ثقافي

وفاة خميس الخياطي ايقونة النقد السينمائي في تونس وحديث معه حول البدايات وايام قرطاج وفلسطين

* صورة الراحل خميس الخياطي بعدسة الزميل كريم السعدي.  

الشعب نيوز / متابعات - فقدت الساحة التونسية، الصحافية والسينمائية والفكرية، واحدا من أبرز أيقوناتها، الزميل الكبير خميس الخياطي الذي وافته المنية صباح هذا اليوم الثلاثاء 18 جوان 2024 عن سن تناهز 78 سنة قضى معظمها في الكتابة والبحث والنشر.

 اشتهر خميس الخياطي بتوسع معارفه وشغفه بالسينما والصورة وكل مكوناتها من تمثيل وإخراج وصناعة فضلا عن محتوياتها وأهدافها .

خميس الخياطي كتب عن أبرز الظواهر التي عرفتها السينما العربية و العالمية في الخمسين سنة التي مضت وأجرى من الأحاديث والروبرتاجات عن الممثلين والمخرجين وعموم صناع السينما ما لا حصر له ولا عد  

يكفي أن نشير هنا إلى أنه حصل على الدكتوراه عن بحث خصصه للمخرج السينمائي المصري الكبير صلاح أبو سيف  

خميس الخياطي واكب أيام قرطاج السينمائية منذ نشأتها سنة 1966 و دافع عنها بكل ما أوتي من قوة وحصّنها ضد كل الاختراقات وكل المحاولات التي رمت في أوقات متعددة إلى الإجهاز عليها كمهرجان سينمائي رائد خاص بالعرب و الأفارقة.

* نقابة الصحفيين تنعى 

بالمناسبة، نعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الزميل الكبير خميس الخياطي في بلاغ صدرته للغرض جاء فيه أنها تلقت  صباح اليوم الثلاثاء 18 جوان 2024 بكل حزن وأسى، نبأ وفاة الزميل الصحفي والناقد السينمائي خميس الخياطي.

ولد الزميل خميس الخياطي بمنطقة القصور في ولاية الكاف وحصل على الدكتوراة في علم الاجتماع من فرنسا حول سينما صلاح أبو سيف، وعمل إلى سن التقاعد في إذاعة فرنسا الثقافية وقدم العديد من البرامج حول السينما في التلفزة التونسية وكتب مقالات في النقد السينمائي في عدة صحف.

الراحل خميس الخياطي صحفي متخصص في السينما والشؤون السمعية-البصرية، عمل في عدد من وسائل الإعلام (المكتوبة والسمعية/بصرية) الفرنسية والعربية والتونسية وصدر له عدد من المؤلفات عن السينما والانتاج السمعي البصري والصورة المتحركة باللغتين العربية والفرنسية.

وبهذا المصاب الجلل، تترحم النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين على روح الفقيد الراحل خميس الخياطي راجية من الله أن يتغمده بوافر الرحمة والغفران.

وتتقدم النقابة إلى أسرته وزميلاته وزملائه بعبارات المواساة، راجية من الله أن يرزقهم جميل الصبر والسلوان.

وهي تعلم أن موكب دفن الزميل خميس الخياطي سيكون يوم غد الأربعاء 19 جوان الجاري، وينطلق الساعة منتصف النهار بمقر النقابة حيث سيتم نعيه، إلى مقبرة الجلاز بعد صلاة العصر.

* حديث صحفي مع خميس الخياطي 

بالمناسبة أيضا، ننشر،وبترخيص منه، حديثا للزميل والصديق محمد المعمري لفائدة "العربي الجديد" حاور فيه الراحل العزيز خميس الخياطي سنة 2022 تناول فيه مختلف القضايا التي تخص واقع السينما والثقافة في تونس وخارجها

"كان شاهدا على انطلاقة أيام قرطاج السينمائية سنة 1966 وتم تكريمه فى الدورة 32 للأيام ويستعد لمواكبة الدورة 33 للمهرجان ،ذلك هو خميس الخياطي كائن سينمائي بامتياز، إذا تحدثت عن النقد السينمائي فى تونس سيكون الاسم الأول الذى تفكر فيه ،فقد عايش كل مراحل السينما التونسية والعربية ناقدا وباحثا وصحافيا فى عديد المؤسسات الإعلامية منها إذاعة فرنسا الثقافية ومجلة الفن السابع الباريسية والتلفزيون التونسي، فى كل هذه المحطات لم يكن يشغله إلا السينما التى أعد فيها رسالة دكتوراه فى جامعة السوربون عن سينما صلاح أبو سيف والتحولات التى عرفها المجتمع المصري من خلال الذاكرة السينما .

