المناضل فتحي بن الحاج يحيى للشعب نيوز: الاتحاد صاري سفينة الديمقراطية في تونس
الشعب نيوز / صبري الزغيدي - أكد المناضل الديمقراطي والكاتب فتحي بن الحاج يحيى أن كبرى محطّات التاريخ المعاصر لبلادنا أثبتت الدور الحاسم للاتحاد العام التونسي للشغل في كلّ محطة ومناسبة بداية من الاستقلال، وآخرها يوم 12 جانفي 2024 وهبّة جهة صفاقس التي حسمت أمر الثورة ثمّ تصدّيه لاحقا لمحاولات الإسلام السياسي التمكّن من الدّولة والمجتمع .
وبيّن فتحي بن الحاج يحيى في حديث للشعب نيوز أنه ليس بالغريب أنّ وَهَن الحركة الديمقراطية والاجتماعية اليوم هو من وهن المنظمة الشغيلة لعدة أسباب، قد تكون بدايتها هو بقاء الاتحاد بالعيش على ثقافة تجاوزها الزّمن ولا تختلف كثيرا عن ثقافة الحزب الدستوري البورقيبي من حسابات وكواليس المؤتمرات، وغير ذلك من المظاهر التي أنهكت جسده كما أنهكت جلّ الأحزاب والمنظّمات التي لم تتجاوز هذه الأفق ولم تفهم مقوّمات الزّمن الجديدة والتّعاطي مع العقليات الشبابية الجديدة، حسب تعبيره.
تغير الخارطة الطبقية
من جهة أخرى، أبرز بن الحاج يحي ان الاتحاد لم يدرك بعد تغيّر الخارطة الطبقية والاجتماعية في البلاد، وتراجع مكانة الطبقة الشغيلة عدديّا وبالتالي تقلّص وزنها في المعركة الاجتماعية ودخولها أحيانا في تناقضات جوهرية مع الفئات الهشّة التي أنتجتها الأزمة الاقتصادية من بطالين (من أصحاب الشهائد أو دون شهائد)، وإعادة تشكّل الوعي الجماعي في ما هو جهوي (جمنة، الكامور، سمامة) ومحلّي (تحوّل الأحياء الشعبية المحيطة بكبرى المدن إلى مرجعية هووية: كباريون، دوّار هيشر، حيّ التّضامن وغيرها من التي تجمع بينها ثقافة "حوماني")، فضلا عن بروز ظاهرة الفردانية (بمفهومها الإيجابي) لدى الأجيال الجديدة من جميع الطبقات والفئات.
في السياق ذاته، يرى فتحي بن الحاج يحي أن الاتحاد لم يتوصل الى الان الى اقناع الرأي العام بمقولة " ان النقابي ليس فوق المحاسبة" والى الاقناع بمقولات ثقافة العمل، وهذا على المستوى الاتصالي مهم جدا لأنها قضايا حساسة لدى جزء من الرأي العام، لافتا الى ان الرمزية النضالية للاتحاد عند استحضار كبرى المعارك الاجتماعية (78 – 85 – 2011...) وجب ان يوازيها اشتغال ديمقراطي داخله في كافة مستويات الهياكل النقابية .
* الشعبوية والاتحاد
في هذا السياق أكد فتحي بن الحاج يحيى انه ليس بالغريب أن تحاول الشعبوية الحاكمة تركيع المنظمة الشغيلة إدراكا منها بأنّ الوتد الرئيسي الذي يحمل الخيمة إذا ما وقع المساس به فسيصيب الوهن والخوف والتردّد كلّ المحتمين بها وجميع مكوّنات المجتمع المدني والطيف الديمقراطي والسياسي.
فتحي بن الحاج يحيى يرى ان الحل يكمن بداية في القطع مع جميع السبل التي يتسلّل منها النّظام لمقايضة الاتحاد، والحسم في جميع الملفّات الشائكة مهما كان المآل قبل أن يمسك بها الخصم، وإعادة النّظر في الفلسفة النقابية بأكملها لترتقي إلى متطلبات القرن الواحد والعشرين وتتلاءم مع متغيرات المجتمع، خاتما حديثه قائلا: "ولِيَدُم الاتّحاد سندا لأبناء الشعب، وقاطرة للنموّ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".