اصبح قضية راي عام : ازمة المياه ستلقي بثقلها على السيادة الغذائية
الشعب نيوز / ناجح مبارك - مثل " فتح حوار وطني حول اشكاليات الماء في تونس ووضع استراتيجية وطنية يشارك فيها مختلف المعنيين بموضوع الماء والتكيف مع التغيرات المناخية "، أبرز محاور الملتقى الوطني الأول للماء الذي دارت فعالياته، آخر الاسبوع بالحمامات، ببادرة من المرصد التونسي للماء الذي اطلقته جمعية "نوماد 08" سنة 2016 .
* احكام التصرف في المياه
وأشارت منسقة المشاريع بالمرصد التونسي للمياه، مريم العايب، الى ان الملتقى الوطني للماء الذي نظمه المرصد في دورته الاولى ، حرص على مشاركة مختلف الفاعلين في مجال المياه من فلاحين ومكونات المجتمع المدني وخبراء، وسيعمل بالخصوص على "إيجاد حلول عاجلة لمجابهة الوضعية الصعبة التي تواجهها تونس في علاقة بندرة المياه واحكام التصرف في المنظومات المائية ووضع الاستراتيجيات اللازمة للتكيف مع التغيرات المناخية" على حد تعبيرها. وابرزت ان الملتقى يسعى كذلك لأطلاق حوار وطني حول الماء باعتبار حيويته وعلاقته المباشرة بالسيادة الغذائية والسيادة الوطنية مبينة ان للماء علاقة كذلك بالجندرة ودور المراة في علاقة بالماء وكذلك بالهجرة في ظل بروز مصطلح جديد الا وهو " الهجرة البيئية" والتي تطرح على تونس تحديات جديدة يجب التعاطي معها بنظرة استشرافية وبحول استباقية.
* تواصل الورشات
ولاحظت ان الملتقى، الذي سيتواصل في اطار مجموعة من ورشات العمل ونقاشات حول واقع الماء في تونس والحلول الممكنة للشح المائي، سيسعى كذلك للخروج بجملة من التوصيات التي سيعلن عنها في ندوة صحفية لاحقا وسيقع نشرها على اوسع نطاق ورفعها الى سلطة القرار للاستئناس بها في وضع "الحلول العاجلة التي تحتاجها تونس في علاقة بالشح المائي والاجهاد المائي"، على حد تعبيرها. ولفت المختص في التنمية والتصرف في الموارد والمنسق العام للملتقى الوطني للماء، حسين الرحيلي، الى ان الماء يمثل احد ابرز الحقوق الأساسية التي تعمل عليه جمعية "نوماد 08" (وهي جمعية تعمل في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية)، بالنظر الى أهمية هذا الموضوع في علاقة بالشحّ المائي وتراجع التساقطات وانعكاسات هذا الوضع على حياة التونسي العادي والفلاح والصناعي.
* قضية راي عام
وقال الرحيلي، "الماء في تونس اصبح قضية راي عام ولا يمكن الحديث عن حول لازمة المياه دون مشاركة كل التونسيين من المواطن العادي الى الفاعلين الاقتصاديين وواضعي السياسات العمومية والباحثين باعتبار ظهور تكنولوجيات جديدة للاقتصاد في الماء وكذلك البنوك ومؤسسات التمويل المعنية بتوفير الموارد لتنفيذ الاستراتيجيات".
ولاحظ ان الملتقى سيتضمن عديد المحاور من ابرزها "التحولات المناخية والسيادة الغذائية" و"الجندرة وتاثير ندرة المياه على المراة" و "الهجرة الداخلية والخارجية بسبب ندرة المياه"، مبرزا ان تنظيم الملتقى يهدف بالخصوص للدفع الى فتح حوار وطني جدي مع كل مكونات المجتمع التونسي حول قضية الماء لإيجاد حلول للإشكاليات المائية في تونس خاصة و"انها إشكاليات هيكلية لا ظرفية".
"الوضع المائي صعب في تونس" وقال الرحيلي في تشخيصه للوضع المائي في تونس "هو وضع صعب والامطار الاخيرة تهاطلت في الجنوب التونسي حيث لا توجد سدود بينما كانت الإيرادات في المناطق التقليدية التي توجد بها السدود ضعيفة جدا". وبين ان " المخزون تراجع بين 11 مارس و 12 افريل 2024 بـ40 مليون متر مكعب " فضلا عن بروز إشكالية الرّي التكميلي اللازم لإنقاذ موسم الحبوب ومساحات الحبوب المروية خاصة وان اكثر من 100 الف هك من مساحات الحبوب بالكاف الجنوبية تاثرت بنقص المياه وارتفاع درجات الحرارة خاصة في شهر مارس بمعدل من 10 الى 12 درجة بالمقارنة بالمعدلات العادية والتي جعلت من شهر مارس من اسخن الاشهر على المستوى العالمي منذ 1850".
واشار من جهة اخرى "الى ان وضعنا المائي في تونس يتطلب الحذر والتفكير الجماعي والبحث والنقاش وفتح حوار جدي لرسم سياسات موحدة"، على حد قوله.
وتابع "الإجراءات الظرفية لا تحل اشكاليات هيكلية وبنيوية والقطع الدوري للمياه الذي اعتمدته تونس للعام الثاني لا يحل الاشكالية خاصة وانها على تقسيط ما هو متوفر بما يؤكد اهمية البحث في حلول مستقبلية".
وأفاد بخصوص الحلول الممكنة "يجب أولا إعادة النظر في السياسات العمومية برمتها منذ الستينات الى اليوم، والتي بينت انها غير قابلة للتكيف مع التغيرات المناخية في ظل ندرة المياه وارتفاع الطلب العائلي والاقتصادي".
وشدد على ضرورة العمل في اتجاه تثمين المياه العمرانية والنهوض بالسلوك المائي الرشيد لدى الاسر والسلوك الفلاحي في علاقة بالماء فضلا عن العمل على تجديد البنى التحتية للماء خاصة قنوات مياه الشرب واغلبها تفوق اعمارها 30 سنة والتي لها تاثير مباشر على نوعية الماء وعلى نسبة الضياع التي تفوق 25 بالمائة من مياه الشرب والتي تعادل اكثر من 120 مليون متر مكعب في السنة".
وتابع قائلا: "ان انجزنا استثمارات في تجديد البنية التحتية المائية بالنسبة للسنوات الثلاث القادمة فيمكن ان نربح ما بين 500 و 600 مليون متر مكعب من الماء".
ولاحظ "ضرورة عدم اغفال موضوع الهدر المائي بالمناطق السقوية والذي تقدره وزارة الفلاحة بقرابة 35 بالمائة من مياه الري في قطاع فلاحي يستهلك ما بين 700 و 800 مليون متر مكعب" على حد قوله.
واشار تعليقا على استراتيجية وزارة الفلاحة " الماء في افق 2050" " اعتبر ان هذه الاستراتيجية محافظة جدا وتقليدية خاصة وان التوجه الى بناء السدود تخلت عنه عديد دول العالم في ظل اشكاليات تكدس التربة وارتفاع درجات الحرارة والتبخر مستشهدا ان اسخن يوم في شهر جويلية من السنة الفارطة تسبب في تبخر مليون متر مكعب من الماء في يوم".
واردف "ان المطروح اليوم هو وضع سياسات مجددة تعتمد التقنيات الحديثة والتوجه الى مشاريع لخزن الماء بالمائدة المائية وإنجاز السدود الجوفية وتطوير التصرف في المياه العامة.