دولي

نداء الجنوب من نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت إلى المجتمعات الأكاديمية والثقافية في العالم

الشعب نيوز / أبو إبراهيم - وجهت نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت برام الله نداء إلى المجتمعات الأكاديمية والثقافية في العالم وجاء في نص النداء:

"في اليوم السابع والعشرين للحرب الإبادية التي تشنها دولة الاستعمار الاستيطاني "إسرائيل" على الشعب الفلسطيني في غزة وعلى امتداد فلسطين التاريخية، والذي يصادف ذكرى تصريح بلفور المشؤوم في 2 تشرين الثاني 1917، الذي شكَّل مصادقة إمبريالية على تأسيس المشروع الاستعماري الصهيوني في بلادنا، نعلن للعالم أننا لا زلنا على قيد الحياة ونخوض معركتنا الوطنية لأجل الحرية وتقرير المصير.

وإننا إذ نعلن أن شعبنا الذي بلغ تعداده 15 مليوناً لا يزال صامداً في فلسطين وعلى امتداد الشتات، لنجدد دعوتنا إلى شركائنا في العالم ومناصري قضايا العدالة والحرية والمتضامنين مع نضالنا الوطني المشروع إلى الوقوف معنا في وجه أعتى موجات الإبادة والتطهير العرقي التي نتعرض لها منذ أكثر من سبعة عقود.

لقد خاطبناكم في بداية هذه الحرب ببيان عنوانه "كلنا فلسطينيون" لنؤكد ما تعرفونه من شروط مظلمتنا التاريخية التي تجاوزت مائة عام وحقنا الذي لا يقبل المساومة في ممارسة كل أشكال الفعل الثوري ضد العنف الاستعماري، ونخاطبكم اليوم ببيان عنوانه "كلنا جنوب" وقد أعادت بنى العنف الامبريالي وهيمناته المتتالية، التي رعت المشروع الصهيوني في بلادنا، اصطفافها تحت اللازمة القديمة التي تعرفونها من أسطوريات "حرب الحضارة ضد البربرية"، وذلك لكسر إرادة الحياة والحرية لدى شعبنا الفلسطيني.

وإننا نرغب في تأطير الوضع كما نراه ونحياه، لا بسبب هذه الجولة الجديدة من الحرب، بل لأننا خبرنا طويلاً هذا العنف الاستعماري واحتملناه.

على امتداد هذه الحرب، استهدف جيش الاحتلال أبناء شعبنا في غزة، الواقعة في جنوب ساحلنا الفلسطيني، مطلقاً العنان وبعنف غير مسبوق لأعتى أسلحة الدمار التي راكمها العدو الصهيوني في ترسانته العسكرية وما تمده به القوى الغربية الشريكة له في العدوان لتعويض الفاقد. وبينما تشن الآلة العسكرية الحرب من سماء غزة وبرها وبحرها، ترافق ذلك أيضاً حملة عدوانية شرسة، تشتمل على القتل والتدمير والاعتقالات الوحشية، ضد أبناء شعبنا في مدن الضفة الغربية والقدس وفلسطين المحتلة في العام 1948. كما وظَّفت دولة المستوطنين طبقات أخرى من ترسانة عنفها المادي والقانوني المجرَّب من خلال استهداف أكاديميي شعبنا وطلابه في الجامعات "الإسرائيلية" جراء إبدائهم "التعاطف" مع ضحايا العدوان في غزة وجرحها المفتوح.

هذا بالإضافة إلى ما يتعرض له الأكاديميون والطلبة والمثقفون والفنانون الفلسطينيون في العالم من الحملات المكارثية لتكميم أصواتهم. ومن منطلق مسؤوليتنا الوطنية والأخلاقية والإنسانية، يتوجب علينا أن نضعكم في صورة الوضع الآن على امتداد فلسطين والشتات في الحقلين الأكاديمي والثقافي: - منذ بدء العدوان الوحشي على غزة، وبالإضافة إلى البيوت والمستشفيات ودور الأيتام والمساجد والكنائس ومراكز الإيواء التي تشرف عليها الأمم المتحدة، استهدفت الآلة العسكرية "الإسرائيلية" وبشكل تدميري ممنهج المدارس والجامعات والمؤسسات الأكاديمية والثقافية بالقصف المباشر وغير المتوقف.

