آخر ساعة

فتيان فلسطينيون من دون أفق يلجؤون الى العنف

الشعب نيوز / وكالات . قرب باب العمود، أحد مداخل البلدة القديمة بالقدس الشرقية المحتلة، يعترض ثلاثة جنود من حرس الحدود الصهيوني  فتى فلسطينيا ويطلبون منه الوقوف عند حائط، ثمّ يفتّشه أحدهم بينما يصوّب الآخران فوهتي بندقيتيهما في اتجاهه، في مشهد يتكرّر بشكل شبه يومي.

وتقول الشرطة الصهيونية  إنها تقوم بهذه الإجراءات للحفاظ على الأمن، لا سيما بعد سلسلة هجمات نفذها الشهر الماضي فلسطينيون تتراوح أعمارهم بين 13 و16 عاما.

وقال المتحدث باسم الجيش الصهيوني العميد ران كوخاف مؤخرا لقناة "كان 11" الصهيونية "توجد صعوبة بالغة في إحباط الهجمات الحالية"، مضيفا أنها "تمثّل تحديًا أمنيًا للاستخبارات، لأنه من الصعب جدًا معرفة ما يفكّر به فتى في الثالثة عشرة من عمره عندما يقرّر أن يحمل سكينا وينفذ هجومًا، من دون أن يخبر أحدا من حوله".

وتخوّف من عدم وجود "حلّ نهائي لهذه المسألة"، مشدّدا على أهمية "أن نكون مستعدين لفترة الأعياد وشهر رمضان".

في 28 جانفي 2023 ، وغداة اعتداء في القدس الشرقية تسبب بمقتل سبعة أشخاص قرب كنيس، فتح فلسطيني في الثالثة عشرة النار على صهاينة ، رجل وابنه، وأصابهما بجروح، قبل أن يصاب بدوره برصاص الشرطة. 

في 13 فيفري 2023 ، سجل اعتداءان في يوم واحد، أحدهما نفذه فتى في الرابعة عشرة والآخر فتى في الثالثة عشرة، ضد صهاينة  في القدس الشرقية التي احتلها الكيان الصهيوني  عام 1967.

في مخيم شعفاط للاجئين المحاط بجدار يفصله عن مستوطنة بسغات زئيف في القدس الشرقية، تتحسّر والدة محمد الزلباني (13 عاما) الموقوف والمتهم بطعن شرطي صهيوني، على مصير عائلتها، وتقول إن الأمن الصهيوني  اعتقلها أيضا لفترة مع ابنها البكر وزوجها، متهما إياهم بالمشاركة في الاعتداء، وتردّد "قلت لهم لا توجد أم تقول لابنها اذهب واطعن".

وتتهم الشرطة الصهيونية ابنها بطعن شرطي خلال عملية تفتيش في 13 فيفري 2023 ، داخل حافلة عند مدخل مخيم شعفاط، وأصيب الشرطي برصاصة أطلقها حارس مدني في اتجاه المهاجم فأخطأت هدفها وأودت بحياة الشرطي.

وتقول فداء الزلباني (38 عاما) إنها خضعت للتحقيق لمدة سبع ساعات، مضيفة "أنا لا أعرف إذا كان ما يقولونه صحيحا. أنا لا أصدق ما يقولونه عن ابني".

وتضيف "رجال المخابرات داهموا بيتي، وحطموا كل شيء واعتقلوني مع زوجي وابني البكر (17عاما). (...) خلال التحقيق، اتهموني بأنني شريكة لابني وبأنني كنت أعرف ما سيفعل وأتستر عليه".

وتتابع "هدّدوني بهدم بيتي وقالوا لي ستعيشون في الشارع".

ويرى مدير مركز تأهيل وعلاج ضحايا التعذيب في رام الله الدكتور محمود سحويل أن الأطفال الذين يقومون باعتداءات "هم أنفسهم تعرّضوا للعنف أو مورس عليهم عنف أو شاهدوا عنفا ضدهم شخصيا أو ضد أحد أفراد عائلتهم أو أصدقائهم أو شاهدوه وسمعوا به عبر شاشات التلفزيون".

ويعتبر أن "الاحتلال الصهيوني هو السبب، لأن الفلسطينيين ضحايا عنف الاحتلال... (...) هم من جعلوا أبناءنا يكرهون أبناءهم. عندما ينتهي الاحتلال ينتهي العنف".

ويرى الباحث الصهيوني ميخائيل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان الذي أصدر كتبا عدة متخصصة عن الفلسطينيين كان آخرها عن الشباب الفلسطيني، أن "معظم العمليات ينفذها شبان ولدوا بعد العام 2000".

ويشير ميلشتاين الذي كان مسؤولا في شعبة استخبارات الجيش الصهيوني  عن الساحة الفلسطينية الى أن من أسباب إقدام هؤلاء على تنفيذ الاعتداءات، "غياب القيادة الشبابية بين الفلسطينيين، وانفصال الشباب الفلسطيني عن السلطة"، مضيفا أن هؤلاء الشبان أو الفتية الذين يشاهدون كمّا كبيرا من أشرطة الفيديو العنيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، "ليس لديهم أفق، ويعيشون في حالة تناقض، وفي أوضاع سيئة".

ويوضح أن "370 ألف فلسطيني يعيشون في القدس الشرقية، بينهم 120 ألف تلميذ، أربعون ألفا منهم لا تعرف وزارة  المعارف أو البلدية الصهيونيتان  إذا كانوا يداومون في المدارس أم لا".

ويشير الى أن الكيان الصهيوني قام بتوحيد القدس سياسيا ولكنه  لا يعطي الخدمات نفسها التي يعطيها للصهاينة ، الى المقدسيين العرب".

- الحاجز محطم النفسيات

في مخيم شعفاط، تقول أم سمير (58 عاما) "لا توجد حقوق: اقتحامات ليلا ونهارا. أولاد المدارس بحاجة إلى ساعتين الى ثلاث ليصلوا إلى مدارسهم وأشغالهم التي تبعد دقائق عن مركز المدينة بسبب الحاجز العسكري".

وتشير الى رتل كبير من السيارات تجاوز عددها المئة متوقفة عند حاجز عسكري صهيوني  عند باب المخيم، قائلة "هم يدفعون الشباب لعمل أي شيء ضدهم.. عندما يقومون بإجبارهم على خلع ملابسهم على الحاجز على مرأى من جميع الناس وإذلالهم وإهانتهم... ماذا يتوقعون؟".

ويقول ناشط في المخيم فضّل عدم الكشف عن اسمه "الحاجز هو طريق عذاب، ومحطم للنفسيات". ويشير الى مستوطنة بسغات زئيف التي "تبعد خمس دقائق عنا وفيها أكثر من خمسة منتزهات"، متسائلا "ماذا يوجد هنا للشباب؟ لا يوجد أي شيء. لا يشعر هؤلاء الشبان بأن لديهم مستقبل".