العويني للشعب نيوز: أحكام قضية بلعيد ترتيب لنتائج على الحقائق التي كشفتها هيئة الدفاع وبيان النهضة موجه لانصارها
الشعب نيوز/ خليفة شوشان - التقت "الشعب نيوز" الاستاذ عبدالناصر العويني المحامي عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في حوار خاص لتستوضحه حول ما جاء في الندوة الصحفيّة التي عقدتها هيئة الدفاع في قضية اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي والهيئة الوطنيّة للمحامين الثلاثاء 2 أفريل 2024 تحت عنوان "الحكم وما بعده" اثر الحكم الصادر عن الدائرة الجنائية الخامسة المختصة في قضايا الارهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس فجر الاربعاء 27 مارس 2024 والذي قضت فيه حضوريا، في حقّ جملة المتهمين في قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد، والبالغ عددهم 23 متهما، بأحكام تراوحت بين الإعدام والسجن وعدم سماع الدعوى والمراقبة الإدارية.
بعد إحدى عشرة سنة على اغتيال الشهيد شكري بلعيد صدرت الأحكام الابتدائيّة في حقّ العناصر الارهابية التي نفّذت الاغتيال، هل بدأت الحقيقة تتكشّف؟
نحن في هيئة الدفاع لا نعتقد أن الحقيقة هي من بدأت تنكشف من تلقاء نفسها، بل أننا من كنا نخوض معركة منذ اكثر من عشر سنوات لكشف الحقيقة. واليوم بدأت تترتب نتائج معركتنا عن اكتشاف الحقائق المتعلقة بمجموعة التنفيذ. وهي مجموعة تتكون من عناصر ارهابية مصنفة على الصعيدين الدولي والعالمي باعتبارها عناصر خطيرة جدا. وهو ما يلزم الدول في مثل هذه الحالة بالتبليغ عنها وتحديد اقاماتهم وتنقلاتهم والحد من حرية تحركهم.
هذه العناصر التي أُحيلت وتمّ إصدار أحكام في شأنها من الإاعدام إلى حدود ستة سنوات سجن تعتبر الحلقة الوسطى في تنفيذ الاغتيالات سواء التي استهدفت الشهيد شكري بلعيد أو الشهيد محمد براهمي. ونحن نعتقد أن هذه الأحكام جزء من ترتيب نتيجة على الحقائق التي انكشفت في الأثناء طيلة أكثر من عشرة سنوات.
إثر اعلان الأحكام الابتدائية سعت العديد من الاطراف لاستثمار الحكم لتبرئة حركة النهضة وتنزيه القاضي بشير العكرمي، بل واعتباره صاحب الفضل في الأحكام، ما تعليقكم؟
تفاجأنا بما أقدمت عليه سواء حركة النهضة باصدار بيانها والذي تدعي فيه بأن الحكم الابتدائي الذي قضى بادانة الـ 23 متهما الذين تعهدت بهم المحكمة الابتدائية فالدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الارهاب، بأن هذا الحكم برأ حركة النهضة ومسؤوليها وقياداتها من أي مسؤولية جزائية أو قانونيّة عن الاغتيال، كما ادعت أن هذا الحكم يؤكد من جهة أن الجريمة مختزلة ومختصرة في عناصر التنفيذ وهم الذين قضت في شأنهم المحكمة بالادانة سواء بالعقوبة القصوى سوى ببقية العقوبات ومن جهة أخرى أن ما كانت تدعيه هيئة الدفاع طيلة سنوات من تورط قيادات في حركة النهضة في اعلى مستوى في جرائم الاغتيال سقط هذا الادعاء، كما سوقت الحركة عقب هذا الحكم بأن ما كانت تتهمهم به الهيئة ماهو الا محض افتراءات واكاذيب.
