هل قصر الديلوماسيون التونسيون في حق بلادهم حتى يطلب الاخرون تأجيل قمة جربة ؟
الشعب نيوز/ المحرر. تسعى دولة كندا الى تأجيل قمة جربة 2022 للفرنكوفونية مرة ثانية. فقد نشرت صحيفة " لابريس " الكندية القريبة من الحكومة الكندية والمتحدثة باسمها مقالا كتبه اثنان من صحفييها يدعوان فيه إلى تأجيل قمة جربة للفرنكفونية 2022 مرة أخرى، بسسب ما سمياه "فقدان الديمقراطية في تونس وعدم وجود حكومة شرعية في البلاد." وذهبت الصحيفة إلى أكثر من ذلك حيث لم تتردد في وصف رئيس الدولة حرفيا بـــ"المستبد بالسلطة الذي أطاح بحكومة منتخبة". واستشهدت على قولها هذابشخص تونسي غير معروف وبأمين عام سابق للمنظمة.
فهل أن ادعاء الصحيفة المذكورة هو الذي يقف وحده وراء طلب تأجيل القمة للمرة الثانية؟ سؤال محير دون أدنى شك لما نعلم ان الطلب صدر نفس الدولة وخاصة لما نقرأ منشورا يعلن كاتبه " أنه من الطبيعي أن أعمالك الخارجية يمكن ان لا تنجح رغم اراتك الصادقة عندما تلحظ أن جزء من السلك الديبلوماسي العامل لدولتك يعمل ضدك، عن قصد أو عن غير قصد."
من هنا نشأت الفكرة
صاحب المنشور ليس الا الدكتور خليل بن عبدالله وهو الديبلوماسي المباشر الى حد الان في احدى الدول الافريقية والمتمرس بالعمل الديبلوماسي الذي باشره ممثلا للدولة التونسية لدى عدة عواصم ومنظمات دولية منها منظمة الفرنكوفونية نفسها.
يقول الدكتور خليل بن عبدالله إن " قمة جربة للفرنكفونية 2022 تهمني شخصيا وأكثر من غيري باعتباري صاحب فكرة تنظيمها في تونس منذ 2013 لما كنت ممثل تونس في اجتماعات منظمة الفرنكفونية بباريس طيلة خمس سنوات (2012-2017). وأذكر جيدا أن وزير الخارجية آنذاك عثمان الجرندي جاء لتمثيل تونس في اجتماع اللجنة الوزارية للفرنكفونية يوم 08 نوفمبر 2013. طرحت عليه الموضوع فأعطاني الموافقة على بدء العمل على الموضوع داخل اجتماعات المنظمة في انتظار أن يأتي طلب رسمي من الحكومة التونسية.
نضجت الفكرة ولقيت صدى في المنظمة وفي تونس وأخذت تكبر شيئا فشيئا وتحمس لها وعمل على انجاحها أناس أخرون في مستويات أخرى ومواقع أخرى الى أن توصلنا في قمة أنتانا ناريفو 2016 بمدغشقر الى قرار بتنظيمها في تونس سنة 2020 بمناسبة الذكرى 50 لتأسيس المنظمة باعتبارتونس دولة مؤسسة من خلال الزعيم بورقيبة..الا أن جائحة كوفيد 19 منعت انعقادها لأسباب موضوعية وتأجلت مرة أولى الى سنة 2021.
الجائحة نعم وهناك تقصير
لكن مع الجائحة، حصل نوع من التقصير حيث ان الديبلوماسي التونسي الذي آلت اليه مسؤولية المتابعة فشل في عمله باعتباره كان يتسلى طيلة 5 سنوات بربط علاقات شخصية تنفعه، أكثرمما كان يدافع عن بلاده ودولته وشعبه وباختصار شديد،حسنا فعلت الدولة بإقالته منذ أشهر. فمثلما يوجد قضاة وأمنيون ومحامون وصحفيون وموظفون " مخاوزين " وعملاء للخارج ، هناك أيضا دبلوماسيون "مخاوزين" يدينون بالولاء لأفكارودول أجنبية قبل الولاء لبلادهم."
يختم الدكتور خليل بن عبدالله منشوره بالحديث عن المواصفات المطلوبة في الديبلوماسي الحديث. يقول: " الدبلوماسي التونسي اليوم في العالم الواعي هو أقرب للعسكري في الصفوف الأولى خارج الإقليم الترابي أكثر من أي وظيفة أخرى وهو امتداد لسلطة بلاده في الخارج واثق من نفسه معتز ببلاده وشعبه إلى حد الغرور مدرك لأهمية تونس الجغرافية والإستراتيجية وحتى الإقتصادية بالنسبة للآخر الحضاري المجاور.
هو مثقف، مليء الرأس، طليق الأفكار واللسان وان لزم سليطه، نبيه، " ضامر وملايكته خفيفة"، قادرعلى كسب ود وإعجاب السيدات بالخصوص، لا مجال عنده للإحساس بالدونية مع الأجنبي وخصوصا مع الأجنبي الأبيض وولا مجال لكي يكون عنصريا مع الأفارقة السود والعرب.
تجربة التمثيل الدبلوماسي التونسي في منظمة الفرنكفونية في السنوات الأخيرة أقل ما يقال فيها أنها فتح الإستثمار للحساب الخاص وتكوين دفتر علاقات شخصية أكثر منها خدمة لقضية وطنية.
قيم لا تعني التبعية للخارج
قيم الفرنكفونية (ديمقراطية، حقوق إنسان، حرية معتقد، حرية تعبير، مساواة مرأة-رجل، تعليم عمومي متيسر، صحة مجانية، طفولة محمية، تكنولوجيا رقمية في متناول الجميع، فرصة شغل في إمكان الجميع بالتساوي...) هي قيم نشترك فيها مع فضائنا الفرنكفوني ولا يعني بالضرورة تبعيتنا لخارج ما..
بقاء قمة 2022 في جربة وانعقادها فعليا يتطلب أولا إيمان الدبلوماسيين قبل غيرهم بهذه القيم الفرنكفونية الإنسانية ودراية ومعرفة بها وصوت عال ودبلوماسيون أشبه بالعسكريين."
للاطلاع على مقال جريدة لابريس الكندية :
https://www.lapresse.ca/actualites/politique/2022-08-02/situation-politique-en-tunisie/le-canada-favorable-a-un-autre-report-du-sommet-de-la-francophonie.