وثائقي

المحاكمة 50 : هوامش لم تظرفها التقارير الرسمية ولم تنشرها الريبورتاجات الصحفية

تعتبر محاكمة القيادة النقابية خريف 1978 والتي اتهم أعضاؤها بمسؤولية الاحداث التي ترتبت عن اضراب 26 جانفي 1978 واحدة من اكبر المحاكمات السياسية التي شهدتها البلاد بعد استقلالها. واللافت للانتباه ان بعضا من أعضاء القيادة ساهموا وان باقساط متفاوتة في معركة تحرير البلاد وخاصة في بناء دولة الاستقلال.
تعرضنا في 49 حلقة خلت الى مختلف تفاصيل المحاكمة ولم يبق الا ان تتطرق الى ما يسمى بأعدار المتهمين والاحكام. لكن قبل اخترنا ان نتوقف عند ما يسميه الصحفيون،الهوامش، وهي اشارات الى احداث ومواقف لا تخضع بالضرورة الى النقل الصحفي العادي وقد تمر على الكثيرين فلا ينتبه اليها الا القليلون.
في هدا الباب، جمعنا ما أمكن من الهوامش نأتي عليها في ما يلي: 
    
٭استغرقت الجلسة الافتتاحية للمحاكمة ما لا يقل عن 6 ساعات و30 دقيقة واستغرقت تلاوة قرار ختم البحث وحده 4 ساعات و20 دقيقة.
 ٭حضر أطوار الجلسة الاولى للمحاكمة عدد من الضيوف الاجانب منهم الأستاذ ساردا محامي الكنفدرالية الدولية للنقابات الحرة (السيزل ) والرفيق فان دكر فيكن أمينها العام المساعد وكذلك الدكتور حمودة بن سلامة عن الرابطة التونسية لحقوق الإنسان.
٭ يبلغ عدد المحامين الذين يرافعون عن أعضاء المكتب التنفيذي رقما هائلا، ويتوزعون كالآتي : الحبيب عاشور 16 محاميا ، عبد العزيز بوراوي13 ، خير الدين الصالحي  5 ، حسن حمودية 10 ، الصادق بسباس 7 ، الطيب البكوش 9 ، محمد بن عزالدين 4 ، محمد الصالح بن قدور 3 ، مصطفى الغربي 4 ، الصادق علوش 6 ، عبد الحميد بلعيد 7، عبد الرزاق غربال 8 ، عبد الرزاق أيوب 7.
٭يتكون ملف القضية من قرابة 5 آلاف ورقة جمعت في 9 حافظات وثائق من الورق المقوى.
٭دعا رئيس المحكمة السيد الحبيب عاشور لكي يأخذ الكلمة أمام الميكروفون ويطلب من الحاضرين (من عائلات المتهمين )  بأن يتابعوا المداولات في هدوء وصمت ، ولما صعد السيد الحبيب عاشور على مقعده ليواجه الحاضرين ، قابله هؤلاء بالتصفيق  والهتاف ، الشيء الذي دفع بالمحكمة لكي تدعوه للنزول والجلوس في مكانه.
٭تم  جلب المتهمين إلى قاعة المحكمة حوالي الساعة التاسعة وعشرين دقيقة وبمجرد دخولهم بادروا بتقبيل بعضهم البعض وقد احتضن السيد الحبيب عاشور السيد عبد العزيز بوراوي طويلا.
٭قدم احد المحامين إعلاما بنيابته على المتهم واتضح انه لم يرد اسم هذا المتهم في قائمة المحالين على محكمة أمن الدولة  كما اتضح انه لم يقع جلبه  إلى القاعة ولما تساءل المحامي عن ذلك أجابه  الرئيس قائلا : لقد ارحت واسترحت.
٭ احضر المحجوز في ساعة مبكرة من الصباح على متن سيارة تابعة لإدارة الإصلاحيات وقد تمثل في 3 براميل محشوة كرات حديدية ، ويبدو ان البرميل الواحد منها كان جد ثقيلا بدليل ان أربعة أشخاص تعاونوا على حمله لكي ينقل من السيارة إلى قاعة المحكمة.
٭لم يكف المقعد المخصص للزملاء الصحافيين فالتجأ البعض منهم إلى البقاء وقوفا طيلة المداولات.
٭بمجرد ان شرع رئيس المحكمة في تلاوة قرار ختم البحث، ترك الأساتذة المحامون أماكنهم وخرجوا من القاعة ولم يعد منهم الا عدد قليل لمتابعة تلاوة القرار.
٭كل المتهمين متزوجون وتتراوح أعمارهم بين 31 و65 عاما ولهم أبناء .
٭أثناء فترة الاستراحة امتلأ مقهى ثكنة باردو أين تقع محكمة أمن الدولة بالحاضرين من الأساتذة المحامين والزملاء الصحفيين وقد تمثلت طرافة المقهى في أثمان المشروبات التي تباع والتي بدت جد زهيدة. 

