الحاجة الى "حكومة الإنقاذ الوطني" تفرضها مطالب الحلول السريعة لازمات طال امدها
ليست المطالبة بـ "حكومة انقاذ وطني" بدعة اذ سبقتنا اليها العديد من الأمم والشعوب، ويقع اللجوء اليها لانقاذ البلاد والعباد من نظام أو ممارسات سابقة فلا موجب للقلق او للاحتراز- في رأيي الخاص - من تكوين "حكومة الإنقاذ الوطني" التي ينادي بها البعض هذه الأيام بالنظر الى الصعوبات التي تعيشها البلاد وخاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وبالنظر أيضا الى ما يسميه الرئيس قيس سعيد بالخطر الداهم والجاثم.
تعريف ضروري
لكن، حتى نتفق، وجب التوضيح بان مصطلح " الإنقاذ الوطني" نشأ في خضم الثورة الفرنسية لما كانت هذه الأخيرة معرضة الى خطر داهم وجسيم يهددها من الداخل ومتمثلا في حرب مقاطعة " فنداي" (Vendée)واخر يهددها من الخارج وهو التحالف العسكري الأوروبي، إضافة الى بعض مظاهر الانحراف والانفلات التي كانت تصدر من هنا وهناك سواء من الثوريين أنفسهم أو من أعداء الثورة. لذلك، تم يوم 6 افريل 1793 احداث " لجنة الإنقاذ الوطني" (Comité de Salut Public) التي تكونت من 9 أعضاء من بينهم من بات يسمى "الطاغية " روبسبيار. Robespierre لمواجهة ذلك الخطر ووضع حد للتجاوزات.
ولان الفرنسيين غيورين على بضاعتهم، فقد عاد اليها الجنرال ديغول سنة 1958 وخاصة ابان احداث الجزائر وعاد اليها جون بيار شوفانمان (Jean-Pierre Chevènement) عدة مرات أخرها لما احتج على السياسة المالية التي تنتجها المانيا وتفرضها على أوروبا كاملة دون اعتراض من فرنسا.
الإسراع بحل الإشكاليات والازمات
ميثاق الأمم المتحدة يسمح في فصله السابع بتشكيل حكومة انقاذ وطني في الدول التي تعاني من الفوضى والارباك التي تؤثر في حالة السلم الداخلية وحالة السلم للدول المجاورة خاصة والعالم بشكل عام.
لذلك لا خوف ولا حرج من "حكومة الإنقاذ الوطني" التي ينادي بها البعض هذه الأيام بالنظر الى الصعوبات التي تعيشها البلاد وخاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وبالنظر أيضا الى ما يسميه الرئيس قيس سعيد بالخطر الداهم والجاثم. وحيث لا توجد مصطلحات او تعريفات محددة، فأن طرح آلية " حكومة انقاذ وطني " كفكرة انما هو للإسراع بحل اشكالات وازمات وطنية ولإنهاء الخطورة التي تتعرض لها الدولة والشعب من جرائها وخاصة إذا كانت ذات بعد أمني أو عسكري أو اقتصادي.
3 شروط للنجاح
ان القاعدة الذهبية في تكوين "حكومة الإنقاذ الوطني"
- أولا، انها تتشكل من شخصيات مشهود لها بالكفاءة وبالاستقلالية عن جميع الأحزاب،
- ثانيا، مهمتها تصريف شؤون البلاد في الظروف الصعبة والاستثنائية بهدف المساعدة على الخروج من الازمة او الصعوبة التي تعيشها البلاد في أسرع وقت ممكن وبأقل التكاليف الممكنة وفق برنامج معد مسبقا واهداف محددة قبلا.
- ثالثا، ان هذه الشخصيات تمتنع عن الترشح الى أي نوع من أنواع الانتخابات وخاصة منها التشريعية والرئاسية.
إن نجاح "حكومة الإنقاذ الوطني " يمكن قياسه بمدى قدرتها على إدارة البلاد في مرحلة خطيرة وحساسة رغم كل ما قد تواجهه من بيئة سلبية وصعوبات داخلية وخارجية مطلوب منها أن تواجهها بشكل شجاع والتي قد تفرض عليها اتخاذ إجراءات أو سياسات صعبة أو قاسية.
ضرورة ملحة
وتصبح "حكومة الإنقاذ الوطني" ضرورة ملحة في علاقة بالحرب الضروس التي أخذ الرئيس قيس سعيد بشنها ضد الاحتكار كمظهر بشع من مظاهر الفساد والافساد. وبالتالي يمكن بل يجب ان تكون مقاومة الفساد اول نقطة في برنامجها. ولان للفساد مظاهر ووجوه وممارسات مختلفة، فمن باب أولى وأحرى ان تختص به ما يمكن ان نسميه "حكومة انقاذ البلاد من الفساد" في انسجام تام مع ما ينادي به رئيس الدولة وذلك حتى يتفرغ هو نفسه لملفات أخرى لا تقل أهمية.
وفي كل الحالات فان حكومة الإنقاذ الوطني هي رئيسها، وهي محكومة بالنجاح في المهام التي كلفت بها، وفي صورة العكس فان استقالته أو اقالته تعني استقالة أو اقالة الحكومة برمتها.
حمدي البرجي