الهجوم على" المعلّم " يترجم حالة التيه الجماعي و التخبّط و العجز عن إدارة المرحلة
فقدنا البوصلة في كلّ تفاصيلنا و نسفنا كلّ القيم الذي بنيت عليها هذه الدّولة و لم يبق إلاّ المعلّم "علامة تدلّ على هذا الوطن" ، اليوم بحملة التشويه و التشفّي و بالقرارات التي تمّ اتّخاذها ضدّ المعلّمين يمكن القول أنّنا بدأنا ندكّ آخر حصون هذا البلد في وقت كنّا ننتظر تعزيز صموده في عاصفة التحوّلات بما فيها خوصصة التعليم و الثورة المعلوماتية و تأثيراتها و كلّ التحوّلات العميقة التي عقّدت الفعل التربوي و أساليب التعليم.
هذا الهجوم على" المعلّم " يترجم حالة التيه الجماعي و التخبّط و العجز عن إدارة المرحلة و استيعاب الوضع الموضوعي و عمق التحوّلات . إنّ الإطار الموضوعي الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي الذي نعيشه و يعيشه المعلّم من تضخّم للتضّخم و تدهور للقدرة الشرائية و الأزمة الاجتماعية الحادّة و كلّ البؤر المهترئة، كلّ ذلك لم يترك للمعلّم خيارات كثيرة و بالتالي فكلّ ما طالبوا به لا يندرج إلاّ في إطار الحدّ الأدنى الاجتماعي الذي كان من المفترض أن تفكّر فيه دولة فقدت عقلها السياسي .
في مستوى آخر، فإنّ الحملة التي يشنّها البعض على المعلّمين في المساحات الافتراضية وفي الفضاء العام زادت عمقا لجراحنا ونحن نشاهد بشاعة هذا الوعي الجمعي الجديد و الذي يبدو مسلوبا من القيم و الاحداثيات. نعلم تمام العلم ما فعل النموذج الاستهلاكي بالبلاد و بالعباد و كيف يتمّ اغتصاب الدّولة الاجتماعوة ة نحن الذين استمعنا لصرختها و أنينها منذ ولادة مشروع الشرق الأوسط الكبير في مخابر السياسة الدّولية و لكنّ ذلك لم يكن كافيا لاستيعاب ما تفعله عقول ساذجة بسيطة و كيف تتلذّذ بإهانة عقول صنعتها و علّمتها أبجديّة لا تتقن العزف عليها و لم تحترمه و لم تحترمها .
عذرا لا أطال إلّا هذه الكلمات المرتبكة لأدافع عمّن غرسونا في هذه الأرض و حاصروا الجهل و أخرجوه من هذه الأرض أو لعلّه لم يغادرنا و لذلك نحن على ما نحن عليه اليوم.
بقلم فوزي النوري
10 جويلية 2023