دولي

من اغتيال الحريري إلى انفجار مرفأ بيروت... عودة على عقدين من الأزمات في لبنان

يحيي اللبنانيون الخميس الذكرى السنوية الثانية لانفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة 215 شخصا ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه رمز للفساد وسوء الحكم من قبل النخبة التي تتولى السلطة. نعود في هذا المقال على أهم الأزمات التي مر بها لبنان على مدى العقدين الماضيين منذ اغتيال رفيق الحريري وصولا للانهيار الاقتصادي.

على وقع استمرار الأزمة المالية وحالة الجمود السياسي، يحيي لبنان الخميس الذكرى السنوية الثانية لانفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة 215 شخصا.

ويعد الانفجار الهائل محطة جديدة شاهدة على الأزمات الخانقة التي عرفتها البلاد على مدى العقدين الماضيين. كما أن لبنان لم يشهد استقرارا يُذكر منذ نهاية الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و 1990. إليكم عودة على أهم محطات الأزمات الأمنية والسياسية في البلاد.

- 2005: اغتيال رفيق الحريري

اُغتيل الملياردير ورئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 14 فيفري عندما انفجرت قنبلة ضخمة أثناء مرور موكبه في بيروت، مما أسفر أيضا عن مقتل 21 شخصا.

واندلعت مظاهرات حاشدة ألقت بمسؤولية الاغتيال على سوريا، التي نشرت قوات خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما وأبقتها هناك بعد نهايتها في عام 1990. وتنفي سوريا أي دور لها في العملية.

ونظم الشيعة من حلفاء دمشق في لبنان، بمن فيهم جماعة حزب الله المدعومة من إيران، مسيرات كبيرة لدعم سوريا لكن الضغط الدولي أجبر قوات دمشق على الانسحاب. واغتيل ثلاثة معارضين لسوريا هم سمير قصير وجبران تويني وجورج حاوي.

- 2006: حرب إسرائيلية جديدة على لبنان

في جويلية 2006، عبرت قوات حزب الله الحدود إلى إسرائيل، واختطفت جنديين إسرائيليين وقتلت آخرين مما أشعل فتيل حرب استمرت خمسة أسابيع. وقُتل ما لا يقل عن 1200 شخص في لبنان و158 إسرائيليا.

وبعد الحرب، اشتعل التوتر في لبنان بشأن ترسانة أسلحة حزب الله. وفي نوفمبر، انسحب حزب الله وحلفاؤه من الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء المدعوم من الغرب فؤاد السنيورة ونظموا احتجاجات في الشوارع ضدها. وفي ونفس العام، اغتيل السياسي المناهض لسوريا بيار الجميل في نوفمبر.

- 2007 اعتصام أنصار حزب الله في بيروت

نظم حزب الله وحلفاؤه اعتصاما في وسط بيروت للاحتجاج على حكومة السنيورة طيلة العام. وكان مطلبهم المعلن الحصول على حق النقض في الحكومة. وقُتل عضوا مجلس النواب المعارضان لسوريا، وليد عيدو وأنطوان غانم.

- 2008: توقيع اتفاق سياسي في قطر

قُتل ضابط المخابرات في قوى الأمن الداخلي وسام عيد الذي كان يحقق في اغتيال الحريري في انفجار سيارة مفخخة في جانفي . وفي ماي، حظرت الحكومة شبكة اتصالات حزب الله. ووصف حزب الله تحرك الحكومة بأنه إعلان حرب وسيطر على غرب بيروت الذي تقطنه أغلبية مسلمة في تحرك انتقامي.

وبعد وساطة، وقع الزعماء المتناحرون اتفاقا في قطر لإنهاء 18 شهرا من الصراع السياسي.

- 2011: انهيار حكومة سعد الحريري

انهارت الحكومة بقيادة نجل الحريري ووريثه السياسي سعد عندما استقال حزب الله وحلفاؤه بسبب التوتر بشأن المحكمة التي تدعمها الأمم المتحدة وتنظر في اغتيال رفيق الحريري.

- 2012: حزب الله يتدخل في سوريا

انتشر مقاتلون من حزب الله في سوريا لمساعدة قوات الرئيس بشار الأسد في مواجهة تمرد شعبي. وفي ، أدى انفجار سيارة مفخخة إلى مقتل المسؤول الأمني ​​الكبير وسام الحسن، الذي اعتقل جهازه الأمني ميشال سماحة، وهو وزير سابق متحالف مع سوريا ومتهم بنقل قنابل تم تجميعها في سوريا لشن هجمات في لبنان.

- 2013: مقتل مستشار الحريري في انفجار

قُتل محمد شطح، الوزير السابق ومستشار الحريري، في انفجار قنبلة.

- 2017: احتجاز سعد الحريري في السعودية

واجهت السعودية، الغاضبة من دور حزب الله المتنامي في لبنان، اتهامات باحتجاز سعد الحريري في الرياض وإجباره على الاستقالة. وكان الحريري قد أصبح رئيسا للوزراء مرة أخرى في عام 2016 في صفقة أصبح فيها ميشال عون، حليف حزب الله، رئيسا للبنان. ونفت كل من الرياض والحريري احتجازه في المملكة.

