الحركة الطلابية: أممية أو لا تكون
بقلم صبري الرابحي
لازالت الحركة الطلابية تنبض داخل اروقة الجامعات والمدارج وحتى الشوارع، تداوم على الإنتصار لحركات التحرر وتنسج خيوط الوعي الجماهيري.
هذه الحركة كانت لسنوات محركاً للشارع وصوتاً مسموعاً للمستضعفين، مؤرقاً للأنظمة التي كثيراً ما كانت تتوجس من هدير الغضب الآتي على قدمين، الأولى أممية الحراك الطلابي والثانية الزاد الأكاديمي وطبيعة الإحتجاج.
إحتجاجات طلاب الجامعات الأمريكية:
تداولت وكالات الأنباء أخبار الحراك الطلابي داخل إحدى الجامعات الأمريكية العريقة، جامعة كولومبيا التي كانت ولازالت منارة للعلم وحاضنة محترمة لخيرة الجامعيين من الطلبة والأساتذة.
هذه الإحتجاجات بدأت بصفة عفوية على إثر تركيز عدد من الطلبة لخيمات التضامن مع غزة في ساحات الجامعة والتي طلبوا من خلالها إنهاء العدوان على غزة والوقف الفوري لإطلاق النار وخاصة إيقاف إستثمارات الجامعة في شركات توريد الأسلحة والتي تدعم الكيان الصهيوني في حربه على الشعب الفلسطيني.
غير أن قرار رئيسة الجامعة بفض هذا الإعتصام من خلال إستدعاء الشرطة زاد من إحتجاج الطلاب وتجاوز أسوار جامعة كولومبيا ليغزو عديد الجامعات التي عرفت بدورها إحتجاجات مماثلة تضامناً مع زملائهم.
الخوف من الإحتجاجات الطلابية في أمريكا والعالم:
جامعة كولومبيا هي جامعة تاريخية في تخريج صناع القرار، تخرّج منها ثلاث رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية آخرهم باراك أوباما كما تخرجت منها وزيرة الخارجية السابقة والمثيرة للجدل مادلين أولبرايت، جامعة كولومبيا إستقبلت أكثر من 37 طالب تحولوا بعد التخرج إلى رؤساء ورؤساء حكومات في عديد الدول في العالم.
هذا المعطى المهم جعل منها مهداً لصناعة القرار وصناعة قادة المستقبل في أمريكا والعالم وبالتالي أصبح محرار الحراك الطلابي مؤشراً مهما عن توجهات الطلبة ووعيهم السياسي، وحيث أن الإمبريالية العالمية لا تخفي خوفها من تصعيد أصحاب القرار من المنحازين للقضايا العادلة فإنه صار من الطبيعي أن تظهر تخوفها من هذه الإحتجاجات وأن تفعل كل ما بوسعها لإجهاضها في المهد وهو ما أتى متأخراً ساهم بشكل أو بآخر في تناميها وإمتدادها إلى الجامعات الأخرى لتقع الإمبريالية في شرّ خوفها ويتحول الإحتجاج الطلابي إلى أمر واقع يصعب التعامل معه ولا يزيده القمع البوليسي إلا توهجاً تماماً مثلما فعلت كل الأشكال الإحتجاجية خلال السنوات الفارطة.
الحركة الطلابية، حركة أممية لا تعترف بالحدود الإقليمية:
كانت ولازالت الجامعات بالإضافة إلى أدوارها التعليمية والأكاديمية تشتمل على أدوار مهمة في تنشئة الأجيال وإكسابهم الزاد الثقافي والإجتماعي وحتى السياسي اللازم قبل دخولهم لسوق الشغل.
وبإعتبار أن فكرة الإنتظام داخل الحركة الطلابية بتنظيماتها المختلفة شكلت بناءا أساسياً للوعي السياسي للطلبة الذين سرعان ما صارت إهتماماتهم تتجاوز مجرد الحياة الجامعية والإهتمام بالشأن الوطني إلى فتح نوافذ على ما يحصل في العالم، لذلك شكل الإنتصار للحق الفلسطيني بيئة مناسبة لإظهار التضامن والإنحياز وتحريك الشارع في هذا الإتجاه.ويمكن من خلال التجارب السابقة تثمين دور الإحتجاجات الطلابية في الضغط من أجل إنهاء الحرب وإشاعة السلام وهو ما تحقق من خلال إحتجاجات طلبة جامعة كولومبيا نفسها أواخر الستينات لإيقاف الحرب على الفيتنام وبالتالي آن الأوان للحكومات أن تعدل بوصلتها نحو توجهات الحركات الطلابية التي كانت ولازالت منحازة للقضايا العادلة ومناصرة أممية لحق الشعوب في تقرير مصيرها.