ثقافي

اهمية اسناد جائزة التقنية المسرحية الى المجهولين في الاعمال الفنية المتعددة

الشعب نيوز/ حسني عبد الرحيم - قام الإتحاد العام التونسي للشغل ممثلآ في الأمينة العامة المساعدة للشؤون الثقافية وأستاذة الفلسفة "سهام بوستة" بتتويج الفنان المبدع "محمد نوير' مصمم الماريونيت -غير المشهور - بجائزة التقنية المسرحية عن تصميماته للعرائس لمسرحية "المنفى" من إخراج" نادر بلعيد"!
هذه الجائزة التى يقدمها الإتحاد سنويآ هي إعتراف وتقدير ليس فقط ل"نوير" ولكن لعشرات التقنيين الذين يقفون وراء تحقيق أعمال مسرحية وسينمائية وتلڤزية وموسيقية، لا يظهرون ولا يمشون على الأبسطة الحمراء ولا الزرقاء. هم الجنود المجهولون في الأعمال الفنية المتعددة ويعتبرون من قبل النقد العمومي مجرد تقنيين بينما الحقيقة الموضوعية لمن يتابع تطور إنتاج أي عمل فني إنهم يمثلون أكثر من خمسين بألمائة من إمكانية تنفيذ أي عمل مسرحي أو سينمائي ونجاحه.

كبار المخرجين فقط هم اللذين ينسبون نجاحات أعمالهم إلى هؤلاء التقنيين الذين يحولون تصوراتهم لواقع على الرُكح أو البلاتوه! نجد "فيلليني" محاطآ بهم في آخر أفلامه و"بيتر بروك" يخرج معهم على الرُكح لكى ينسب النجاح لشغيلة المسرح والسينما والتليڤزيون.
حالة "محمد نوير "مع رفيقة دربه "أحلام مسيار" وهما اللذين يعملان منذ سنوات طويلة على إختراع عرائس (ماريونيت) ليس فقط لإسعاد الصغار لكنها تدخل في تصميم الدراما نفسها. هم ممثلون مصنوعون بأياد بشرية وبعض شخصيات الماريونيت حازت على شهرة عالمية عن طريق التلڤزة كعرائس "الموبيت شو "أو عرائس الفيلم الشهير" الأرنب روجرز " الحائز على جوائز عالمية وعرائس البرنامج اليومي للتلڤزة الفرنسية "لي قينيول" التى تقوم بتمثيل تهكمي للسياسيين ورجال ونساء الشأن العام! وتقريبآ يشاهدها يوميآ غالبية الفرنسيين قبل نشرة أخبار الثامنة مساءآ.
ولفن "الماريونيت" في تونس تاريخ يرجع لسبعينات القرن الماضي حيث تتلمذ الفنان الكبير "محي الدين بن عبد الله" أعطاه الله الصحة والعافية على رائد "الماريونيت" بمدينة القاهرة ومخترع العمل المسرحي الغنائي الخالد "الليلة الكبيرة" "صلاح السقا"بشعر "صلاح چاهين"الذي أسعد الأطفال والكبار من المحيط للخليج طوال نصف قرن ومازال !
مازال "سي محي الدين" يتذكر ذلك بينما أستقر في مسقط رأسه بمدينة "قربة" ويتبرع سنويآ بدار عائلته لتنفيذ الأعمال الموسيقية والمسرحية وهو من يُفترض تكريمه أيضآ في أقرب مناسبة مع التوسع في عروض الماريونيت في المهرجانات الجهوية وحتى في إحتفالات المدارس والمعاهد للتعريف بها وبفنانبها المثابرين.
في تونس هناك في المراكز المخصصة لتصميم وتنفيذ العرائس ولا تشارك بظهور مميز إلا في مهرجان" نابل "لمسرح الأطفال،بينما الماريونيت هي عمل متكامل للصغار والكبار وهو دمج الكاريكاتور التصويري مع الخيال المسرحي والموسيقي! هو تحول التمثيل نفسه إلى إبداع تشكيلي وربما يؤذن في المستقبل بتلاشي التمثيل البشري مع إختراع وسائل التحريك والسيطرة الإلكترونية عن بُعْد!

كان المرحوم المؤرخ والناقد الكبير للسينما "أندريه بازان" مؤسس كراسات السينما قد تنبأ بأن "الممثل جزء من الديكور" ويبدو أن هذا التنبوء قيد التحقق الفعلى الآن.
منح "محمد نوير" الجائزة ليس فقط إعتراف بألفضل من قبل الشؤون الثقافية لمنظمة وطنية كبرى وأهمية وحيوية التقنية لإخراج الأعمال الفنية للنور ولكنه أيضآ رسالة للعاملين بالنقد لإعطاء هؤلاء الفنانين المجهولين حقهم الذي يستحقونه عن جدارة!

ليسوا مخرجين ولا مؤلفين ولا ممثلين ولا راقصين.. ولكن بدونهم لاتتحقق اعمال فنية، وهم بألطبع الأقل أجرآ وشهرة ! الشُكر والإمتنان لإتحاد العاملين بألفكر والساعد!