بل مائة سنة من ظهور الصورة

خميس الخياطي ذلك القادم من أرياف الشمال الغربي التونسي كان حالما بسينما أخرى مؤرخا ومتابعا لها ،التقاه العربي الجديد للحديث عن السينما التونسية التى تحتفل بمرور مائة سينما عن ظهور الصورة السينمائية فى تونس يقول عن ذلك " مائة سنة من سينما التونسية لا أعتقد ذلك بل يمكن الحديث عن مائة سنة من ظهور الصورة السينمائية فى تونس مع فيلم "زُهرة" لشمامة شيكلي سنة 1922 وهو فيلم قصير قامت بدور البطولة فيه ابنته ،لكنني لا أعتبر ذلك أول فيلم سينمائي تونسي بل هو ظهور الصورة السينمائية فى تونس. أما أول فيلم تونسي فأعتقد أنه فيلم "الفجر" لعمار الخليفي الذى أنتج سنة 1966 وهو فيلم تونسي تمثيلا وإخراجا وتصويرا "،

فهل ان ظهور أول فيلم تونسي تزامن مع ظهور أيام قرطاج السينمائية، يجيب خميس الخياطي بالنفي " لا ...عند تأسيس أيام قرطاج السينمائية من طرف الطاهر شريعة سنة 1966 لم ينته عمار الخليفي من انجاز فيلمه " الفجر " فكانت الأيام سابقة للفيلم ، فقد كان الهدف من تأسيس أيام قرطاج السينمائية هو التشجيع على انتاج سينمائي تونسي فكانت بمثابة المحفز لظهور انتاجات سينمائية تونسية بعد ذلك ".

السينما التونسية جريئة في طرح المسكوت عنه

وعن نجاحات السينما التونسية وتحقيقها لعديد الجوائز العربية بعد ذلك يقول " السينما التونسية لو أردت تلخيصها فى كلمة سأقول ودون تردد الجرأة ،كانت سينما جريئة فى طرح مواضيع مسكوت عنها لذلك حققت النجاح، والجرأة لا تتعلق بطرح المواضيع فقط بل فى إنتاج أفلام أيضا فى بلد تراجعت فيه عدد قاعات السينما من 55 قاعة إلى 20 قاعة ،بما يعني أنك تنتج سينما غير تجارية وهذا فى حدّ ذاته جرأة وتحدّ كبير "

وعن تأسيس أيام قرطاج السينمائية يقول الخياطي " بعد استقلال تونس سنة 1956 بدأت مرحلة التأسيس لكل ما هو تونسي صرف ،ففى المستوى السينمائي برزت نوادي السينما فى كل المناطق التونسية وقد استفدت شخصيا من هذه النوادي التى مكنتي من اكتساب ثقافة سينمائية متينة ساعدتني بعد ذلك فى عملي فى مجال الصحافة الثقافية والنقد السينمائي ".

من أجل شادية تورطت فى سينما صلاح أبو سيف

وماذا عن السينما العربية وعلاقة الخياطي بها " لا أخفي عليك أن تونس ونتيجة الاستعمار الفرنسي كانت السينما الفرنسية والأمريكية هي الأكثر حضورا فيها ،لكن علاقتي بالسينما العربية بدأت وأنا شاب فى محافظة الكاف بالشمال الغربي وكانت هناك قاعتان للعروض السينمائية فشدتني يوما معلقة فيلم " شباب امرأة " للمخرج صلاح أبو سيف ولا أخفيك أنني أردت مشاهدة الفيلم من أجل شادية لكنني تورطت بعد ذلك فى سينما صلاح أبو سيف الذى أنجزت رسالة دكتوراه حول أعماله السينمائية " وأضاف " أنا اعتقد انه لا توجد سينما عربية بل سينما ناطقة باللغة العربية لأن التقنيات السينمائية كلها غربية مثلا هل يوجد مونتاج (توليف) سينمائي يتماشى وخصوصيات اللغة العربية ، أعتقد لا، وبالتالي لا يمكن الحديث عن سينما عربية".

