قراءة نقدية لمنشور التأهيل العلمي: خلط في المفاهيم ولا معنى للحالات الاستثنائية
تونس/ الشعب نيوز- آثار مضمون المنشور الجديد عدد 30 المتعلق بالتأهيل الجامعي والصادر بتاريخ 24 أوت 2023 جدلا كبيرا في الأوساط الجامعية وهو أمر كان منتظرا لما يكتسيه التأهيل الجامعي من أهمية بالنسبة إلى المسيرة المهنية للجامعيين وارتقائهم العلمي.
وبهذا الصدد أفادنا الاخ نزار بن صالح الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي أن الجامعة لم تقع استشارتها قبل إصدار هذا المنشور، رغم التزام الوزارة بالتشاركية، ورغم مطالبتها بذلك مباشرة، ثم في بيانها الصادر بتاريخ 19 جوان 2023.
في شروط الترشح
وفي قراءة نقدية للمنشور، أوضح الاخ نزار بن صالح أن المنشور الجديد أضاف شرطا إضافيا لم يكن موجودا في الأمر 1824 لسنة 1993، ولا في الأمر المنقح له عدد 1803 لسنة 1997، ولا في المنشور عدد 38 لسنة 2006، ولا في المنشور المتمم له عدد 7 لسنة 2009 ويتمثل هذا الشرط في أن يكون المترشح في رتبة أستاذ مساعد مترسما مع أقدمية أربع سنوات على الأقل في الرتبة (كذا)".
وعليه، ترى الجامعة العامة أن هذا الشرط مجحف في حق المترشحين لأنه من ناحية يناقض أحكام الفصل الثالث من الأمر 1824 ومن ناحية أخرى يضع عقبة إضافية أمام الزميلات والزملاء الذين اكتملت شروط مقبولية ملفاتهم، فيعطل مسار ترقيتهم المعطل أصلا بسبب التأخير الموجود في دورات الانتداب والترقية، ويضرب بقوة علوية المعايير العلمية ويجعلها على قدم المساواة مع غيرها من المعايير والحال أن التأهيل الجامعي شهادة علمية بالأساس في مكونات ملف الترشح.
وحسب المنشورالجديد ، يجب على المترشح أن يقدم تقريرين منفصلين: الأوّل حول النشاط التأطيري، والثاني حول النشاط البيداغوجي. في حين أنّه كان يقدم - بمقتضى منشور 2006 - تقريرا واحدا يضم النشاط البيداغوجي وعمليات التأطير. كما اشترط المنشور الجديد على المترشح أن يضع في ملفه العلمي المقالات التي لم يسبق أن قدمها في خطة سابقة"، والحال أن الأمر في السابق لم يكن على هذا الشكل من التخصيص.
خلط بين مفهومين
وإذ ترى الجامعة العامة أن تقسيم التقرير المنصوص عليه في منشور 2006 إلى تقريرين كما هو منصوص عليهما في منشور 2023 من شأنه أن يوضح ويفصل ما هو مطلوب بالضبط من المترشح، ويغلق الباب أمام التأويلات المختلفة حول مضمون تقرير النشاط البيداغوجي وعمليات التأطير واللغط الذي كان يصاحبها في بعض الأحيان، فإنّها تعتبر أن حصر المقالات العلمية في تلك المنشورة بعد آخر خطة متحصل عليها يناقض مقتضيات الأمر عدد 1824 الذي ينص صراحة على أنه "يجب أن يتضمن ملف الترشح مجمل أبحاثه" دون أي تحديد، كما أن عبارة "خطة سابقة" في نص المنشور الجديد توحي بخلط بين مفهومي الخطة والتأهيل، إذ الخطة ذات علاقة بالمسيرة المهنية من انتداب وترقية، في حين أن التأهيل شهادة على نضج المستوى العلمي والبيداغوجي تسلّمها المؤسسة المؤهلة لذلك.
