شعوذة وانسحابات إجبارية ومظالم تحكيمية : حكايات وغرائب سجلها تاريخ كأس الأمم الأفريقية
الشعب نيوز / كعب - لطالما تميزت كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم منذ إطلاقها في عام 1957 بالسودان بحكايات طريفة وغرائب بقيت راسخة في أذهان عشاق الكرة المستديرة في القارة السمراء من السحر إلى الانسحابات الإجبارية والاختيارية وصولا إلى الأخطاء التحكيمية.
عندما يتعلق الأمر بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، فمن المؤكد أن عشاق الساحرة المستديرة يحافظون على ذكريات خاصة واستثنائية تتميز بها المسابقة بالقارة السمراء عن نظيراتها في أوروبا وآسيا والأمريكيتين.
وبالرغم من أن بعضها كان مؤلما، إلا أن هذه الحوادث جعلت هذه المنافسة فريدة بقصص لا علاقة لها بالميدان في بعض الأحيان.
* لعنة السحر تلاحق كوت ديفوار لعشرين عاما
لعل أبرز قصة سحر وشعوذة في كأس الأمم الأفريقية تتعلق بمنتخب كوت ديفوار ، البلد المضيف لنسخة 2024، وبالتحديد عندما حصلت على لقبها الأول في عام 1992 بالسنغال.
حينها، كان الإيفواريون يملكون منتخبا مميزا واستعدوا بشكل جيد للمسابقة لكن الاستعدادات لم تشمل اللاعبين، إذ كشفت صحيفة "لومونود" الفرنسية أن وزير الرياضة حينها ريني ديبي قدم لهم مساعدة بطريقة أخرى وصفها بـ"الإعداد النفسي" فقد توجه الوزير إلى قرية أكراديو، التي تقع في المحافظة التي ينحدر منها، للقاء سحرة معروفين بنية مساعدة "الأفيال" للعودة بالكأس من داكار.
وبالفعل تحققت تنبؤات سحرة أكراديو وعاد المنتخب بالكأس بعد نهائي مثير ضد غانا شهد أطول حصة ركلات ترجيح في تاريخ المسابقات الدولية تميز فيها الحارس الإيفواري الشهير ألان غواميني.
ولكن قصة السحر مع "الأفيال" لم تتوقف عند هذا الحد فبعد أن أخلف ديبي عن التزاماته المالية مع السحرة، استشاط هؤلاء غضبا، وقالوا حينها إن لعنة ستصيب منتخب كوت ديفوار ولن يفوز بالكأس القارية طيلة عشرين عاما.
وبالفعل، رافق النحس كوت ديفوار في القارة السمراء وخسرت اللقب في بعض المرات بطريقة غريبة، خصوصا في العقد الأول من الألفية الثالثة مع جيل ديدييه دروغبا وأرونا كوني والأخوين يايا وكولو توري والحارس جون جاك تيزيي وديدييه زوكورا.
فبين عامي 2006 و 2012، خسر "الأفيال" مباراتين نهائيتبن بضربات الترجيح أمام مصر ثم زامبيا.
وبعد مرور أكثر من عقدين من الزمن من التتويج القاري، تم تعيين الفرنسي هيرفي رونار مدربا للفريق، وقال الصحافي الرياضي الفرنسي كريستوف غليز، إن رونار أخبره بأن أولى قراراته كانت لقاء هؤلاء السحرة لتطييب خاطرهم.
تطييب الخاطر هذا "ربما" كان السبب في عودة "الأفيال" بالكأس في نسخة 2015 بغينيا الاستوائية.
* القبض على الأسطورة الكاميروني نكونو بعد اتهامه شرطة مالي برش الملعب بمادة "مشبوهة"
حكاية السحر التي نرويها هذه المرة حدثت في أرض الملعب ووُثقت بالصور.
فقبل نصف نهائي نسخة 2002 بين "أسود" الكاميرون ومالي المضيفة، لاحظ مدرب حراس الكاميرون الشهير توماس نكونو أحد رجال الشرطة الماليين يرش أرضية الملعب بمادة غريبة قبيل فترة الإحماء، وسرعان ما توجه نكونو إليه لثنيه عن صنيعه لينتهي الأمر باشتباك معه قبل أن تلجأ الشرطة إلى اعتقاله مقيد اليدين.
