الاستاذ نعمان مزيد يسأل عبر الشعب نيوز: إلــــــى أين تــأخُــذُوننا ؟؟
استر لينش Esther LYNCH هي نقابية إيرلندية تتحمل منذ ديسمبر الماضي مسؤولية الأمينة العامة للكنفدرلية الأوروبية للنقابات ، التي تضم 91 فيدرالية نقابية في 41 دولة أوربية (حوالي 45 ميلون منخرط ومنخرطة)..حلّت بتونس يوم الجمعة 17 فيفري لتعبر باسم منظمتها عن تضامنها مع اتحاد الشغل ..قابلت في نفس اليوم الأمين العام وحلّت يوم السبت 18 بالتجمع العمالي الذي أنجزه الإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس ..أخذت الكلمة بهذا التجمع وعبرت عن مساندتها للنقابيين ودعت إلى إطلاق سراح الموقوفين ووجهت رسالة إلى الحكومة للحوار مع الإتحاد ..
مساء نفس اليوم، تصدر رئاسة الجمهورية قرارا يقضي بأن هذه المسؤولة النقابية شخص غير مرغوب فيه وتمهلها 24 ساعة لمغادرة التراب التونسي ..وتمّ تبرير القرار بـ" عدم السماح لأي جهة كانت من الخارج للإعتداء على سيادة الدولة وسيادة شعبها..إلخ"
بعد قراءة بيان رئاسة الجمهورية أجد نفسي مصدوما ، واحتدّت صدمتي حين وجدت موجة كبيرة حتى لدى عدد من الأصدقاء والصديقات في مساندة هذا الموقف بل والتهليل له ....
إلاهي.. إلى أين نحن سائرون ؟؟؟ ما هذه الهيستيريا المتصاعدة والتي قد تأتي على الأخضر واليابس ؟؟
هل قرأتم التاريخ ؟؟ تاريخ اتحاد الشغل وتاريخ العمل النقابي في العالم؟؟ هل سنؤسس أيضا " مدرسة نقابية جديدة " ؟؟ تعلــــو شاهقا؟؟؟
منذ تأسيس اتحاد الشغل سنة 1946 كان فرحات حشاد يستنجد بالجامعة الدولية للنقابات الحرة " السيزل" وهو الى تاريخ اليوم عضوا فيها ...
سنة 1978 وخلال محاكمة النقابيين كان الأمين العام لهذه المنظمة " أوتو كريستن "موجودا في تونس بل وقع سماعه كشاهد داخل قاعة المحكمة ، وأكثر من ذلك تقدمت " السيزل بشكابة ضد الحكومة التونسية أمام المنظمة الدولية للشغل ..ولم يجرؤ بورقيبة آنذاك على اتهام الحبيب عاشور أو بقية القيادة النقابية بالعمالة للخارج ...
منذ بدايات العمل النقابي في العالم كان هنالك مبدأ مركزي عام هو مبدأ التضامن العمالي الأممي في مواجهة تحالف رأس المال العالمي ..وتمّ فرضه على كل الحكومات والأنظمة ..فهل أن تعبير مسؤولة نقابية أوروبية اليوم يمثل اعتداءا على السيادة الوطنية ؟؟ هل سنعيد اختراع عجلة العمل النقابي في هذا العصر الأخشيدي الجديد؟؟
من ناحية أخرى ، وبعد 77 عاما من النضال الوطني والإجتماعي يأتي اليوم من يعطي لمنظمة حشاد الدروس في الوطنية والدفاع عن السيادة الوطنية، وهي المنظمة التي لا تخلو لوائحها وبياناتها من مواجهة التطبيع والتنديد بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول ومنها تونس ..
.من أنتـــــم ؟؟؟ تشحـــذون على عتبات صندوق النقد الدولي ثمّ تزعمون "الطهارة والسيادة الوطنية "...
يبدو أن المسألة اعمق من " أسطورة السيادة الوطنية " ...الواضح أن هنالك نية ممنهجة لجرّ قيادة الإتحاد إلى معركة كسر عظام بعد تكرر المحطات الإستفزازية ..بحيث تدفع القيادة إلى التشنج وإعلان المواجهة وبذلك تتوفر المسوغات الشرعية لتفكيك المنظمة باعتبارها جدار صد أمام المشروع الشخصي للرئيس بما في ذلك تفكيك الوسائط من منظمات وأحزاب وتمهيد الطريق للنظام القاعدي ..
لكـــــن غاب عن الرئيس أو من نصح الرئيس ، أن الإتحاد بعد تجربة 77 عاما ، وبعد المعارك والمحن التي عاشها طيلة محطات تاريخية متعددة علمته التروي وعدم الإنجرار إلى المربع الذي يراد أن يُجرَّ إليه ..ولا تفرض عليه لحظة المعركة وعناوينها ...بل هو بهياكله من يختار ساعة المعركة وعناوينها ..حتى وإن اقتضى الأمر أن يتحمّل بعض الضربات الجانبية دون ردّ فعل ..
إن قرار الرئاسة بطرد المسؤولة النقابية يؤشر على انحراف خطير قد تنتقل عدواه إلى بقية الهيآت المهنية والجمعيات مثل عمادة المحامين ورابطة حقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والتي ترتبط كلها بشبكة من المنظمات والهيآت الدولية ، وأرست تقاليد عريقة في التشبيك الجمعياتي ..خاصة وأن عددا من الصفحات بدأت تهلل باسم " السيادة الوطنية " وتدعو إلى محاسبة هذه المنظمات ...
فحــــذار من الآتي ....
الأستاذ نعمــان مزيــد