في لجان التأهيل الخاصة
حصر المنشور الجديد إمكانية تكوين لجنة تأهيل خاصة في الاختصاصات التي لا توجد فيها مؤسسة جامعية مؤهلة على المستوى الوطني". وتعتبر الجامعة العامة أنّ هذا الحصر إيجابي، يصحح المسار الخاطئ الذي خطه منشور 2009 المنقح لمنشور 2006 وللتذكير فإن منشور 2009 كان قد وسع بشكل كبير في إمكانية تكوين لجان التأهيل الخاصة وخلق حالة من الفوضى في مقاييس ومعايير التأهيل داخل نفس المادة.
وقد أضر ذلك بمبدأي المساواة والتكافؤ بين المترشحين على اعتبار أن التأهيل الجامعي يفتح الباب للتقدم لمناظرة الترقية لرتبة أستاذ محاضر وهي مناظرة وطنية. كما تسبب في بروز ظواهر غريبة أضرت بالجامعة التونسية على غرار المحاباة وتصفية الحسابات وتكريس ثقافة المحسوبية و الموالاة. وتعتبر الجامعة العامة أن التقليص الواضح في إمكانية اللجوء للجان الخاصة كسب للزميلات والزملاء يحررهم من كل الضغوطات التي قد يتعرضون لها من هذا الطرف أو ذاك، ويمكنهم من التقدم أمام لجان قازة معاييرها في أغلب الأحيان معلنة ومعروفة مسبقا، وحتى وإن كانت مختلفة في بعض الأحيان، فهي متقاربة داخل نفس الاختصاص.
أي معنى للحالات الاستثنائية
إلا أن المنشور الجديد أعطى لوزير التعليم العالي والبحث العلمي في الحالات الاستثنائية وعند الاقتضاء" إمكانية "تعيين لجنة تأهيل جامعي خاصة في اختصاص معين". وتعتبر الجامعة العامة أن هذا الإجراء أيضا مخالف للأمر المنظم للتأهيل الجامعي ولا موجب له ولا تفهم أسبابه أو وجاهته، في ظل اعتماد صياغات تفتح الباب لتأويلات عدة. فأي معنى للحالات الاستثنائية أو لمفهوم "عند الاقتضاء" والحال أنّ المنشور غطي كل الحالات الممكنة لتكوين لجان تأهيل خاصة على مستوى الجامعات؟
في مناقشة ملفات التأهيل والبت فيها:
حافظ المنشور الجديد على كل أحكام منشور 2006 ذات العلاقة بالتقرير السري الذي ترفعه لجنة التأهيل لرئاسة المؤسسة الجامعية التي تتولى رفعه إلى الجامعة. وتؤكد الجامعة العامة على أن مسألة البت في التأهيل الجامعي تهم حصريا لجنة المناقشة وذلك وفقا لأحكام الفصل السابع من الأمرين 1824 و 1803 ساريي المفعول، وأنّه لا شيء تغير في خصوص البت والتصريح والمداولات. وبناء عليه:
-1- تطالب الجامعة العامة الوزارة بتنقية المنشور عدد 30 لسنة 2023 من كل الشوائب والتناقضات مع الأمر عدد 1824 المتعلق بالتأهيل الجامعي، وتطالبها بتشريكها في هذه المراجعة تفاديا لتكرار ما ورد في المنشور من أخطاء وشوائب.
-2- تطالب الجامعة العامة الوزارة بإطلاق العمل الفوري لتوحيد مقاييس ومعايير التأهيل الجامعي وطنيا حسب الاختصاصات احتراما لمبدأي المساواة والتكافؤ وبتشريكها وتشريك لجان التأهيل الجامعي التابعة لمدارس الدكتوراه في هذا العمل، وتؤكد أن لديها تصوّرا كاملا في هذا الشأن ستضعه على ذمة آلية العمل المشترك الذي تجدد المطالبة بإطلاقه فوريًا.