آراء حرة

أيّ دور للآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية في التكوين الجامعي في العلوم الأساسية والتقنية؟

بقلم الاستاذ نزار بن صالح* 

تطرح هذه الورقة العلمية تفكيرا حول الدور الذي يمكن أن تقوم به الآداب والفنون والعلوم الإنسانية والاجتماعية في التكوين الجامعي المختصّ بالعلوم الأساسية و/أو التقنية. وقد قدح فينا هذا التفكير نزوعُ التكوين الجامعي العلمي و/أو التقني بشكل كبير إلى التركيز على المعادلات الرياضية وإلى حثّ الطلبة – لاسيما في المستوى الأول من الإجازة - على التمرّس بهذه المعادلات، دون ربطها بالمسار العلمي الضروري الذي يؤدّى إليها.

هذا المسار بالذات هو الذي نروم لفت الانتباه إليه، قصد الوعي بمختلف المقاربات والفرضيات التي يقوم عليها وشرح ما قد يؤدي إليه تجاهلُها من منزلقات على كل من يستعمل المعادلات بصفة مكثّفة ولا واعية. ولعل أهمّ هذه المخاطر تكوين عقل قائم على ثنوية مطلقة، من شأنه إذا ما تملّك بالإنسان أن يجعل تفكيره تفكيرا مزدوجا قائما على القطبية المطلقة في كل مجالات المعرفة والحياة، وهذا لا يمكن أن يؤدي إلا إلى ضيق الأفق والتعصّب.

درءا لهذا الخطر ولغيره، يمكن للآداب والفنون والعلوم الإنسانية والاجتماعية أن تضطلع بدور كبير نظرا إلى ما تتميز به من بعد تنسيبي ومن فكر نقدي. وقد تفطنت إلى هذا الدور أعرق الجامعات العالمية وكبراها في مجال العلوم الأساسية والتقنية، حتى أنها أقحمت الإنسانيات والفنون ضمن مساراتها التكوينية الأساسية، نذكر من هذه المؤسسات المرموقة على سبيل المثال: المدرسة التقنية الفدرالية بلوزان، جامعة ماقيل، جامعة مونتريال ومدرستها التقنية.

في نفس هذا الإطار، نقترح أن يتمّ إقحام ثلاثة دروس أساسية في مسار التكوين الجامعي الخاص بالعلوم الأساسية و/أو التقنية: درس في فلسفة العلوم، ودرس في تاريخ الأفكار العلمية وتطورها، ودرس في الحضارة العربية أو الآداب، يركّز على البعد النقدي وعلى تعدّد الرؤى والتأويلات تحقيقا للأهداف المرجوّة منه

-------

* أستاذ تعليم عال في الهندسة الميكانيكية، جامعة تونس، الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي