الآثار النفسية "الشبح" الآخر الذي يلاحق المصابين بجدري القردة حتى بعد الشفاء
إن الأعراض الجسدية المصاحبة للإصابة بفيروس جدري القردة معروفة للجميع، ولكن إضافة للالتهابات الجلدية والتعب الشديد ونوبات الحمى فإن عددا من المرضى الحاليين وأولئك الذين شفوا من المرض أبلغوا عن إصابتهم أيضا بتداعيات نفسية مختلفة متعلقة بالآلام الشديدة والنقص الواضح في المعلومات ناهيك عن الدعم الطبي النفسي، دون الحديث بالطبع عن النظرات السيئة التي تلاحقهم بل وحتى التمييز الذي يلحقهم.
في الوقت الذي طمأنت فيه منظمة الصحة العالمية ، الثلاثاء 30 أوت الماضي، لوجود علامات" مشجعة " تتعلق بمكافحة وباء جدري القردة في أوروبا، تشدد بعض الجمعيات على أن آثارا أخرى قد تكون دائمة تظهر على المرضى. ليس فحسب الالتهابات الجلدية، وصداع الرأس والحمى الشديدة... ولكن أيضا الآثار النفسية التي تمتد لما بعد الشفاء الجسدي من المرض.
في أوت، أشارت هيئة الصحة العامة الفرنسية إلى رصد "صعوبات نفسية واضطراب في العلاقات" لدى المرضى وتم الإبلاغ عنها عبر الخط الهاتفي المخصص "لخدمة معلومات جدري القردة "، والذي يستخدم الاسم الإنقليزي للمرض (مانكي بوكس). وأوضحت الجمعية التي تدير خدمة الاستماع الهاتفي هذه لوكالة الأنباء الفرنسية أن 22 بالمئة من المكالمات تتعلق بالحديث عن هذه الآثار النفسية.
ويرجع الشعور بالمعاناة النفسية لدى المرضى والمعافين إلى عدة أسباب. أولها، إن مرض جدري القردة هو مرض تصاحبه آلام شديدة وقد تترك الإصابة به آثارا واضحة على أجساد المصابين به تطال المظهر الجمالي لها. هناك أمر آخر، يتعلق بكون هذا المرض حديثا في فرنسا، بدأ في الظهور نهاية شهر ماي الماضي، إذ يشكو العديد من المرضى من غياب المعلومات الكافية عنه.
علاوة على ذلك، وبعد مرور عامين على انتشار وباء فيروس كورونا، فإن الحجر الصحي المستمر لثلاثة أسابيع المفروض على أي مريض بجدري القردة يترك لديه مشاعر سيئة للغاية. فقد أشار عدد ليس بالكبير من المرضى بأنهم عانوا من اضطرابات مؤلمة للغاية في الأمعاء الغليظة، ولا سيما بالمنطقة الشرجية، استمرت لعدة أسابيع بعد بداية ظهور أعراض المرض.
إن جدري القردة مرض فيروسي معد يمكن أن ينتقل عن طريق الاتصال المباشر بالبثور الجلدية أو الأغشية المخاطية لشخص مريض، وكذلك عن طريق اللعاب، أو العطس. إن العلاقات الجنسية - بجماع أو بدون جماع - تفي بشروط الإصابة هذه، وإقامتها مع شركاء متعددين يرفع خطر الوقوع في براثن هذا الفيروس.