وإضافة إلى اهتمامه بالسينما التونسية والعربية التى تجمعه صداقات ومراسلات خطية يحتفظ بها فى أرشيفه مع أبرز نجوم السينما المصرية إلا انه اهتم أيضا بالسينما الفلسطينية من خلال واحد من كتبه التسعة عشر وهو كتاب " فلسطين والسينما " الذى كتبه باللغة الفرنسية ونشره فى باريس سنة 1976 ،ورغم اهتمامه بصورة الفلسطيني وفلسطين فى السينما العالمية ومحاولة ابراز صورة فلسطين العربية إلا أنه اتهم بالتطبيع ،

حنان عشراوي وفيصل الحسيني دعياني لزيارة الاراضي المحتلة

عن ذلك يقول " نعم اتهمت بالتطبيع نتيجة زيارة قمت بها فى التسعينات إلى الأراضي الفلسطينية ،الغريب فى الأمر أن الزيارة كانت بدعوة شخصية من حنان العشراوي وفيصل الحسيني وقد لبيت دعوتهما وزرت الأراضي الفلسطينية ،فهل يعتبر ذلك تطبيعا ،ربما رأى فيه البعض ذلك ،لكن أنا صحافي وعلي أن زيارة أي مكان فى العالم ،فأنا زرت عديد البلدان فى العالم فهل يعني ذلك انني أدين بالولاء لها ،أنا كتبت عن فلسطين سينمائيا كتابين واحد باللغة الفرنسية وآخر باللغتين العربية والانجليزية خدمة للقضية الفلسطينية من خلال المجال الذى أعمل فيه وهو النقد السينمائي ".

وباعتباره كتب الكثير من الدراسات النقدية عن السينما سألناه عن دور الناقد السينمائي الآن بعد ظهور الوسائط الاجتماعية " الأمر تغير كثيرا ،أولا عليّ الإقرار بأن الناقد السينمائي يقدم اضاءات عن العمل السينمائي ولا يعيد كتابة العمل السينمائي كما يعتقد البعض ،النقد السينمائي تراجع ربما فى تونس بسبب تراجع الصحافة الورقية أمام سطوة المحامل الإلكترونية ،أما فى البلدان الغربية مثل فرنسا النقد السينمائي ما يزال يحتل مكانة هامة فى الصحف ووسائل الإعلام الفرنسية الأخرى ،نحن نعيش أزمة فى تونس لم يكن النقد السينمائي بمنأى عنها للأسف ".

أيام قرطاج السينمائية هي بمثابة الحياة للسينما التونسية وجب الحفاظ عليها

وختمنا بانتظاراته من الدورة 33 لأيام قرطاج السينمائية التى ستشهدها العاصمة التونسية فى الفترة الممتدة من 29 أكتوبر إلى 5 نوفمبر 2022 " أيام قرطاج السينمائية لها تاريخ عريق فهي المهرجان الأول الذى تمّ تأسيسه فى إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأسيا وكان الهدف منه دعم السينما العربية والإفريقية وقد حقق الكثير فى هذا المجال منذ تأسيسه ،أما عن انتظاراتي فأنا سأعيد ما قاله لي يوما مؤسس الأيام الطاهر شريعة ،أيام قرطاج السينمائية هي بمثابة الحياة للسينما التونسية وجب الحفاظ عليها ، وأنا انتظر الدورة 34 من المهرجان هذا الأهم بالنسبة لي هو استمرارية المهرجان ".

* صورة للزميل محمد معمري وبعدسته جمعته بالراحل العزيز خميس الخياطي في مدينة الثقافة بتونس.