- 2018: حزب الله يفوز بالانتخابات البرلمانية

فاز حزب الله وحلفاؤه بالأغلبية في أول انتخابات برلمانية بلبنان منذ عام 2009.

- 2019: اندلاع ثورة أكتوبر في أعقاب انهيار اقتصادي

على الرغم من الركود الاقتصادي وتباطؤ تدفقات رأس المال، فشلت الحكومة في تطبيق إصلاحات قد تفتح الباب أمام الدعم الأجنبي. وفي أكتوبر، أشعل تحرك حكومي لفرض ضرائب على المكالمات عبر الإنترنت احتجاجات حاشدة ضمت طوائف مختلفة اتهمت النخبة الحاكمة بالفساد وسوء الإدارة.

واستقال الحريري في 29 أكتوبر، بينما تسارعت وتيرة الأزمة المالية. وتم تجميد أموال المودعين وسط أزمة سيولة في العملة الصعبة وانهيار العملة المحلية.

- 2020: انفجار مرفا بيروت

أصبح حسان دياب الأكاديمي غير المعروف رئيسا للوزراء في جانفي بدعم من حزب الله وحلفائه. وتخلف لبنان عن سداد ديونه السيادية في مارس . وتعثرت المحادثات مع صندوق النقد الدولي بسبب مقاومة الأطراف الرئيسية والبنوك المؤثرة لخطة التعافي المالي.

وفي الرابع من أوت ، انفجرت كمية كبيرة من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، مما أسفر عن مقتل 215 شخصا وإصابة ستة آلاف وتدمير مساحات شاسعة من بيروت.

واستقالت حكومة دياب وتم تكليف الحريري بتشكيل حكومة جديدة لكن الخلاف استمر حول الحقائب الوزارية. وأدانت محكمة تدعمها الأمم المتحدة عضوا في حزب الله بالتآمر لقتل رفيق الحريري بعد 15 عاما من اغتياله. وينفي حزب الله أي دور له في الجريمة.

- 2021: أزمة مالية غير مسبوقة وانسداد سياسي

تفاقمت حالة الفقر بالبلاد. وتخلى الحريري عن جهوده لتشكيل حكومة وتبادل مع الرئيس ميشال عون الاتهامات بالمسؤولية عن الفشل. وفي أوت، أعلن البنك المركزي أنه لم يعد بإمكانه تمويل دعم واردات الوقود، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء ونقص الوقود وتسبب في أعمال عنف متفرقة في محطات الوقود.

وفي سبتمبر، بعد أكثر من عام من الخلافات حول الحقائب الوزارية، تم الاتفاق أخيرا على حكومة جديدة بقيادة نجيب ميقاتي.

وسرعان ما حادت الحكومة عن مسارها بسبب التوتر بشأن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. وطالب حزب الله وحليفته حركة أمل بإقالة قاضي التحقيق طارق بيطار بعد أن وجه اتهامات إلى بعض حلفائهما.

ودعت الأحزاب الشيعية إلى الاحتجاج على القاضي. وقتل ستة من مؤيديهم بالرصاص عندما اندلعت أعمال عنف، وألقى حزب الله بالمسؤولية على حزب القوات اللبنانية المسيحي الذي نفى بدوره التهمة.

وتوقف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بسبب تدفق الشكاوى القانونية ضد القاضي من قبل مسؤولين اتهمهم بالضلوع في الكارثة.

وفي أكتوبر، استدعت دول الخليج سفراءها وحظرت السعودية جميع الواردات اللبنانية احتجاجا على تصريحات وزير متحالف مع حزب الله انتقد فيها المملكة بسبب الحرب في اليمن.

- 2022: انهيار الليرة اللبنانية

في جانفي ، انخفضت الليرة اللبنانية إلى 34 ألفا مقابل الدولار لتفقد أكثر من 90 بالمئة من قيمتها منذ عام 2019. ووجه البنك الدولي انتقادات حادة للنخبة الحاكمة لدورها في واحدة من أسوأ الانكماشات في الاقتصادات الوطنية في العالم بسبب سيطرتها على الموارد.

وأعلن الحريري أنه لن يخوض الانتخابات البرلمانية. وفي أفريل، توصل لبنان إلى مسودة اتفاق مع صندوق النقد الدولي من أجل دعم محتمل بقيمة ثلاثة مليارات دولار، معتمدا على قيام بيروت بتنفيذ إصلاحات طال انتظارها.

في ماي خسر حزب الله وحلفاؤه أغلبيتهم البرلمانية في الانتخابات. لكن الأحزاب المهيمنة منذ فترة طويلة ما زالت تحتفظ بقبضتها، حيث أعادت تعيين السياسي الشيعي نبيه بري رئيسا لمجلس النواب وعينت ميقاتي لتشكيل حكومة جديدة.