نحن نعتقد أن البيان الذي أصدرته حركة النهضة موجه لانصارها من أجل تجييشهم وتحفيزهم على الدفاع عن قياداتهم الموقوفة سواء في جرائم متعلقة بالاغتيالات او في غيرها من الجرائم ولمحاولة احراج المنظومة القضائية المتعهدة بباقي الملفات. وقد سبق واعلنا منذ 6 فيفري 2024 وانطلاق الاستنطاقات وبداية المحاكمة وجلسات المرافعات أن هذا الملف يخص مجموعة التنفيذ وهو الملف الأول في قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد والاغتيال عموما وبقيت هناك ستة ملفات أخرى تتعلق بالتخطيط وبالجهاز السري والجهاز السري المالي وبالتسفير وغيرها من الملفات التي تدور كلها حول جريمة الاغتيال وتصب وترتبط بشكل أو بٱخر بها. هناك أيضا من قفز على الحكم واعتبر أنه انبنى على ما قام به قاضي التحقيق السابق ووكيل الجمهورية البشير العكرمي الذي كنا في صراع معه في جميع المستويات والذي اتهمناه واعتبرناه جزء من عملية طمس الحقائق وانه كان يسعى بكل ما أوتي من وسائل ومن طرق لطمس الحقيقة فيما يتعلق بجرائم الاغتيال واعتبرناه شريك لاحق في جريمة الاغتيال وقدمنا في شأنه العديد من الشكايات.
هذه الأطراف سواء منها بعض العناصر القضائية أو بعض العناصر السياسية التي أصبحت تدور في فلك حركة النهضة وتسعى لأن تقتسم معها مستقبلا ثمار المظلومية الجديدة اعتبرت أن بشير العكرمي هو الأساس الذي قامت عليه هذه القضية والتي تضمنت هذه الأحكام، وقد أبرزنا من خلال الندوة الصحفية أن هذا الكلام هو محض ادعاء وتزييف للحقيقة، وأكدنا أن بشير العكرمي من ضمن 23 متهما التي سلط عليهم العقاب في هذا الملف الأول من قضية الاغتيال حفظ التهمة في حق 12 متهما وأفرج على 5 متهمين كانوا موقوفين على ذمة هذه القضية الا أن دائرة الاتهام التي أرجعت اليه الأعمال في ثلاثة مناسبات ونقضت اعماله في ثلاثة مناسبات وتعيد اليه قرار ختم البحث وتطلب منه اكمال بعض الاعمال التي طلبتها واستكمال اجراء 17 نقطة طلبتها منه الهيئة.
في نهاية المطاف الاعمال التي قام بها بشير العكرمي لم ينبني عليها هذا الحكم بل إن هذا الحكم كان مناقضا للاعمال التي قام بها بشير العكرمي، لأن هذا الحكم أدان الـ 12 متهما الذي حفظ العكرمي في حقهم التهم عندما كان قاضي تحقيق وعندما ختم البحث في هذه القضية. وبقيّة المتهمين الذين سرّحهم وأفرج عليهم وحفظ في حقهم ادينوا وفيهم من سلطت عليهم أحكام مثل المالكي المكنى "بالصومالي" بين 6 سنوات و30 سنة سجنا بعد أن وجهت عليهم دائرة الاتهام التهمة وأحالتهم على الدائرة الجنائية والمحكمة الابتدائية التي سلطت عليهم الأحكام المذكورة. لذلك العكس هو الصحيح لأن بشير العكرمي سعى بكل ما أوتي من جهد الى تبرئة على الأقل أكثر من نصف المتهمين المحالين منذ سنة 2014 على الدائرة الجنائية.
حمّلتم في مداخلاتكم بعض الأطراف السياسية والقضائية المسؤولية الجنائية المباشرة عن الاغتيال سواء بالمشاركة السابقة أو بالمشاركة اللاحقة، هل لديكم من الأدلة ما يؤكد ذلك؟
نحن نعتبر أن حركة النهضة الى جانب مسؤوليتها السياسية في جرائم الاغتيال لديها مسؤولية جنائية مباشرة، وهذا ما أكدنا في الندوة الصحفية أننا سنبينه في الملفات القادمة المنشورة لدى القضاء.
