صمت المجتمع السياسي أمام محاولات اغتصاب الدّولة الاجتماعية
الشعب نيوز/ فوزي النوري(7 فيفري 2023):
تعوّد مجتمعنا السياسي الساذج والبسيط على المهمّات والأدوار وعن صناعة الخطب والخطاب وكلّها تنصبّ على ما نشاهده بالعين المجرّدة بشكل يمحو الحدود الفاصلة بين النخبة السياسوية وما تبقّى من هذه الأمّة "الظيّبة".
يخوض الاتحاد العام التونسي للشغل ضدّ السلطة الحالية معركة حاسمة بكلّ المقاييس والمقاسات وهي معركة الدولة الاجتماعية ، هذه المعركة التي بدأت منذ صعود الاسلام السياسي لسدّة الحكم باعتبار الشريعة لا تعارض ولا تتعارض مع رأس المال في شيئ وانطلقت رحلة "صندوق النقد الدولي في جمع ما "ملكت يمينه من الاسلاميين في المنطقة " لفتح الأسواق والحدود لصالح الرأسمال المالي العالمي وتواصل اقتياد البلاد في ذات الاتجاه مع يوسف الشاهد والذي شهدت فترة تولّيه لرئاسة الحكومة صراعات حادّة مع الاتحاد ولم يسعفه الوقت لتمرير الخيارات الموجعة التي تردّدت على لسانه كلّما تحدّث في المسألة الاقتصادية. جاء 25 جويلية ليعلن فشل حكومة الشاهد و حركة النهضة النهضة في العبور بالبلاد إلى حيث أريد لها أن تذهب والذي يمكن اختزاله في تحويلها إلى منصّة ليبرالية ممقرطة نسبيّا لتكون نموذجا يتمّ تصديره للمنطقة عموما.
لا أحد يستطيع أن يفرض القرارات الموجعة إلاّ من يقدم على الانتحار السياسي دون خوف من ماض لا وجود له أو مستقبل لا ملامح له فجاءت السلطة الحالية من خارج كلّ السياقات لتشرع في تنفيذ المهمّة بقوّة الأجهزة . الاتحاد العام التونسي للشغل وجد نفسه هذه المرّة في سياقات غير السياقات فقد تمّ ضرب المجتمع السياسي و تخويفه قبل الوصول إلى الاتحاد و تمّ إخضاعه فرادى و جماعات وتنظيمات ومنظمات وفاحت رائحة الخوف واقعيا وافتراضيا على هذه الأرض وفي سمائها، وجد نفسه عقل هذه المعركة وذراعها وسلاحها وحتّى الأداة التي توسّع له هامش المناورة(الديمقراطية) فقد تمّ سحبها من الأسواق. الهيئة الادارية الأخيرة همست بشعر درويش ولم يسمعها إلاّ المنصتون " وحدي أدافع عن هواء ليس لي وحدي أدافع عن جدار ليس لي ...) والمجتمع السياسي يغطّ في نوم عميق وكم يحلو النوم في بلد بلا عقل. تعلّمنا في السنوات الأخيرة والسوسيولوحيا الجديدة التي ارتبطت بها أنّ نذكّر المؤمنين بالله وبالدولة الوطنية وبالجمهورية الاجتماعية بواجبهم في إسناد الاتحاد في معركة يتحدّد فيه مصير شعب بأسره وبأنّ الاتحاد أقدم معاقل العقل السياسي على هذه الأرض وما فوقها وما تحتها لو تعلمون.
لكي لا نطيل أكثر ولمن يشتمّ في هذا المقال رائحة المؤامراتية في هذه الأسطر بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وظهور النظام العالمي الجديد بدأ نشر النموذج الاستهلاكي وفتح الحدود والبلدان والأسراق للرأسمال المالي واتّخذت أحيانا سيناريو التدخّل العسكري المباشر (العراق، سوريا، ليبيا) والتدخّل الاستخبارات مشروع الشرق الاوسط الكبير في تونس ومصر وكلّ ذلك لنردّد معا "إنّا ل الليبرالية لراجعون".
هذه معركة الاتحاد مع السلطة التي نراها والسلطات الأعمق والأخطر التي لانراها وليس لهذا النسيج الاجتماعي الذي يرتبط وجوده بالدولة الاجتماعية إلاّ إسناد الاتحاد وإنّ الصّمت في هذا الوضع جريمة سلبيّة لقارئ هذه الأسطر.