكد بعض النقاط ومنها ان قرار التعيين كان مخالفا للفصلين 136 و141 من مجلة الاجراءات الجزائية.
وبعد ان استعرضت المحامية نص هذين الفصلين واشارت الى حجم الملف طلبت من المحكمة اعفاءها من الدفاع في القضية فرفضت المحكمة طلبها بعد استشارة ممثل النيابة.
كما طالبت الاستاذة النصراوي بتأخير النظر في القضية.
ـ الرئيس: ان زملاءك لم يطلبوا التأخير، ما رأي النيابة.
ـ ممثل النيابة: هذا الموضوع اخذ حظه ولا فائدة في التأخير
ـ الرئيس: المحكمة ترفض الطلب
ـ الاستاذة النصراوي: اني مقتنعة ببراءة منوبي
ـ الرئيس: تطلبين ترك سبيله؟
ـ الاستاذة النصراوي: البراءة.
٭ الاستاذ سعيد الشابي
قال نحن على تمام العلم بان القضاء والمحاماة لا يمكن لهما ان ينفصلا عن بعضهما فهما متلاحمان مترابطان لاثبات الحق وانارة العدالة. على انه لا يمكن للمحامي ان يدافع في قضية هامة كهذه دون ان يطلع على وثائقها.
وبعد ان تحدث المحامي عن جميع مراحل هذه المحاكمة وموقف لسان الدفاع منها ذكر براي زملائه في خصوص الفصلين 136 و141 من مجلة الاجراءات الجزائية كما ذكر بموقف منوبه وبالاوصاف التي اطلقتها بعض الصحف على لسان الدفاع وتساءل، هل ان الدفاع يستطيع القيام بواجبه وهو لم يتمكن من الاطلاع على وثائق القضية وان المتهمين رفضوا المحامين المسخرين وقال في خاتمة مرافعته: اضم صوتي الى صوت منوبي علالة العامري واتمسك بما قاله.
تنويه: في الصورة المرافقة، ووصلا للحاضر بالماضي، نرى الاخ نورالدين الطبوبي بصدد تقديم باقة زهور الى الاستادة راضية للاطمئنان على صحتها وتكريمها كمحامية وقفت دوما الى جانب الاتحاد والنقابيين وكامرأة مناضلة سخرت جهدها وحياتها للدفاع عن قضايا الحق والعدل.