وثيقة هامة 5 : 171 مناضلا نقابيا ترشحوا لقيادة الاتحاد من 2002 الى 2017.
منذ مؤتمر سوسة 1989 شهدت القيادة فترة طويلة نسبيا ومتواصلة حتى الان من الا ستقرار رغم موجة من الاستفزاز والاعتداءات التي ظهرت بعد سنة 2011 حيث تراوحت نسب التجديد بين 46،1 بالمائة في مؤتمر 1989 مقارنة بمؤتمر1984 وبلغت 38،4 بالمائة في مؤتمري 1993 و1999 مقارنة بمؤتمر 1989 ونسبة 30،7 بالمائة في مؤتمري 2006 و2017 مقارنة بمؤتمر 1989. وتمدد زمن الاستقرار بسنة إضافية حيث قرر مؤتمر 1993 تمديد عهدة المكتب التنفيذي الوطني الى خمس (5) سنوات بدلا عن أربع (4) سابقا.
أما مؤتمر 2002 المنعقد في جربة عقب ما سمي آنذاك بحركة التصحيح التي تم بموجبها إبعاد الأمين العام المباشر حتى سنة 2000 إسماعيل السحباني فقد سجل (خلافا لما كان متوقعا نظريا على الأقل) أدنى نسبة تجديد (15،3 بالمائة) تمثلت في ارتقاء عضوين اثنين فقط مقارنة بالقيادة التي سبقتها. ولأن مؤتمر جربة صادق على فصل أضيف للقانون الأساسي تحت رقم 10 قضى بان لا يجدد العضو الواحد ترشحه لعضوية المكتب التنفيذي الا مرة واحدة فقد توفرت لمؤتمر طبرقة المنعقد في ديسمبر 2011 آلية تجديد القيادة بنسبة 76،9 بالمائة بما عنى ارتقاء عشرة (10) أعضاء جدد دفعة واحدة.
في الجدول الموالي فكرة عن نسب التجديد وعدد الأعضاء المرتقين الى المكتب التنفيذي من 2002 الى 2017
وفي قراءة متأنية لأرقام الجدول فإن العدد الجملي للمترشحين للعضوية من 2002 الى 2017 بلغ 171 مترشحا فاز منهم بعضوية المكتب التنفيذي 31 نقابيا ونجح في إعادة الانتخاب 21 نقابيا فيما فشل 5 (سليمان الماجدي وعبدالنور المداحي والهادي الغضباني والمنصف الزاهي وقاسم عفية) وغادر طوعيا كل من مسعود ناجي ومحمد الطرابلسي. وبموجب الفصل 10-20 فقد غادر 11 عضوا بين 2011 و2017.
وكان لآلية الفصل 10-20 أن تفعل فعلها في المؤتمر المتوقع عقده في جانفي 2022 بما أنها كانت ستفضي نظريا الى انتخاب تسعة (9) أعضاء جدد بنسبة تجديد قدرها 69،2 بالمائة وهي نسبة عالية دون شك. لكن المؤتمر الاستثنائي المنعقد يومي 8 و9 جويلية بسوسة أعاد الأمور الى نصابها حيث وضع حدا لممارسة غير ديمقراطية تحرم نقابيا ما من حقه المشروع في إعادة الترشح لعضوية المكتب التنفيذي بموجب نص قانوني وضعه أشخاص في وقت معين قد يكون غرضهم قطع الطريق أمام من يفوقهم كفاءة وخبرة ونتائج أو في المقابل فسح المحال أمام أشخاص بعينهم دون آخرين.
من جهة أخرى يمكن أن تتسبب نسبة التجديد المرتفعة في إحلال مدة من الاضطراب وعدم الاستقرار اللذين يحتمل أن ينتجا عن قلة خبرة الوافدين الجدد وما يمكن أن يعتمل لديهم من نزعات للتغيير السريع أو قلب الأوضاع في اتجاه أو في آخر.
قطيعة في اتجاهين
سبقت الإشارة فيما يتعلق بنسب التجديد المرتفعة الى الظروف التي حصلت فيها والمصاعب التي ترتبت عنها حيث أدت تلك التي حصلت منها أواسط الستينات الى قطيعة بين الاتحاد والعمال فيما أدت ذينك اللتين حصلتا أواخر السبعينات واواسط الثمانينات الى قطيعة بين الاتحاد والسلطة ممثلة في وزيرين أولين مختلفين ناصباه عداء شرسا بسبب خلافات حول مطالب نقابية حسباها مضايقة أو منافسة لهما في سباقهما الى خلافة الرئيس الحبيب بورقيبة.
واذا كان الامر كذلك في زمن كانت فيه مقاليد الحكم ممسوكة بقبضة قوية وهامش المناورة السياسية فيها محدودا جدا ، فما بالك بزمن ضعفت فيه الدولة وتشتتت مراكز الحكم وتضاعف حجم المناورة بحكم ظهور قوى وأحزاب شديدة العداء للعمل النقابي عموما وللاتحاد العام التونسي للشغل تحديدا ورافضة لدوره في الحياة السياسية وداعية الى اكتفائه بالدور المهني. وغير خاف على أحد ما أتته بعض تلك القوى من محاولات الاستيلاء على المنظمة واعتداء على مقراتها ومناضليها وتشكيك في مطالبها ودعوات لمقاضاة مسؤوليها وحرمانها من امتيازات كسبتها اثر نضالات مريرة. وغير خاف أيضا أن بعض هذه القوى شجعت على انشاء منظمات نقابية موازية ومكنتها من الأموال اللازمة لتمويل حضورها الإعلامي مثلما أقرت لها مداخيل دائمة رغم أنها لا تحتكم الا على عدد قليل من المنخرطين.
اللافت للنظر ان بعض هذه القوى والأحزاب ان لم نقل كلها تجتهد في الدفاع عن الممارسة الديمقراطية في الاتحاد وعن ضرورة التداول على المسؤوليات وتطبيق الفصل 20 بما يكشف رغبتها في ترشيح من ينوب عنها في تشكيلة المكتب التنفيذي القادم والحصول على موطئ قدم داخل منظمة عتيدة وعصية مثل الاتحاد العام التونسي للشغل قصد اختراقها ومحاولة الزيغ بها في اتجاهات مجهولة فيما بعض هذه الاحزاب يحافظ على قائد نصب نفسه على رأسها منذ أكثر من 35 سنة بل منذ أكثر من 49 سنة.