ماذا قدم "أصحاب الفكرة" للمشهد الثقافي و الإعلامي غير التفاهة والسفاهة و الإسفاف و الإنحطاط ؟
الشعب نيوز / عبد العزيز بوعزي الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين - " انا من كنت طوال حياتي مدافعا عن حرية الرأي والتعبير وكنت مستعدا للتضحية بحريتي من أجل أن أضمن لك أن تعبّر عن رأيك، ذلك ما آمنت به فكرا و عملت على تنفيذه ممارسة.
وقد سعيت أن أطبقه مع تلامذتي في حياتي المهنية وفي الحياة العامة، سواء الحزبية التي عشتها في السرية أو في العلن أو في نشاطي النقابي داخل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي بدأ في عام 1985 أو في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ انخرطت فيها سنة 1991.
بإختصار كنت ولازلت من أنصار حرية الرأي والتعبير ولكني هذه المرة سأختلف من نفسي ومع كل من اختلف معي حول أفكار صاحب "الفكرة" وأتساءل ماذا قدمت "فكرته" من إضافة للمشهد الثقافي والإعلامي في تونس حتى لا أقول المشهد العلمي، فعلى مدى أكثر من عشر سنوات لم تقدّم "فكرته" وقناته غير التفاهة والسفاهة والاسفاف والانحطاط وحتى لا أتجنى عليه وحده فلم يشذّ المشهد الإعلامي في تونس عن ذلك. فأغلب البرامج المقدمة تشجع على الانحطاط والانحلال وفساد الذوق والأخلاق.
فلم نشهد يوما برنامجا للابداع في الموسيقى أو الشعر أو الأدب بصفة عامة مما يساعد على الارتقاء بالوعي وتهذيب الأخلاق والرقي بالذوق الخاص والعام حيث لا نشهد غير البرامج التي تتاجر بأعراض الناس وسمعتهم من خيانة زوجية إلى شاب يبحث عن أمه البيولوجية التي تخلت عنه "لحمة" حمراء في كرطونة أمام باب مسجد أو بيت وفي أحسن الأحوال في مستشفى إلى أم أو أب غادر بيت الأسرة وترك الأطفال لمصيرهم ولا يهمه كيف يكون مستقبلهم كما يقول العامي "فكرنوا والا الله لا يجعلهم بش فكرنوا" أو برامج تقدم أشباه فنانين أو فنانات لا يقدمن غير عرض للمفاتن والقدرات الجسمانية هذا هو المشهد الإعلامي الذي عشنا على وقعه طيلة ما يزيد عن عشرية سوداء وحمراء" .
وأؤكد أنني لست محافظا ولا متزمتا في أفكاري حتى لا يعتقد البعض أني متحجر وضد مبدأ التطور فقط أنا لا أقبل الانحلال وفساد الأخلاق فقد حكمت هذه البرامج و" الافكار" على جيل كامل بالانحلال والانحطاط و" قلة التربية " في الشارع التونسي فلا تستطيع إن كنت عفيفا أن تصحب زوجتك أو أختك أو ابنتك في الشارع أو السوق أو الأماكن العامة لكثرة وهول ما تسمعه من بذاءة ورداءة من جيل "الفكرة" والإعلام الخاص. وقد انعكس كل ذلك على الحياة المدرسية فإزداد منسوب العنف فكثيرا ما نسمع عن تلميذ عنف أستاذه أو أستاذته أو زميله كما تسرب العنف إلى الأسرة والشارع وكلها نتاج أفكار أصحاب "الفكرة".
وبصراحة وإن كنت من أنصار الحريات الخاصة والعامة فأنا مع رقابة على هذه البرامج التافهة التي تفسد أخلاق الناس و أنا مع قانون لزجر كل هذه الظواهر السلبية في مجتمعنا لأن خراب المجتمعات وانهيارها يرتبط بفساد أخلاق أفرادها ودائما أردد بيتا من شعر أحمد شوقي " إنما الأمم الأخلاق مابقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا وربي يهدي الجميع.."