لكن من أبرز ما بيناه في الندوة الصحفية الأخيرة أنه خلال المحاكمة التي صدر فيها الحكم بالادانة على المتهمين المتعهدة بهم المحكمة أنه وخلال المحاكمة هناك متهمين أحسوا بالأمان أمام القضاء وتم التحرير عليهم مكتبيا ووجهوا الاتهام الى بعض عناصر الارتباط بين تنظيم أنصار الشريعة وحركة النهضة وتم تسميتهم والتأكيد على دورهم في دفع تنظيم أنصار الشريعة الى ارتكاب هذه الجريمة واعتبر المتهمين الذين تم التحرير عليهما أن هناك أطراف أخرى متداخلة. فلسنا نحن من اعتبر ذلك بل أنه وأثناء المحاكمة المتهمين طلبا من المحكمة الاختلاء وتم التحرير عليهم مكتبيا ونحن سنقوم بنشر هذه التحريرات على صفحة هيئة الدفاع ليطلع عليها الرأي العام ليتأكد بأن ما كنّا نقوله سابقا في ندواتنا الصحفية وفي نقاطنا الاعلامية والاتصالية مع الرأي العام بتورط حركة النهضة جزائيا أصبح اليوم يقوله المتهمين الموجودين والذين تمّ تسليط عقاب قاس عليهم فمنهم من حوكم بعقوبة مدى الحياة. المتهمون صرحوا للمحكمة وأعطوا معطيات دون أن تكون لنا بهم أي علاقة واكدوا أن حركة النهضة من خلال بعض عناصر الارتباط مثل نور الدين ڨندوز شهي "عم ضو" وكان سجين نهضاوي سابق في التسعينيات وقضى 16 سنة سجنا بتهمة الانضمام الى حركة النهضة والتهم المتفرعة عن هذا الانضمام، وقد تحول بعد الثورة الى عنصر قيادي داخل تنظيم أنصار الشريعة، كان عنصر ارتباط بين بعض القيادات في حركة النهضة مثل رضا الباروني وتنظيم أنصار الشريعة ارتباطا مباشرا، وأكد من أدلى بهذه التصريحات من المتهمين أن نور الدين ڨندوز أصرّ وبذل كل ما في وسعه للتسريع في انجاز عمليّة الاغتيال. نحن لطالما كنا نعتقد أن تشتيت الحقيقة واخراج الجرائم القضائية من ملف الاغتيال وتوزيعها على ملفات أخرى مثل ملف أنيس الجلاصي الذي وقع قبل الاغتيال وملف سقراط الشارني وملف روّاد وملفات أخرى التي وجدنا فيها ٱثار وارتدادات لعملية الاغتيال بعد أن بحثنا فيها وقمنا بجمع المعلومات لتجميع الصورة فيما يتعلق بالتخطيط واتخاذ القرار والدفع نحو جريمة الاغتيال وتنفيذها مثلما تمت. وقد كنا واعين بعملية التشتيت وتصدينا لها بما نستطيع ونجحنا في قطع الطريق على الخطة التي اتبعت قضائيا والتي كان المنفذ الرئيسي والرأس المدبر لها البشير العكرمي من أجل تشتيت الحقيقة في ملفات الاغتيال.
وجهتم في ردودكم على أسئلة الصحفيين العديد من الرسائل السياسية "شديدة اللهجة" بعضها للخصوم والبعض الٱخر للأصدقاء، هل تثقون في أن المناخ السياسي الحالي سيساعد فيرالتوصّل للحقيقيّة؟
فيما يتعلق بالرسائل التي وجهناها من خلال الندوة الصحفية سواء للرأي العام عموما أو للأصدقاء المتابعين لعمل الهيئة وللخصوم الذين يشككون في عملها، لمن أيدنا في سعينا لكشف الحقيقة أو لمن اتهمنا كذبا وبهتانا بالمتاجرة في ملف الشهيدين و"المتاجرة بالدم"، أكدنا من خلال الندوة الأخيرة أن ما كانت تقوله هيئة الدفاع منذ ندوتها الصحفية الأولى في 2014 إلى اليوم وبشكل مستمر ومسترسل نفس الخطاب ونفس الجملة ونفس الأشخاص المستهدفين بالكشف وبالفضح ونفس الطريقة في التعاطي مع وسائل الاعلام وفي الخروج الاعلامي. هيئة الدفاع لم تتغير مازالت في نفس الموقع وفي نفس المسار والتمشي وبنفس المنهجية في التعاطي مع ملفات الاغتيال، ولم تتغير لا في خطابها ولا في موقعها ولا في تصريحها ولا في كشفها لبعض الاشخاص وتورطهم وادوارهم سواء من تحمل منهم مسؤولية سياسية أو من كانوا في الصفوف الخلفية والتنظيمات السرية أو "الاجهزة الخاصة" المرتبطة بحركة النهضة. نحن كنا ومازلنا نقول ونحافظ على نفس الخطاب وعلى نفس الموقع ومن نفس زاوية الاطلال على الرأي العام.