٭ حضر الجلسة الموالية، بصفة ملاحظ كل من السادة ارفنيق براون ممثل النقابات الامريكية في اوروبا وجون فان درفيكن الامين العام المساعد للجامعة الدولية للنقابات الحرة والاستاذ ساردا محامي نفس الجامعة وبونا كورسي ممثل القوى العمالية الفرنسية والاستاذ سعدون الزمرلي والدكتور حمودة بن سلامة بوصفهما ممثلي الرابطتين التونسية والدولية للدفاع عن حقوق الانسان.
٭ لم يحضر من المتهمين في الجلسة  الا محمد الشلي ومسعود كليلة والبشير المبروك وهم بحالة سراح اما سعيد قاقي فقد تغيب بسبب المرض.
٭ كان من المنتظر ان تشرع  محكمة امن الدولة في الاستنطاق وقد اعلن الرئيس ان المحكمة امرت باحضار عدد من الموقوفين لكنهم لم يدخلوا القاعة.
٭ وقع الحديث منذ بداية المحاكمة عن السيد مصطفى عياد عضو هيئة المحكمة وعضو مجلس الامة وقد ذكر اسمه في مطالب التجريح وردود السيد محمد الصالح العياري الرئيس الاول لمحكمة أمن الدولة لكن عضو مجلس الامن المنتمي الى هيئة المحكمة المباشرة للقضية كان السيد عبد الحكيم العيادي، النائب عن جهة جندوبة..
٭ نصوص  قانونية  تردد ذكرها باستمرارن فمادا حوت؟
٭ الفصل 141 من مجلة الاجراءات الجزائية:
على المظنون فيه الواقع تتبعه من اجل جناية او جنحة تستوجب العقاب بالسجن ان يحضر شخصيا بالجلسة ويمكنه في الجنح التي لا تستوجب العقاب بالسجن وفي كل الصور التي وقعت فيها مطالبته مباشرة من القائم بالحق الشخصي ان ينيب عنه محاميا وللمحكمة ان تأذن بحضوره شخصيا ان رأت في ذلك فائدة.
واذا لم يحضر المظنون فيه بعد استدعائه قانونا او لم يحضر في الصور المبينة بالفقرة الثانية جاز للمحكمة الا تتوقف على ذلك لمباشرة المرافعة وان تصدر عليه حكما غيابيا اذا لم يبلغه الاستدعاء شخصيا او حكما يعتبر حضوريا اذا بلغه الاستدعاء شخصيا وللقائم بالحق الشخصي في كل الأحوال ان ينيب عنه محاميا الا اذا اذنت المحكمة بحضوره شخصيا.
اما المسؤول مدنيا فله في كل الاحوال ان ينيب عنه محاميا والاستعانة بمحام وجوبية امام المحكمة الجنائية.
فاذا لم يعين المتهم محاميا يعين الرئيس من تلقاء نفسه احد المحامين للدفاع عنه.
٭ الفصل 35 من مجلة ممارسة المحاماة
يمكن للجنة الاعانة العدلية او لرئيس المحكمة في الصور التي يسمح فيها القانون بذلك انتداب محام للنيابة عن الخصم.
ويجب على المحامي المنتدب كما ذكر قبول النيابة ومباشرتها على الوجه الاتم الا اذا حدث له قبل ان يعد انتدابه عذر شرعي يمنعه من ذلك فيتحتم عليه انهاؤه للسلطة التي انتدبته حالا ولا يعتبر متخليا الا اذا اتصل منها باعلام يعفيه من ذلك وفي خلال مدة انتظاره للاعلام المذكور يجب عليه ان يباشر ما تتأكد مباشرته من الاعمال التي تفوت بدونها الحقوق.
٭ الفصل 11  من  قانون  جويلية  68  المحدث  لمحكمة  امن  الدولة
يطلب حاكم التحقيق من ذي الشبهة عند حضوره لديه لاول مرة ان يعلمه في اجل اربع وعشرين ساعة بمحاميه والا يسخر له محام من طرف عميد المحامين او من طرف رئيس المجلس.
٭ بمجرد  ان انتهت  الجلسة وبعد ان اعلن الرئيس عن تأخيرها طالب جمع من النقابيين الموقوفين من المجلس بالسماح لأقاربهم بزيارتهم وقد ظل السيد عبد الحكيم العيادي واقفا عدة لحظات يستمع الى طلباتهم هذه قبل ان يلتحق ببقية اعضاء المحكمة الذين غادروا القاعة.
٭ من يدخل قاعة المحكمة قبل ان يعقد المجلس مداولاته يلاحظ ان كل الحاضرين ينغمسون منذ الصباح الباكر في قراءة الصحف الصباحية.
٭ وضعت امام هيئة المحكمة 9 صناديق خضراء اللون وقد اتضح انها تضمّ كل الاوراق والوثائق الخاصة بالقضية والتي يصل عددها حسب اخصائية المحامين الى اكثر من 10 آلاف صفحة.
٭ لاحظنا ان السيد الحبيب عاشور  يتناول بعض الاقراص اثناء مداولات المحكمة، وقد قام في احدى المرات بتوزيع كمية منها على بعض رفاقه.
٭ تسمح المحكمة للنقابيين بالتحول الى بيت الراحة اثناء انعقاد الجلسة كلما طلب احدهم ذلك.
٭ بتدخل من بعض المسؤولين امكن لعائلات واقارب النقابيين ان يضعوا قفاف الأكل في السيارات التابعة للسجن على ذمة الموقوفين.
٭ علمنا ان المحامين قدموا عريضة الى المحكمة الادارية طالبوا فيها بايقاف تنفيذ امر محل طعن وهو الامر الصادر في 17 اوت 1978 الذي عُيِّنَ بمقتضاه اعضاء محكمة أمن الدولة.
وعلمنا انه بموجب الفصل السادس من قانون غرة جوان 1972 المؤسس للمحكمة الادارية يخول لهذه الاخيرة ان تنظر استعجالينا في مثل هذا الطلب.