في الذكرى ال71 لاستشهاده... الزعيم حشاد والتلازم بين النضال الوطني والإجتماعي...
الشعب نيوز / بديع السعدي عضو المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي ببن عروس - تمكن فرحات حشاد بعد تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل من تعبئة الطبقة الشغيلة التونسية، وتنظيمها حتى تلتف حول الحركة الوطنية التحريرية وتنخرط فيها.
كما انخرط الاتحاد في الاتحاد الدولي للنقابات الحرة سنة 1951 ليتخذه حشاد منبرا في المحافل الدولية للدفاع عن حق تونس في الاستقلال ، وليحشد الدعم الدولي الواسع للقضية الوطنية التونسية.
بالإضافة إلى تأكيده على ضرورة العمل على تحسين ظروف عيش العمال وبقية الفئات الشعبية وإعانتهم على تحقيق مطالبهم المهنية الملحة والدفاع على حقهم في تنظيم صفوفهم نقابيا، عمل حشاد على ربط الحركة النقابية بالقضية الوطنية ربطا وثيقا، ليكرس في وعي الشغيلة رئيسية المسألة الوطنية ، ويثبت لديهم أن كل المسائل الاجتماعية ،والثقافية، وغيرهما جميعها عمقها وطني وأن أي نضال اجتماعي مجرد من الوعي بضرورة كنس المستعمر هو نضال عقيم لا يفضي إلى نتائج ملموسة.
وتأكيدا على خط حشاد الوطني لا بأس من ذكر أهم ما كتب في هذا الشأن. " إذن فإننا نقاوم الاستعمار لأنّه عدونا الألد ولأنّه عدو كل حركة تقدمية وكل عمل يرمي إلى احياء الشعور وكرامة البشر فهو عدو الانسانية لا ينمو إلاّ في ظلّ الجهالة والفقر والخوف واذلال النفس والوهم وما إلى ذلك من المآسي التي يسوء البشرية أن تنسب إليها بحال من الأحوال.فكيف يروق لنا العيش معشر الاخوان ما دمنا لم نتغلّب على الاستعمار ؟ وكيف نركن إلى الراحة ما دمنا نرزح تحت سيطرة الاستعمار ؟ "
.. من مقال " لماذا نقاوم الاستعمار ؟" خطه حشاد في 16 ماي 1947.
إلى جانب قيادته النقابية اندفع حشاد في قيادة الحركة الوطنية بأكملها اثر اعتقال القيادات السياسية للحزب الحر الدستوري الجديد في بداية الخمسينات من القرن الماضي، وقد كان حاسما وصلبا في جوهر المسألة الوطنية التونسية وهو مقاومة المستعمر، فقد أسدى تعليماته للمقاومة التونسية بدحر المستعمر من كل شبر من الأرض التونسية خاصة بعد تفصّي الحكومة الفرنسية من وعدها بمنح تونس استقلالها الداخلي في ديسمبر 1951.
وفي سبيل دحر المستعمر قدم الاتحاد العام التونسي للشغل قافلة من الشهداء أبرزهم الزعيم المؤسس فرحات حشاد الذي اغتالته يد الغدر الفرنسية يوم 5 ديسمبر 1952 فضلا عن الاعتقالات والملاحقات التي طالت العديد من النقابيين والعمال وباقي الفئات الشعبية بعد مظاهرات عارمة قادتها النقابات التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل تنديدا بالمستعمر الغاشم وطلبا للاستقلال.
-- #فرحات حشاد حسم أمهات القضايا
1 - #مسألة الحياد النقابي لا يعني شعار "استقلال الاتحاد " و" اتحاد مستقل والقواعد هي الكل " الذي هو شعار صحيح برز بقوة أثناء تحركات 26/ 01 / 1978، لا يعني الحياد بل يعني استقلالية الاتحاد عن سياسة الحزب الحاكم آنذاك التي ترجمت حينها في استقالة الحبيب عاشور أمين عام الاتحاد من الديوان السياسي للحزب الحاكم وعبّرت عن رفض أن يكون الاتحاد مجرّد ملحق للحزب الحاكم وعن رفض القواعد العمالية لسياسته التي استهدفت المنظمة الشغيلة وتصدّت للمطالب المشروعة لجماهير الشعب الغفيرة.
