سهام بوستة تكتب : ماهي اللغة المشتركة التي تمكننا من تجاوز خصوصية الالسن وتعددها ؟
الشعب نيوز / سهام بوستة الأمينة العامة المساعدة للإتحاد العام التونسي للشغل - ان اللقاء بالاخرين أمر عسير ،ولكنه دوما ممكن ، ما دام الإنسان متكلما يقدر على أن يجعل من اللغة أرض تفاهم مشترك.
المعضلة : هل يكفي ان نتكلم نفس اللسان حتي نحقق رهان التفاهم ؟ماهي اللغة المشتركة التي تمكننا من تجاوز حدود خصوصية الالسن وتعددها وتجعل رهان التواصل ممكنا؟
التفاهم في الأصل تجربة صعبة ومعقدة فالتفاهم ليس فعلا بسيطا يختزل فيى كلمات تسمح لي بإبلاغ طلباتي للآخرين وعليه :
* فالاتفاق على نفس اللسان ليس شرطا كافيا للتفاهم كما ان تنوع الالسن ليس عائقا امام امكان التفاهم.
ان التفاهم يفترض لغة مشتركة هي بالماهية لغة الحوار.
*الحوار ليس مجرد حديث او نقاش بين طرفين او اكثر وانما الحوار في ماهيته منهج عقلي حجاجي وجدلي يستبعد حجة القوة ليتأسس على قوة الحجة
*الحوار منهج عقلي يفترض سياقا تداوليا يلتزم فيه المتحاورون بتقاسم قيم الجدية والصدق والوضوح والاحتكام إلى الحجة الاقناعية الأفضل التى تستبعد لغة المصالح وارادة الهيمنة لتؤسس لتفاهم ممكن بين الذوات .
* يحيل ذلك على اتيقا التواصل التي تفترض تحرر الفرد من تمركزه على ذاته égo-centrisme للتعبير عن هويته الحوارية التي لا يمكن ان تعرف إلا في علاقة بالآخرين .
*الاعتراف المتبادل بحق كل واحد (فرد،جماعة) ان يكون مختلفا عن غيره دون ان يكون في ذلك مفاضلة واستعلاء وارادة إقصاء الاختلاف يجب ان يكون على قاعدة المضامين والبرامج والسياسات .
*قيمة الحوار في انتصار قيم العقل والتحرر من كل أشكال العنف .فلا خيار عن الحوار لتحقيق الاصلاح الفعلي في سائر المجالات والميادين وإرساء السلم الاجتماعي والتقدم والنمو الاقتصادي بمنطق نقابي و الالتزام بالحوار مسؤولية مشتركة تفرضها المصلحة الوطنية فلا خيار عن الحوار الاجتماعي لتحقيق التنمية المستدامة باعتبارها مطلب الشعوب .
فلا تنمية بدون مقاومة الفقر المتعدد المعاني والأبعاد وضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
مع الأسف برنامج التنمية المستدامة الذي رسمته منظمة الامم المتحدة والمتمثل في الالتزام بانهاء المسيرة التي بدأها العالم مع مطلع الألفية الثالثة لإنهاء الفقر بجميع اشكاله وأبعاده بحلول سنة 2030 مازالت تونس ترفعه شعارا سياسيا لا يتجاوز خطابا رسميا للاستهلاك لا اثر له على مستوي الواقع والممارسة بل عكس ذلك وجود سياسة ممنهجة لنسف الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية وضرب الحريات الفردية والعامة وتعدي صارخ على الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة التونسية حول الحرية النقابية (87) حق المفاوضة الجماعية(98) وحماية المسؤول النقابي (135) ومواصلة العمل على احتكار السلطة السياسية أحقية ادارة الشأن العام .
واهم من يعتقد امكان تحقيق هدف من أهداف التنمية المستدامة في ظل هذا الوضع … وفي هذا السياق استحضر قولة الزعيم النقابي فرحات حشاد خالد الذكر "…في الواقع لا يستطيع العامل ان يحد نشاطه في مهمة التحرر الاجتماعي وحدها لانه يعتقد انه من المستحيل عمليا أن يحقق مطامحه في الحقل الاقتصادي و هو رازح تحت نظام سياسي يسيطر على البلاد ولا يعترف لشعبه بالحقوق الأولية التي تتوفر بها شروط الانسانية. فهل يمكن تحقيق الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية لدي شعب لا ينعم بخيرات الديمقراطية؟؟؟وكيف يمكن للحركة النقابية أن تتطور في بلد لا يوجد فيه ضمان للحريات الفردية والطبيعية؟؟؟"
من مقال للزعيم فرحات حشاد صادر سنة 1949
*يبقى الحوار الاجتماعي ضامنا اساسيا للتنمية المستدامة.
وسيظل الاتحاد العام التونسي للشغل صمام امان البلاد و العباد ومكسبا وطنيا نختلف فيه ولا نختلف عليه وهو الامانة التي نتحمل جميعا مسؤولية الحفاظ عليها.