الى قضاة محكمة العدل: حكّموا ضمائركم وانقذوا قيم الحق والعدل والكرامة ورفعة القانون الانساني
آراء حرة - بقلم الاستاذ المختار اللواتي *
إن محكمة العدل الدولية، هي الخيط الرفيع من الأمل الذي بقي يتمسك به أحرار وحرائر العالم بعد سقوط منظمات وهيئات الأمم المتحدة تباعا تحت وطأة الهيمنة الأمريكية المتبنية والداعمة لإرهاب الكيان الصهيوني الإستعماري ولمجازر الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني وبالذات أبناء قطاع غزة بنسائهم وأطفالهم. هذه المجازر التي يمضي هذا الكيان في إتيانها بكل صلف ووحشية، وقد وصل حد الأمس عدد الشهداء وضحايا هذا العدوان المستمر لقرابة المائة يوم، أكثر من 23 ألفاً.
من جنوب افريقيا
ولَإن تأخر كثيرا زمن انعقاد جلسات تلك المحكمة حتى نهضت دولة جنوب إفريقيا مدعومة بعدد من الدول المؤمنة بقيم العدل وحرية الشعوب، من جنوب أمريكا وبقاع أخرى من العالم. وقد تقدمت دولة جنوب إفريقيا بشكواها إلى محكمة العدل الدولية في عريضة تفوق 80 صفحة ملأى بالإثباتات، من صور وشهادات، على اقتراف جيش الاحتلال بإمرة من قادته السياسيين وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان المحتل أو عصابة الاحتلال، مجازر الإبادة الجماعية الوجشية منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، والتي حولت كامل قطاع غزة بمستشفياته ومدارسه وممثليات المنظمات الإنسانية فيه إلى ركام من الأنقاض مع قفل طرق إيصال الأدوية والأغذية والوقود إلى سكانه تنكيلا بهم على رفضهم الإنصياع لآوامر جيش الاحتلال بمغادرة أرضهم. مفضلين البقاء فوقها في العراء تحت تواتر الغارات الجوية والقصف الجنوني.
أشهر وسنوات
أيا قضاة محكمة العدل الدولية، صحيح أنكم تشرعون بداية من حبن افتتاح جلساتكم صباح هذا اليوم، في اتباع إجراءات ترتيبية قانونية وفق منطوق نظام عملكم. والجميع يعرف أن مجمل هذه الجلسات يمكن أن تطول أشهرا بل سنوات، ومنطلقها جلسات الإستماع وبقية التراتيب التقليدية في مثل هذه الحالات والأوضاع. ومن يدري ماعساه يطبخونه لكم في الأثناء لتحيدوا عن مساركم الإجرائي المحترم للقانون يكون في الأثناء من دبر ونفذ هذا العدوان الوحشي على الشعب الفلسطيني، وهو ليس الأول ولكن الأشرس والأوحش، قد وضع سناريو مهزلة جديدة يرعاها النظام الأمريكي الشريك والمشرف على كل مراحل هذا العدوان من قبل انطلاق تنفيذه. فيأتي قرار بهلواني خادع بإيقاف الحرب على غزة والدخول في ماراطون جلسات تفاوض بلا أول ولا آخر.
شهود عيان
بخلاصة أيها السادة والسيدات، أنتم جميعا، كما جميع سكان المعمورة، شهود عيان على بشاعة مجزرة الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني وجيشه المحتل. ولعل تلك المظاهرت الحاشدة التي غصت بها شوارع أكبر عواصم دول العالم منددة بالعدوان الوحشي الصهيوني ومنادية بحرية فلسطين وانعتاقها من نير الإستعمار الصهيوني الغاشم أصدقُ دليل وأبلغُ برهان على جرائم الكيان المحتل وجيشه.
فلتُحَكِّموا ضمائركم وتجعلوا ماشاهدتموه وما تقرؤونه من شهادات عرضها عليكم وفد جنوب إفريقا وجمهرة المحامين الذين تقدموا للمرافعة والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني وضحاياه، الأساسَ الكافي وزيادة لإصدار الأحكام المنصفة لعشرات آلاف الضحايا وأهاليهم وكامل الشعوب المؤمنة بقيم العدل والحرية والمساواة .
لاداعي للإطالة ولاتنساقوا في متاهات أباطرة استغلال الشعوب، ولايغرّنّكم موافقة ناتنياهو على تلبية أية دعوة له منكم بالحضور لعرض مسرحية سمجة يقلب فيها الحق بالباطل والظهور بمظهر المظلوم لا الظالم.
سجلوا أسماءكم
فلا تقطعوا هذا الخيط الرقيق الذي يتشبث به أحرار العالم حتى تنقذوا قيم الحق والعدل وكرامة الإنسان ورفعة القانون الإنساني من إجرام أعداء هذه القيم الكونية النبيلة والتي أفنى فلاسفة العالم حياتهم في كل العصور ومنذ عصر الأنوار بالذات في نشرها والتعريف بفضائلها ومواجهة كل أصناف المخاطر من أجل ذلك. فلتسجلوا أسماءكم وأفعالكم بنور خالد يظل مشعا أبد الدهر ولتصدعوا بالقرار العادل.
* صحافي ومناضل نقابي سابق في اذاعة صفاقس
* العنوان الرئيسي والعناوين الفرعية من وضع التحرير