هذه المشادة كادت أن تتسبب في إلغاء المباراة، وبعد مفاوضات "صلح" قادها الاتحاد القاري للعبة، تم إطلاق سراح نكونو ولُعبت المباراة ولم يجد السحر نفعا إذ فازت كاميرون إيتو ومبوما وريغوبر سونغ بثلاثية نظيفة.
* انسحابات لأسباب سياسية وأمنية والمغرب يتخلى عن تنظيم البطولة لأسباب صحية
شهدت بعض دورات كأس القارة السمراء انسحاب منتخبات لأسباب مختلفة اختلطت بين السياسة والأمن والرياضة، والصحة أيضا.
ففي مباراة تحديد المركز الثالث لنسخة 1978 في غانا، تقدمت تونس أمام نيجيريا بهدف لمهاجمها الراحل محمد علي عقيد قبل أن يدرك النيجيريون التعادل في الشوط الأول، لكن التونسيين انسحبوا من المباراة بسبب ما اعتبروها قرارات تحكيمية "ظالمة"، ليقرر الاتحاد الأفريقي للعبة منح المركز الثالث لنيجيريا وحرمان تونس بجيل ذهبي من تميم الحزامي وطارق ذياب ونجيب غميض و الصادق ساسي "عتوقة" وعلي الكعبي وغيرهم من المشاركة في نسخة 1980.
الانسحاب الثاني الشهير كان مع نيجيريا سنة 1996، فبعد تتويجها بجيل ذهبي يضم أموكاشي وأمونيكي في تونس 1994، قررت نيجيريا الانسحاب من النسخة الموالية التي نظمتها جنوب أفريقيا لأول مرة بعد عودتها للساحة القارية إثر نهاية حقبة نظام الفصل العنصري.
ويعود الانسحاب لخلاف سياسي حينها بين الرئيس النيجيري ساني أباشا والزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا.
فقرر الاتحاد الأفريقي لكرة القدم منعها من المشاركة أيضا في نسخة 1998، ما حرم المتابعين من مشاهدة جيل رائع يضم نوانكو كانو وأوكوشا وبابانجيدا وتاريبو ويست وفيكتور إيكبيبا.
هذا الانسحاب "السياسي" مهد الطريق لفوز "البافانا بافانا' باللقب على حساب تونس.
أما ثالث أشهر انسحاب فهو لمنتخب توغو، وكان هذه المرة لأسباب أمنية.
ففي نسخة أنغولا 2010، خيرت بعثة توغو السفر برا عبر حافلة إلى منطقة كابيندا التي تلعب فيها مباريات الدور الأول لكن البعثة تعرضت لهجوم مسلح عند الحدود الأنغولية-الكونغولية تبناه انفصاليو "منظمة تحرير ولاية كابيندا"، بينما كانت في طريقها الى المشاركة في نهائيات كأس الأمم الأفريقية السابعة والعشرين.
وأدى الهجوم إلى مقتل ملحق صحافي ومساعد المدرب، بالإضافة إلى إصابة تسعة اشخاص آخرين بينهم لاعبان. وأمرت الحكومة التوغولية لاعبيها بعدم المشاركة في النهائيات القارية والعودة إلى لومي وقد أرسلت لهذه الغاية طائرة خاصة اعادت المنتخب ليلا إلى عاصمة البلاد.
إضافة إلى انسحاب المنتخبات، سجلت كأس الأمم الأفريقية مرارا تخلي دول عن التنظيم أو سحبها منها كانت في معظمها لعدم جاهزية بنيتها التحتية أو لأسباب أمنية مثل نسخة ليبيا 2012
ولكن أشهرها يبقى سحب تنظيم نسخة 2015 من المغرب ومنحها لغينيا الاستوائية بعد أن طالبت المملكة حينها بتأجيل البطولة بسبب انتشار فيروس "إيبولا" في عدد من دول القارة.
إلا أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدمرفض هذا المقترح رفضا باتا وسحب التنظيم من المملكة وقرر حرمانها من المشاركة في نسختي 2017 و2019 قبل أن يتم التراجع عن ذلك.
