دولي

من وحي الحركة النقابية العالمية، المنجي عمامي يروي قصص نجاح لمناصرة قضايا عمال المنصات الرقمية

الشعب نيوز/ صبري الزغيدي - قدم الأستاذ المنجي عمامي محاضرة استعرض فيها قصص نجاح عن مناصرة عمال المنصات الرقمية  وذلك خلال الندوة التي نظمتها إدارة التنمية البشرية والتشغيل بمنظمة العمل العربية حول مستقبل العمل في ظل الذكاء الاصطناعي الاسبوع الفارط بأحد نزل العاصمة تونس.

واستعرض المحاضر تاريخ الثورات الصناعية في العصر الحديث بداية من 1765 مع بداية الانتاج الميكانيكي بواسطة المحرك البخاري ثم انطلاق الانتاج المكثف المدعوم بالطاقة الكهربائية والنفطية منذ سنة 1870 فخلق الانتاج المأألل المدعوم بالالكترونيات وتكنولوجيا المعلومات بداية من سنة 1969 وصولا إلى الثورة الرابعة اليوم بادماج التكنولوجيا الحديثة من خلال انترنيت الأشياء والذكاء الاصطناعي. 

أعلى درجات الأرباح

وعرف الأستاذ منجي عمامي المنصة الرقمية بأنها مؤسسة تؤمن التواصل بين شبكتي طلبيات وعروض الخدمات والمنتوجات، وابرز ان كل منصة رقمية تسعى إلى الهيمنة على السوق بهدف تحقيق أعلى درجات الأرباح.

واستعرض  المحاضر قائمة من بين أشهر المنصات الرقمية ومنها المنصات الرقمية لتسليم وجبات الاكل ومنصات رقمية للنقل الفردي .

في هذا المستوى، طرح الأستاذ المنجي عمامي تساؤلا عن مكامن المشكل في علاقة بالعمل، حيث أن العمال تعتبرهم المنصات الرقمية عبارة عن مقاولين مستقلين، وبالتالي فهم لا يتمتعون بالحماية التي يضمنها لهم قانون العمل من عطل واجور وخلاص الساعات الإضافية والتقاضي لدى المحاكم في حالة الطرد التعسفي إلخ...

كما  لا تنسحب عليهم تغطية الضمان الاجتماعي، فضلا على أنهم محرومين من الحرية النقابية ومن حق التفاوض الجماعي، مستخلصا ان ذلك من عناصر الرأسمالية الرقمية الجديدة والتي تهدد بتقويض المكاسب الاجتماعية وباستمرار وجود العمل  النقابي.

لا يقدر على الدفاع عن نفسه

في الإطار نفسه، قدم الأستاذ عمامي عرضا عن منصة Uber وكيف تستغل سائقيها. حيث تعمد هذه المنصة الرقمية الى اخضاع السائق المتعاقد معها على اقتناء سيارته وجوبا من اختيارها هي، دون أن تتحمل مصاريف التأمين كما يحق لها مراقبة التعريفة ومسافة الرحلة، علاوة على إمكانية ان تسحب من السائق المتعاقد حق النفاذ إليها دون أن يقدر على الدفاع عن نفسه.

وحول المنصة الرقمية DElivroo المختصة في تسليم وجبات الطعام، فهي تقوم باستغلال عمالها عبر العمل أولا خارج القانون رغم انه قطاع ينتمي للاقتصاد المنظم، وتقوم بابرام عقود عمل وقتية أو خاضعة لمقتضيات العمل المستقل . في هذا القطاع أيضا لا وجود لتفقد الشغل ولأي رقابة إدارية أو صحية وظروف العمل فيه تفتقر لأدنى شروط العمل اللائق وتغيب فيه الحماية الاجتماعية .

إلى ذلك ، يتم إلزام عامل التسليم باقتناء الدراجة النارية ووسيلة النقل وبقية التجهيزات الضرورية للعمل ، الى جانب  ان الأرباح يتم توزيعها بطريقة غير عادلة والعلاقة الشغلية ضبابية بين المنصة الرقمية والوسيط وعامل التسليم، هذا الأخير الذي يتم اخضاعه للعديد من الضرائب والاداريات.