وقد حسم الزعيم الشهيد حشاد مسألة الحياد بكلّ وضوح منذ أربعينات القرن الماضي حيث يقول حشاد في مقال له بتاريخ 16 ماي 1947 " الحركة النقابية والقضية الوطنية : " إنّ منظّمتنا كسائر المنظّمات النقابية لا تخوض في المسائل السياسية الحزبية احتراما لحرية الفكر وتجنّبا لأسباب الاختلافات التي تتبع المسائل الحزبية والتي من شأنها أن تعود بالتفرقة بين صفوف العملة ولكن هنالك مسائل وطنية عامة هي موضوع اتفاق الجميع يتحتم علينا أن تسير على ضوئها وأن تسعى لتدعيمها. وكلمتنا هذه تنطبق في الحقيقة على كلّ المنظّمات غير الحزبية سواء كانت ثقافية أو أدبية أو رياضية أو صناعية فكلّ هذه المنظّمات تتجنّب من السياسة ما يسمّى بالمسائل الحزبية والنزعات المذهبية وأما المبادئ العامة التي لا تردّد فيها لأي فرد من الشعب فمن الواجب أن نتمسّك بها ".
( فرحات حشاد ) 2- #مسألة "الحلقة المفقودة " توجد نزعة يمكن التعبير عنها بنزعة "الحلقة المفقودة" التي لا يعثر أصحابها عن حلقة الربط بين المطالب المباشرة والمسائل الوطنية الرئيسية فيصبح هناك نضال من أجل مطالب مباشرة معزول عن المسألة الوطنية التي تصبح مجرّد شعارات عامة تردّد بمعزل عن الواقع المعاش جماهيريا. وهذه النقطة أيضا حسمها حشاد حيث أبرز بوضوح في نفس المقال الارتباط الوثيق بين كفاح الشغّالين لتحسين حالتهم ومسألة الإطاحة بالنظام الاستعماري : " فكفاح الشغالين لتحسين حالتهم الأدبية والمادية إذا مرتبط أمتن ارتباط بمصالح البلاد العليا لأنّ ذلك التحسين يستوجب انقلابا اجتماعيا لا يمكن التحصيل عليه ما دامت البلاد ترزح تحت نير النظام الاستعماري " ( فرحات حشاد ).
فكفاح العمال من أجل تحسين حالتهم المادية والأدبية إذن مرتبط موضوعيا وعينا ذلك أم لم نعه بمصالح البلاد العليا. لأنّ هذا التحسين لا يمكن تحقيقه دون الإطاحة بنير النظام الاستعماري.
هذه الحقيقة التي وعاها حشاد هل جعلته يستنكف أو يكف عن تنظيم نضال العمال والشغالين وكل فئات الشعب في كل النواحي من أجل تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية ؟..على العكس فقد وقف حشاد على الدوام إلى جانب الشغالين في نضالهم بمختلف أوجهه لأن حشاد يعلم جيدا أن العمال والشغالين لن يعو حقيقة أسباب تردّي أوضاعهم إلاّ من خلال نضالهم اليومي لتحسين أوضاعهم فدأب على مخاطبتهم ليرتقي بوعيهم متناولا أوضاع البطالة وتشرد الأطفال وحرمانهم ووضع التعليم. وهو يعلم أنه لو فعل غير ذلك لوجد نفسه وحيدا يردد دون جدوى : يجب الإطاحة بالنظام الاستعماري والحقيقة التي توصّل لها حشاد هي قانون أثبتته كل التجارب الثورية مفاده أن الجماهير تعي الحقائق من خلال نضالها العفوي لتحسين ظروفها المادية والمعنوية للتغلب على أوضاعها المتردية وليس من خارجها. وهنا يأتي دور العنصر الواعي ليعينها على اكتساب الوعي من خلال نضالها.