وقد أدت إجراءاتها العسكرية إلى تدمير البنية التحتية لمؤسسات غزة، وشلِّ العملية التعليمية في كافة المؤسسات التعليمية في بقية مناطق فلسطين المحتلة مستهدفة 53 جامعة ومؤسسة للتعليم العالي يرتادها قرابة 250 ألف طالب، و 3 آلاف مدرسة أساسية وثانوية يرتادها قرابة 1.5 مليون طالب. كما كثفت عمليات الإيذاء الجسدي والاعتقال والتهديد والطرد بحق الأساتذة والطلاب والعاملين في الحقلين الأكاديمي والثقافي.

- بالإضافة إلى تورطها المباشر في جرائم نظام الأبرتهايد الصهيوني، تواصل الأكاديميا "الإسرائيلية" الآن انخراطها الفعلي في الحرب الإبادية، وذلك عبر تجنيد مواردها البشرية والمعرفية والدعائية. كما تؤازرها بعض المؤسسات الأكاديمية الغربية بإجراءات مشابهة في تواصل لدورها الاستعماري بحق أبناء شعبنا ومناصريه لغرض فرض صمت خانق ومحو لفلسطين وللأصوات الفلسطينية. ونحن إذ نرصد عدوانية هذه المؤسسات، لندعو كافة رفاقنا في العالم، في النقابات والمؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية والمجموعات التخصصية، إلى تفعيل انخراطهم في حركة المقاطعة (BDS)، التي تهدف إلى إنهاء الدعم العالمي للعدوان "الإسرائيلي"، وحمل "إسرائيل" على الالتزام بالقانون الدولي عبر حملة مقاطعتها، وفرض العقوبات عليها، وسحب الاستثمارات منها.

إن الحرب الإبادية التي تشنها "إسرائيل" اليوم ضدنا لا تدع أي مجال للشك في صدقية منطلقات حركة المقاطعة وندائها الصادر في العام 2005. - إن المحاولات الخجولة والاعتذارية التي ظهرت في الأيام الأولى للحرب من قبل عدد قليل من الأكاديميين والمثقفين العالميين لـ"إدانة العنف من الطرفين" لا تستحق الرد.

ولكننا نستثمر هذه الفرصة للتأكيد أنه لا يوجد "طرفان" في حرب الإبادة الحالية، بل جيش مجرم يمارس وحشيته وشعب محاصر يمارس حياته وحقه في الدفاع عنها. وهذه جولة جديدة من الحرب الطويلة التي تشنها دولة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني "إسرائيل" على الشعب الفلسطيني ومقاومته. وهي حرب يظهر فيها بوضوح فائض الحق الفلسطيني في مواجهة فائض القوة "الإسرائيلي"، حيث لا يوجد تكافؤ أخلاقي بين المستعمَر والمستعمِر ولن يكون: لا تكافؤ بين سيفهم ودمنا، ولا تكافؤ بين حديد قذائفهم ولحم ضحايانا.

وعلى ذلك، فإن وضوح جريمة الإبادة المروعة في غزة اليوم لا يدع مجالاً للجدل حول شكل التضامن وآليته وغايته، بل يحملنا على تذكيركم بما تعرفونه جيداً من أبجدية المشترك الإنساني والمعرفي والأخلاقي في نضالنا الجماعي ضد كل الشروط الاستعمارية في العالم. نذكركم أن التضامن يبدأ من التسليم بالامتياز المعرفي للمظلومين، وأن لهم الحق في تحديد شكل نضالهم ووسيلته وغايته. أنتم شركاؤنا في إنسانيتنا، وأنتم شركاؤنا في معركة الدفاع عنها: كلنا جنوب، كلنا فلسطينيون، كلنا مقاومة، كلنا غزة."