الانتساب النقابي

اكد المحاضر ان عديد النقابات تعمل اليوم على تغيير أشكال وأساليب عملها للدفاع عن العمال الذين يعانون الهشاشة. وبين ان التنظيم النقابي يقوم على تغيير اساليبه للزيادة في عدد انخراطات العمال الذين يعانون الهشاشة ومنهم العمال المهاجرين والنساء والشباب والافارقة في أمريكا وحاليا عمال المنصات الرقمية.

وأشار إلى أن عملية الزيادة في الانخراطات تكون عبر منح العمال مزيدا من النفوذ داخل التنظيم النقابي لتنشئتهم على التكفل بأنفسهم ، الى جانب بعث هياكل تعنى بمتابعة حملات الانخراط وتعبئة الموارد المالية لتمويل الحملات وتكوين النقابيين المسؤولين عن حملات الانخراط لتطوير اداءهم وتنمية قدراتهم.

مبادرات نقابية ناجحة

في هذا المستوى كشف الأستاذ المنجي عمامي عن مبادرات نقابية ناجحة لمقاومة استغلال المنصات الرقمية، وذلك عبر استعمال تكنولوجيا المنصات الرقمية لتوحيد صفوف العاملات والعمال المعزولين والمستغلين ومساندة التحركات التي تطالب بالعمل اللائق والمساعدة وتقديم النصح لهم لدعم تظلماتهم لدى المحاكم ضد تجاوزات المنصات الرقمية إلى جانب التدخل لدى السلط العمومية من أجل وضع إطار قانوني واتخاذ إجراءات حمائية لعاملات وعمال المنصات الرقمية.

وقدم الأستاذ عددا من الأمثلة كاستعمال منصة رقمية للقيام بحملة ضد Uber في الولايات المتحدة الأمريكية أو مساندة الكنفدرالية العامة للشغل CGT ونقابة IWW ببريطانيا لعمال تسليم الأكلات الجاهزة  أو تحالف سائقي التاكسي بأمريكا والمنتسبين لنقابة AFL-CIO .

مبادرات أخرى وكفاح أمام المحاكم

في هذا الصدد ايضا، كشف المحاضر مبادرات أخرى لتنظيم العاملات والعمال في جمعيات وتعاونيات ، من ذلك انشاء منصة رقمية لتعاونية سائقي التاكسيات  في مدينة دنفر من ولاية كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية أو تجمع عمال التسليم المستقلين بباريس "الشارع مصنعنا" .

اما فيما يخص قصص نضالات وكفاح عمال المنصات الرقمية أمام المحاكم، فقد قدم المحاضر مثال اعتراف المحاكم في فرنسا بالعلاقة الشغلية بين منصة take  eat easy  وسائق التسليم والذي من شأنه أن يهز أركان المنوال الاقتصادي القائم ، أو خسارة منصة vtc وuber لحكم الاستئناف والحكم بتأجير سواقها في المملكة المتحدة ، او كذلك رفض القانون الألماني للسواق الخواص بنقل ركاب دون ترخيص سوى للرحلات حسب االاسعار الجارية ، وبما ان منصة uber تفرض تقاضي عمولة على كل الرحلات فقد قضت المحكمة بعدم استيفاء هذا الشرط.

ثلاثة مطالب نقابية

واستخلص الأستاذ المحاضر ان هناك ثلاثة مطالب نقابية من أجل العمل اللائق تتمحور حول ضرورة تطبيق قانون العمل على عاملات وعمال المنصات الرقمية وتمكين الشغالين من ممارسة الحق النقابي وحق التفاوض الجماعي وملاءمة أحكام الضمان الاجتماعي بما يمكن من تغطية جميع الشغالين بقطع النظر عن طبيعة عقدهم.

وفي هذا السياق، شدد المحاضر على أن تتلاءم النقابات مع خصوصيات عمال المنصات الرقمية لكسب المزيد من الانخراطات وبالتالي دعم النفوذ النقابي في خدمة العمل اللائق ، علاوة على استخدام تكنولوجيا المنصات الرقمية لتوحيد صفوف العمال المعزولين والمستغلين وتوجيه فعلهم دفاعا عن حقوقهم وعن احقيتهم في العمل اللائق.