فمن تغيّر هو من كان في وقت من الأوقات الى جانبنا ويتبنى ما كانت تقول هيئة الدفاع وكان يطمح أو يطمع في أن يصرفه مجهود الهيئة سياسيا ويستثمره حزبيا ويحوله الى عملة قابلة للتصريف والاستثمار السياسي الا انه لم يفلح في ذلك واليوم نراه يتغيّر. بعض من كانوا يعتبرون النهضة في وقت من الأوقات "للشيطان الأكبر" وتعتبرها مسؤولة عن الاغتيالات في حق الشهيدين شكري بلعيد ومحمد براهمي وعن عديد الجرائم بما فيها جريمة سحل وقتل الطفي نقض واتهموا راشد الغنوشي بأنه مسؤول عنها مباشرة لكنهم اليوم تحولوا بقدرة قادر الى حلفاء بل الى "خدم" طيعين والى ببغاءات وصدى لما تقوله حركة النهضة يكررون ما تقولها في بياناتها "السخيفة" ويزينون لها كذبها الممنهج والمسترسل التي دأبت على اعتماده في الهروب من مواجهة الحقيقة، ومحاولة تشويه ما تدلي به هيئة الدفاع بالحجة والبرهان للرأي العام لاثبات تورط النهضة للنخاع في عديد الجرائم وفي مقدمتها جرائم الاغتيال.
في انتظار استكمال الأبحاث في بقية الملفات، هل أنتم واثقون من كشف الحقيقة كاملة في كلّ ما يتعلّق بقضايا الاغتيال؟
لطالما كنا في الأوقات العصيبة وفي الأوقات التي كان فيها حركة النهضة في الحكم ويسهل عليها ايجاد الحلفاء من السياسيين وعندما كان من السهل عليها التزين واخفاء وجهها البشع وأيديها الملوثة بالدم في جلابيب وفي جيوب بعض السياسيين البيادق الذين لا تربطهم علاقة ايديولوجية او فكرية بالنهضة للايهام بمقبوليتها، نقول بأعلى أصواتنا وبكل ثقة وبوجوه مكشوفة أننا سنكشف الحقيقة كاملة حول من خطّط ومن حرّض ومن موّل ومن حاول التستر والتغطية وطمس الحقيقة القضائية المتعلقة بجرائم الاغتيال. لأنها قناعة راسخة بالنسبة الينا، وهذه القناعة وان لم يستكملها العناصر والأعضاء الذي بدؤوا في هيئة الدفاع فإن هناك شبيبة جديدة التحقت بالهيئة ومحامون حديثوا الالتحاق بالمهنة من رفاق الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي موجودون معنا على نفس الخط ويتابعون الملفات للتمكن من التفاصيل التي ألم بها سابقوهم في الهيئة سيستكملون البحث عن الحقيقة. ولن يرتاح لنا أو لهم بال ولن يكل لهم أو لنا ساعد حتى نكشف الحقيقة كامل الحقيقة المؤيدة والموثقة والمبرهن عليها في جرائم الاغتيال من خطّط ومن موّل ومن غطّى ومن شارك سواء "بالشاركة السابقة" أو "المشاركة عند الاغتيال" أو "بالمشاركة اللاحقة"، وسواء بتهريب من قاموا بعمليّة الاغتيال أو بالتغطية عليهم أو بمحاولة طمس الحقيقة القضائيّة المتعلقة بهذه الجرائم.