ثقافي

توقف عن الدراسة لولعه الشديد بالموسيقى.. وديع الصافي مطرب الأرز

الشعب نيوز / كعب . مطرب وملحن ومؤلف أغاني وموسيقي وشاعر وكاتب أغاني وممثل لبناني، يعدّ من عمالقة وأساطير الطرب والغناء في لبنان والعالم العربي.

لعب دورا كبيرا في ترسيخ قواعد الغناء اللبناني وفنه وأسهم في نشره، حتى صار مدرسة في الغناء والتلحين، في لبنان خاصة، والعالم العربي عامة.

- المولد والنشأة

ولد وديع فرنسيس الصافي في الأول من نوفمبر عام 1921، في قرية نيحا الشوف بجبل لبنان.

والده هو بشارة جبرائيل فرنسيس، وعاش في كنف عائلة لبنانية مارونية متواضعة، وهو الابن الثاني في ترتيب العائلة المكونة من 8 أولاد.

- الدراسة والتكوين العلمي

في عام 1930 انتقل وديع الصافي وعائلة إلى العاصمة بيروت، ليلتحق بمدرسة "دير المخلص" الكاثوليكية، فكان الماروني الوحيد والمنشد الأول فيها.

بعد ذلك بـ3 سنوات، توقف عن الدراسة نظرا لولعه الشديد بالموسيقى وسيطرتها على أفكاره، وليعيل أسرته.

وكانت إذاعة "الشرق الأدنى" بمنزلة معهد موسيقي تتلمذ فيه وديع على يد ميشال خياط وسليم الحلو اللذين كان لهما بالغ الأثر في تكوين مشواره الفني.

وفي عام 1952 تزوج ابنة عمه مالفينا طانيوس فرانسيس، وأنجبا معا 6 أطفال هم: دنيا ومارلين وفادي وأنطوان وجورج وميلاد.

وفي عام 1991 حصل على الدكتوراه الفخرية في الموسيقى من جامعة الروح القدس.

- المسيرة الفنية

بدأ "مطرب الأرز" مساره الفني سنة 1938م، عندما حاز المرتبة الأولى في اللحن والعزف والغناء في مباراة للإذاعة اللبنانية إبان الانتداب الفرنسي على لبنان، تنافس فيها 40 متباريا، وفاز وديع الصافي بأغنية "يا مرسل النغم الحنون".

وديع الصافي أو "قديس الطرب" كما يلقبه البعض يعدّ ظاهرة فنيّة منقطعة النظير، طبع الحياة الموسيقيّة ورسم ملامح الأغنية اللبنانية، التي بدأت إرهاصاتها الأولى قبله بمحاولات محتشمة، حيث ركز على مواضيع لبنانية صرفة تعالج المجتمع والحياة المعيشية للبنانيين. ولعب الشاعر أسعد السبعلي دورا جوهريا في بلورة أغانيه.

لدى سفره إلى مصر، التقى الصافي سنة 1944م ولأول مرة الفنان المصري محمد عبد الوهاب حيث استلهم منه، واغترف من معين تجاربه الفنية، وكانت أغنية "عندك بحرية يا ريّس" ثمرة تعاون بينهما.

كان أول أجر تقاضاه وديع الصافي هو 8 ليرات ذهبية من السيدة نظيرة جنبلاط والدة الزعيم الدرزي الراحل كمال جنبلاط، وذلك لقاء غنائه لها وهي طريحة الفراش، وكان عمره حينئذ لا يتجاوز 11 عاما.

وفي سنة 1947م سافر مع فرقة فنية إلى البرازيل، ومكث هناك حتى عام 1950 م، وغنى لأبناء المهاجرين في بلاد "السامبا"، حيث أثرت أغانيه عن لبنان في نفوسهم ووجدانهم.

جاب وديع عددا من أقطار العالم، وغنى بالإضافة إلى العربية باللسان الفرنسي والإيطالي والبرتغالي. وفي أواخر عقد الخمسينيات من القرن الماضي، قرر عدد من الموسيقيّين النهوض بالأغنية اللبنانية؛ وذلك من خلال مهرجان بعلبك الذي التأم فيه كل من وديع الصافي وفيلمون وهبي والأخوان رحباني وزكي ناصيف سامي الصيداوي ووليد غلمية وعفيف رضوان وتوفيق الباشا وفنانون آخرون.

