في مثل هذا اليوم : صدرت "الشعب " في دورية يومية ، فصادروها، لكنهم ذهبوا وبقيت هي منحازة للشغالين
تونس/ الشعب نيوز - في مثل هذا اليوم، 12 جويلية، من سنة 1985، انضافت الى المشهد الصحفي التونسي الرتيب، جريدة يومية جديدة اسمها الشعب وفصلها الاتحاد العام التونسي للشغل وباعثها، الاسد العجوز، الزعيم الحبيب عاشور.
كان الزمن صيفا كما يدل عليه التاريخ، وكان الوضع السياسي لا يسرحبيبا ولا عدوا، فيما يشهد الوضع الاجتماعي هدوءا غير مطمئن لا سيما واحداث الخبز(جانفي 1984) مازالت ماثلة امام الاعين.
الوضع النقابي متأزم بعض الشيء بسبب خلاف حول الزيادات في قطاع الوظيفة العمومية حيث لم تفلح القيادة في تحصيل ما كانت تطمح اليه مقابل اصرار الحكومة على الرفض والدفع الى القطيعة باي ثمن خاصة وان برنامج الاصلاح الهيكلي كان يطل على البلاد من عدة شبابيك.
لم يقبل الوزير الاول آنذاك محمد مزالي موقف الاتحاد الذي رفض الترفيع في اسعار الخبز والمعجنات الى اكثر من 100 بالمائة كما لم يهضم مطلبه بالتعويض للاجراء عن تلك الزيادة المفرطة في الاسعار وزاد فاتهمه بموالاة الفريق الحكومي المنافس له. ولذلك كانت اشهر 1984 كاملة ونصف الـ1985 عجافا بل ويطغى عليها العداء للاتحاد وقادته. وزاد محمد مزالي الطين بلة فعين نقابيا قديما وزيرا في حكومته.
تفطن النقابيون الى ان اصواتهم لم تعد مسموعة ولا اخبارهم تصل الى الناس عبر المساحات الاعلامية المتوفرة أنذاك فعادوا الى مطلب قديم ظلوا يطرحونه في كل مناسبة منذ خريف 1977 الا وهو اصدار جريدة الشعب بشكل يومي. وكان ذلك كذلك فعلا منذ 12جويلية 1985.
حدث فارق بكل المقاييس أسعد النقابيين والديمقراطيين والتواقين الى التعددية والحرية ولكنه أثار حفيظة السلطة بمختلف أركانها والاعراف وخاصة بعض أهل المهنة الصحفية، فتحالفوا وبسرعة قياسية تمكنوا من الاجهاز على المشروع، ذلك أن الجريدة اليومية الناشئة أحدثت شرخا عميقا في جدار الصمت المطبق على البلاد حيث كتبت بالبنط العريض " زادت أسعار الخبز عام الصابة "، تحقيقا عن زيادة مخاتلة في اسعار الخبز دبرت ليل السبت 13 ولم ينشر خبرها ولم يذع الا صباح الاثنين 15 جويلية 1985.
تلا ذلك التحقيق ايقاف الجريدة اليومية ومنعها من الصدور، وهي في عددها الخامس لاغير، وايقاف رئيس تحريرها- آنذاك - الزميل محمد العروسي بن صالح ساعات طويلة في منطقة باب البحر، قبل احالته والاخوين الحبيب عاشور وكمال سعد على التحقيق ثم على المحكمة من اجل نشر خبر زائف تعلق بنقلة ولاة.
دون تفصيل، ذهب الجميع، وبقيت " الشعب " واستمرت وهاهي مستمرة رغم الاعاصير والانواء، منحازة، كما كانت، الى جانب العمال والشغالين والموظفين والمفقرين والمعطلين وضحايا السياسات اللاشعبية وستبقى كذلك دوما، لا تعوّل في بقائها الاّ على امكانيات مشتركيها من منخرطي الاتحاد وانصاره وانصار الراي الحروالراي المختلف وعلى من يمارسون الديمقراطية - لهم أو عليهم - ومن يؤمنون حقيقة بحرية الصحافة ولا يرتهنون مواقفها ولا يصادرون آراءها ولا يعاقبونها.
ليس هذا فقط، بل ان " الشعب " تتطور وتواكب احدث التقنيات وهاهو موقعها الرقمي المحدث منذ اشهر قليلة فقط يلقى الرواج لدى اكثر من مليون زائر شهريا، مليون بالعد و تعداد الشيخ قوقل، رقم يشجعنا بل ويحفزنا على بعث " اذاعة الشعب ". أيام قليلة ويصلكم صوتها الصدّاح.