في لبنان مؤسسات رسمية منهارة وسط شلل سياسي وأزمة اقتصادية خانقة
أتى الإنهيار الاقتصادي الذي يعصف بلبنان منذ نحو ثلاث سنوات، على مؤسسات حكومية نهشها الفساد والمحسوبية لعقود، فلم تعد قادرة على تقديم سوى ما قلّ من خدمات لمواطنين منهكين يبحثون عن سُبل للاستمرار في بلد يبدو الأمل بالنهوض به ضئيلاً.
ومنذ بدء الإنهيار، تتكرّر إضرابات موظفي القطاع العام الذين تدهورت رواتبهم جراء انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار في السوق السوداء، وآخرها بدأ في منتصف جويلية. وانضم إليهم القضاة منذ نحو أسبوعين بالإعلان عن إضراب مفتوح في انتظار أن تجد الحكومة حلاً لمشاكلهم المادية.
في قصر العدل الذي يأكل العفن والرطوبة جدرانه مع عدم وجود إمكانات لصيانة أو تصليحات، علِق قضاة في المصاعد جراء الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، ومنهم من تعثّر وسقط على السلالم وسط الظلام، وبينهم قاضية كسرت يدها مؤخراً جراء ذلك.
أما الحمامات فحدّث ولا حرج، المياه مقطوعة عنها منذ فترة.
كما يضطر القضاء لشراء مستلزمات مكاتبهم من مالهم الخاص.
وتتكرّر المعاناة ذاتها في كل الوزارات والمؤسسات الرسمية.
وبالطبع، انعكس تدهور مؤسسات الدولة على الخدمات المقدمة للمواطنين الذين بات من الصعب عليهم حتى استخراج إخراجات قيد أو جوازات سفر، إذ ليس هناك حبر أو أوراق كافية.
كما علّقت السلطات اللبنانية لأكثر من شهر إصدار جوازات سفر بعدما شارف مخزون الأمن العام من المستلزمات على النفاد. وبرغم استئناف إصدار جوازات السفر في جوان، ينتظر المواطنون أشهراً طويلة قد تصل إلى سنة لحجز موعد لمعاملة جواز السفر.
وجراء انفجار مرفأ بيروت قبل عامين، طالت الأضرار مؤسسات حكومية عدة بينها مؤسسة كهرباء لبنان، ومقار وزارات عدة مثل الخارجية والبيئة والمالية. ولا يحضر إلى الوزارات سوى عدد قليل من الموظفين.
في مرفأ بيروت، يعمل موظفو الجمارك في كرافانات، بدلاً من مبناهم المتضرر، ولم يتمكن موظفو وزارة الخارجية حتى الآن من العودة إلى مكاتبهم التي استعاضوا عنها بمقر مؤقت آخر.
أما وزارة البيئة، فيعمل موظفوها القلائل تحت ألواح مربعة تتدلى من الأسقف الاصطناعية.
ويواظب الموظفون على الحضور إلى مبنى جدرانه محترقة ومصدعة.