ويعد الراحل رمزا للثقافة الموسيقية في لبنان، إذ قضى 75 عاما في الطرب، فكان رائدا للفن في عصره، وعرف بين أقرانه بمزج أنماط الغناء والموسيقى في تلك الحقبة وإضافة أنماط وأنواع جديدة.

بدأ وديع الصافي مسيرته الفنية وهو في سن 16 من عمره، كما شارك في أكثر من فيلم سينمائي وغنى للعديد من الشعراء، وله مئات الأغاني والقصائد لحن معظمها.

حظي الفنان بشعبية كبيرة، واشتهر بالعديد من الألقاب منها: الصوت الصافي، قديس الطرب، صوت الجبل، مطرب الأرز، عملاق لبنان.

- أبرز أغانيه

غنى وديع الصافي لشعراء كثر، وملحنين مشاهير، من قبيل الأخوين رحباني، توفيق الباشا، محمد عبد الوهاب، زكي ناصيف، فيلمون وهبي، فضلا عن عفيف رضوان، وفريد الأطرش وغيرهم.

غير أنه فضل أن يلحن أغانيه بنفسه، وكان أيضا يُدخل فيها المواويل، حتى أصبح مدرسة يُقتدى بها. وفي ما يلي بعض من أبرز أغانيه:

- دار يا دار 

- عندك بحرية يا ريس 

- ويلي لو يدرون 

- على رمش عيونها 

- لبنان يا قطعة سماء 

- بالساحة تلاقينا 

- جاروا الحبايب 

فضلا عن ذلك، شارك مع المخرجين محمد سلمان، ومحمد سالم في عدة أفلام مثل:

- الخمسة جنيه

- غزل البنات 

-اللحن الأول

- أنت عمري

- ليالي الشرق 

- موال

- نار الشوق

- الإستعراض الكبير 

وفي خضم اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، غادر وديع الصافي لبنان إلى مصر سنة 1976، ثمّ إلى بريطانيا، ثم استقر في باريس عام 1978 تعبيرا منه عن سخطه وعدم رضاه بما آل إليه مصير مسقط رأسه ومنبت غرسه، وقد كان صوت المغتربين اللبنانيين، من خلال صوته وأغانيه.

وأطلق على وديع فرنسيس لقب الصافي من قبل لجنة من الإذاعة اللبنانية عام 1938 أشرفت على امتحان للمتقدمين كان هو من بينهم، وذلك لصفاء صوته وقوته النادرة وكان ترتيبه الأول بين 45 متباريا.

وعلى الرغم من أنه ملحن قدير فإن وديع الصافي غنى ألحانا جميلة من الأخوين رحباني وفيلمون وهبة وزكي ناصيف، إضافة إلى ألحان أخرى من رياض البندك وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب وبليغ حمدي.

- الجوائز و الأوسمة

خلال مسيرته الفنية حصد وديع الصافي عددا كبيرا من الجوائز وعشرات التكريمات في عدد كبير من البلدان، ومن قبل العديد من المؤسسات والجمعيات، إذ حاز 5 أوسمة رئاسية لبنانية، وكذلك وسام الأرز من درجة فارس.

كما وشحه سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد بوسام التكريم من الدرجة الأولى رفيع المستوى عام 2007 م، ومنحته الجمعية الدولية للموسيقى الدينية وساما من البابا يوحنا بولس الثاني، تكريما له لقاء أعماله الفنية المتميزة.

وكرمه المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية 2007م بالعاصمة المصرية القاهرة إلى جانب عدد من الموسيقيين العرب.

- وفاته

انطفأت شمعة حياة وديع الصافي في مسقط رأسه في 11 أكتوبر 2013 عن عمر ناهز 92 عاما، حيث كان في منزل ولده طوني بالمنصورية (شرق بيروت) حين تعرض لوعكة صحية، وعلى الفور نقل إلى أحد مستشفيات بيروت، حيث فارق الحياة بعد صراع طويل مع المرض.

أقيمت للراحل جنازة في كاتدرائية مار جرجيس وسط بيروت، ودُفن جثمانه بعدها في بلدته نيحا الشوف في جبل لبنان، وأقيم له مأتم رسمي كبير حضره عدد كبير من الشخصيات الفنية والسياسية والاجتماعية في بيروت.

تنفيذ / كعب .