ثقافي

مسلسلات رمضان: " ڤلوجة" بتطويل مُخلّ ومُمَل  وفي "رقوج" تعبئة عامة لا تبشر بالخير

الشعب نيوز/ حسني عبدالرحيم - ربما يعرف الجميع ان اختراع مسلسلات رمضان* لم يكن ممكنآ إلا عندما تواجدت كاميرات الڤيديو والإشهارات التلڤزية والتى تتخلل تلك المسلسلات و تتقدم عرضها وتتبعها وكذلك تمولها لإن التصوير السينمائي والديكورات كانت ومازالت مُكلفة كما ان الدعاية ( الإشهارات ) كانت موجودة داخل الأفلام بشكل محدود..

لكن ما كان يمول الأفلام أساسآ هو حصيلة شباك التذاكر، رغم أن بداية إنتاج المسلسلات كان أمريكيآ نظرآ للطابع الإستهلاكي الأمريكي والإتساع البالغ لسوق الدراما الأمريكية الذي يشمل العالم أجمع وجميعنا نتذكر أعمال هامة مثل "جذور "و"دالاس" قامت بتشريح جوانب متنوعة من الواقع الإجتماعي تخصص فيها كتاب ومخرجون وممثليون غالبيتهم من خارج المسرح والسينما. ولم تكن طبعآ مخصصة لشهر رمضان.

اختراع مصري اصيل  

إختراع مسلسلات رمضان هو إبتداع مصري أصيل وبدأت كمسلسلات إذاعية مستغلة إجتماع العائلات في الديار خلال وبعد الإفطار للتسلي من ناحية ومن ناحية ثانية جاءت أزمة الانتاج السينمائي لكى تُدعم الاتجاه للدراما التلڤزية والدعامة الرئيسية لها هو الترويج التجاري لكافة أنواع السلع بداية من الحلويات حتى السيارت والملابس والأدوات المنزلية. لكن تحول عدد من الكتاب الروائيين الموهوبين من كتابة سيناريوهات الأفلام للكتابة للدراما التلڤزية (مثل أسامة أنور عكاشة) نتج عنه أعمال ذات أهمية درامية وتاريخية ك"ليالي الحلمية" و"رأفت الهجان"(صالح مرسي)وغيرهما..

لكن بقي نجوم السينما والمسرح ومخرجوها بعيدين بمسافة عن العمل بالمسلسلات التلڤزية حتى عقدين من الزمان حيث أدت صعوبة الإنتاج السينمائي وإغلاق دور العرض التي لم تعد مربحة بألإضافة لعوامل اجتماعية متعددة كإنتشار المدن الجديدة بلا مسارح ولا دور سينما للعرض، لتتحول الدراما التلڤزية لنشاط رئيسي للمخرجين والعاملين في نشاطات درامية لكنهم أساسآ "بتوع تليڤزيون"! أصبحت في بلادنا تعبيرات ك"مسلسل رمضان" دارجة في الإستعمال اليومي وفي أحاديث المقاهي في الليل والنهار وتضخمت الإستثمارات التي تمولها الإشهارات مع تعدد القنوات التلڤزية المتنافسة على جذب المعلنين وشراء أو انتاج المسلسلات التى يعمل بها مخرجون وممثلون وممثلات غير مشهورين أصبح بعضهم يحمل لقب ممثل أو مخرج تلڤزي.

الحالة التونسية متأخرة

فعلا جاءت الحالة التونسية جاءت متأخرة زمنيآ فبعد المسلسلات المصرية، جاءت السورية وتبعتها الأعمال الضخمة من الدراما التلڤزية التركية مداخيلها 2 مليار دولار سنويآ. وبطبيعة الحال نشأ اتجاة يزداد في النزوح للإنتاج الدرامي التلڤزي منذ عقدين شارك فيه العديدون من الممثلين الذين اكتسبوا سمعتهم الجماهيرية من المسرح والسينما ثم بدأت الموجة الاخيرة من المسلسلات الرمضانية والتى يتم تمديدها لعدة مواسم رمضانية كما شاهدنا ذلك من قبل في الحالة المصرية الرمضانية. بطبيعة الحال أجتذبت المسلسلات العديدين من مخرجي وممثلي الدراما من المسرح والسينما لكن يبدو ان الأمر خرج عن النطاق المعقول مؤخرآ.

فللعام التاني التوالي يستمر مسلسل " ڤالوجة" بتطويل مُخلّ ومُمَل وليس به مايضيف دراميآ سوى إفتعال حوادث وكأننا علينا أن نتتبع تلك الخطوط الدرامية المتقاطعة ودون رابط بينها لا جمالي ولا تاريخي ولامبررات سوى مبررات إنتاجية وإشهارية.

الوافد الجديد أيضآ هو العمل الأخير لمخرج ومنتج سينمائي نجح احد أعماله في السينما (دشرة) والآخر لم يحقق نجاحا ملحوظا (إبرة ) بينهما مسلسلان هما "نوبة 1و2" وهو المخرج و المنتج "عبد الحميد بوشناق" حيث جمع في مسلسل واحد (رڤوج) تقريبآ كل الممثلين الذين على قيد الحياة و كثيرين منهم ومنهن موهوبين بألفعل كممثلين مسرحيين بالذات في"التياترو" وفي مسارح اخرى نذكر منهم "وليد عيادي"(مخرج وممثل) و(فاطمة صفر) مع عشرات آخرين من القدامي من بينهم العظيمة (فاطمة سعيدان) جمعهم في عمل واحد لا نستطيع أن نحكم عليه دراميآ ولا فنيآ إلا بعد أن يكتمل.

الفن ليس الإنتاج بسلسلة 

لكن هذه التعبئة العامة لا تُبشر بألخيرعلى الأخص فنيآ فهناك ذاكرة مشاهدتية للمتفرجين تجاه الممثلين كما إن الفن ليس الإنتاج بسلسلة كألسيارات. وهناك إمكانيات محددة للدراما التلڤزية وهناك وسائل للإبداع أهمها الكتابة الدرامية المتماسكة !وهناك خسارة أكيدة من تحول هؤلاء الممثلين والممثلات المبدعين والمبدعات من مجالات برعوا وأثروا خيالنا فيها في المسرح والسينما ولكنها غير مربحة ولا منتشرة جماهيريآ بألطبع كألدراما التلڤزية.

نكتب هذه العجالة المؤقتة بعد مناقشات مع بعض اصحاب الشأن حتى يتسنى لنا إكمال هذا المشهد الرمضاني والتحقق من مدى نجاح المغامرات الدرامية التلڤزية الجديدة.

* نشر المقال في النسخة الورقية من جريدة الشعب.