دولي

وكالة ستاندرد آند بورز” : الوضع في تونس يتسم بالغموض و صندوق النقد الدولي قد يرفض اتفاقا جديدا مع تونس

أكدت وكالة “ستاندرد آند بورز” أن الاضطرابات السياسية الأخيرة في تونس خلقت وضعية يكتنفها الغموض، وذلك على الأقل على المدى القصير وانه من المرجح أن تشهد البلاد انتعاشة بطيئة للنمو بين بلدان شمال إفريقيا الثلاثة وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصفة عامة وذلك بواقع نسبة نمو في حدود 3.8 بالمائة فقط هذا العام وب2.1 بالمائة في المتوسط على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مستندة في ذلك على معطيات صندوق النقد الدولي. وكشف التقرير أن الوضع في تونس في المراحل القادمة غير واضحة التي تعتبر أن تطور الوضع العام في البلاد يمكن أن يؤثر على نشاط البنوك التونسية، على نحو خاص. ووفقا لتقرير الوكالة ” تزيد حالة عدم اليقين من توتير مناخ عمل البنوك المتقلب أصلا بسبب تداعيات كوفيد-19 والتي تفاقمت في الأسابيع الأخيرة بعد زيادة عدد الحالات الجديدة، وهو ما أدى إلى تباطئ نسق تطور القطاع السياحي”. كما يؤكد تقرير وكالة التصنيف الدولية أن الوباء تسبب في انكماش غير مسبوق للناتج المحلي الإجمالي بنسبة ناهزت 8.6 بالمائة في عام 2020، حسب البيانات الإحصائية لصندوق النقد الدولي، مما أدى إلى تفاقم اشكالات الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس بعد عقد من عدم تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتسجيل مستويات نمو متدنية.

وفي هذا السياق، من المرجح حسب التقرير أن يشهد الاقتصاد التونسي عودة جد بطيئة إلى مستويات ما قبل الجائحة مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4 بالمائة لا غير سنويًا وفي المعدل على مدى الاعوام الخمس المقبلة، بناءً على توقعات صندوق النقد الدولي. ومن غير المرتقب أن يكون هذا المستوى من النمو كافياً لمجابهة معدلات البطالة المرتفعة وتدهور مستوى المعيشة في البلاد، مما يمكن أن يؤدي إلى تأجيج الاحتقان الاجتماعي من جديد. واعتبرت الوكالة أن العجز المرتفع في الميزانية أدى إلى جعل الدين العام غير مستدام وانه من المنتظر ان تتفاقم المديونية في صورة عدم التعامل والاعتماد على المؤسسات المالية الدائنة متعددة الأطراف. كما اعتبرت ان عدم الاستقرار السياسي الحالي قد يؤدي إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للخطر ويفرض تحديات مالية كبيرة على البلاد. من جهتها قال التقرير ان البنوك التونسية ستواجه وضعية اقتصادية كلية وتشغيلية أكثر صعوبة مع دعائم مالية محدودة ومخاطر متنامية علاوة على إمكانية تراجع مداخيلها بصفة عامة لافتا الى أنها تنشط في بيئة شديدة التنافسية وتتصف بالتجزؤ مع آفاق نمو متقلبة واحتمالات لتزايد الخسائر المرتبطة بنشاط الإقراض. وتؤكد الوكالة أن الهيكلة الحالية للنظام البنكي تتسم بالمنافسة الشديدة على مستوى هوامش الفوائض والعمولات التي يتحملها الحرفاء خصوصا ان البنوك تسعى للتعامل مع عدد قليل من كبار الحرفاء من ذوي القدرة على تسديد ديونهم والايفاء بالتزاماتهم تجاهها.

وتعتقد “ستاندرد آند بورز” أن هذه العوامل ستؤدي إلى زيادة تآكل مكونات الأموال الذاتية البنكية غير الكافية اصلا، خاصة في ما يتعلق بالبنوك صغيرة الحجم وانه من المرجح أن تحتفظ البنوك بمخصصات عالية لتغطية الخسائر المحتملة في ما يهم نشاطها في منح القروض نظرًا لإقراضها العالي لقطاعات التجزئة والسياحة والعقارات وبعض قطاعات التصدير التي تجابه صعوبات مبرزة ان ذلك سيؤثر في النهاية على ربحيتها ورساميلها. وخفض البنك المركزي سعر الفائدة مرتين في مارس وأكتوبر، بمعدل تراكمي يناهز 150 نقطة أساس (إلى 6.25 بالمائة)، مع الاستمرار في ضخ السيولة للبنوك ودعمها، على هذا المستوى. ولكن “ستاندرد آند بورز” تعتقد أن هذا الدعم سيستمر خلال الأشهر القليلة المقبلة لمساعدة النظام البنكي على التعامل مع حالة عدم اليقين السياسي. وتعتبر الوكالة ان استمرار هذا الدعم أمر بالغ الأهمية نظرا لانخفاض مستويات التمويل للبنوك التونسية.

ابو خليل