* من مأساة تحطم طائرة منتخب زامبيا وُلد جيل ذهبي في كأس الأمم الافريقية
ما يزال تاريخ 27 أفريل 1993عالقا في تاريخ الأحداث المؤلمة في الكرة الأفريقية، عندما سقطت طائرة المنتخب الزامبي المتجهة إلى داكار لملاقاة السنغال في تصفيات كأس العالم.
وقد قُتل كل وفد المنتخب مع طاقم الطائرة.
ومن ذلك الجيل الرائع، "نجا" أبرزهم وهو محترف إيندهوفن الهولندي كالوشا بواليا الذي ومن محاسن الصدف سافر في طائرة خاصة إلى داكار.
ومن رحم هذه المأساة، وُلد جيل تاريخي جديد لزامبيا بقيادة بواليا ووصل إلى نهائي تاريخي في 1994 خسروه أمام "نسور" نيجيريا.
* "نجوت من الموت".. الحكم الزامبي سيكازوي ينهي مباراة تونس ومالي قبل أوانها... ومظالم تحكيمية بالجملة
آخر نوادر كأس الأمم الأفريقية حدثت في نسخة الكاميرون 2022، وبالتحديد في مباراة الدور الأول بين مالي وتونس والتي انتهت قبل آوانها.
فعندما كان الماليون متقدمين بهدف في الدقيقة 84، أعلن الحكم الزامبي جاني سيكازوي نهاية المباراة وسط ذهول مدرب تونس حينها منذر الكبير، ما جعل الحكم يتحدث مع مساعديه ليقر باستئناف اللعب.
وما هي إلا أربع دقائق، حتى أعلن سيكازوي مجددا عن نهاية المباراة قبل نفاد وقتها الأصلي بثوان ودون احتساب وقت بديل، وسط ثورة المدرب التونسي ومساعديه.
لكن سيكازوي صمم هذه المرة على إنهاء المباراة، وقد بدا عليه الإعياء حينها.
وصرح للصحافة المحلية بعد المسابقة بأنه كان على حافة الموت وأن "الله أمره بإنهاء المباراة لإنقاذ حياته".
بخلاف هذه الحادثة الشهيرة، طالما تحدث مدربون ولاعبون وصحافيون عن أخطاء تحكيمية كارثية غيرت وجهة ألقاب قارية على مدى عقود في أفريقيا.
لكن أشهرها على الإطلاق يبقى نهائي نيجيريا والكاميرون سنة 2000 عندما انتهت المباراة بالتعادل بهدفين لكل فريق ليتم اللجوء لركلات الترجيح.
وفي لقطة كانت سببا مباشرا في حسم اللقب لصالح رفقاء صامويل إيتو، لم يحتسب الحكم التونسي مراد الدعمي ومساعده مراد العجنقي ركلة ترجيحية لنيجيريا بعد أن ارتطمت الكرة بالعارضة وتجاوزت خط المرمى، لتحرم نيجيريا من التتويج على أرضها وأمام جماهيرها.
* استخدام دراجة "موتوبيكان" نقالة للاعبين المصابين من أرض الملعب
من اللقطات الطريفة التي بقيت عالقة في أذهان متابعي كرة القدم الأفريقية، استخدام دراجة نارية من طراز "موتوبيكان" في نسخة بوركينا فاسو 1998 في عملية نقل اللاعبين المصابين لتقي العلاج خارج أرض الملعب.
وفي تلك الحقبة، كان استخدام هذا النوع من الدراجات وسيلة النقل الأولى التي يستخدمها سكان بوركينا فاسو في حياتهم اليومية، ليتم تخليد "ثقافة الدراجة النارية" في البلاد عبر كرة القدم.
* عقوبة عسكرية.. بسبب الانسحاب من الدور الأول
عندما خرج لاعبو منتخب كوت ديفوار من الدور الأول في نسخة غانا والكاميرون سنة 2000، لم يخطر ببالهم أنهم لن ينزلوا في مطار أبيدجان بل في قاعدة عسكرية.
وبقيت البعثة ثلاثة أيام وتمت معاملة أفرادها مثل المجندين الجدد الذين يؤدون الخدمة العسكرية وقيل إنهم تلقوا دروسا حول مفهوم الوطنية.
وبعد أن شاع الخبر في الصحافة الدولية، تم إطلاق سراحهم فيما بررت السلطات قرارها نقلهم إلى هناك بالخوف من غضب الشارع بسبب أدائهم المخيب.