ثقافي

فيلم "عصفور جنة " : سيناريو مفكك وفذلكة لا تصنع الكوميديا

الشعب نيوز / حسني عبد الرحيم - عندما تذهب لمشاهدة فيلم سينمائي فأنت تتوقع قضاء وقت للمشاهدة وليس للإستماع لبرنامج إذاعي فكاهي مشاهدة فيلم غير الإستماع لحوارات تحاول أن تكون مضحكة. 

مراد بن الشيخ هو أكاديمي ممتاز ونحب مداخلاته المختلفة في السينما والحياة الثقافية عمومآ  وكنا ننتظر فيلمه "عصفور جنة"  بشغف وتمنيات طيبة مع توفر الدعم الضروري له من وزارة الثقافة وهيئات أخرى ومع وجود أعداد مهمة من الممثلين الموهوبين كنا مع أعداد هامة من السينمائيين والنقاد المدعويين في العرض" قبل الأول" أول أكتوبر في سينما الريو ، ولكننا لم نخرج بإرتياح مما شاهدناه سواء على الصعيد الفني أو على صعيد الرؤيا والتحقيق السينمائي .

الرغبة في عمل فيلم كوميدي رغبة طيبة في وقت تراكمت فيه الأحزان ويحتاج الناس الأفلام والمسرحيات المبهجة للخروج من الحزن المفروض لكن الكوميديا ليست مجرد رغبة إنها مستوى من المفارقات التى تؤدي بطبيعتها للسعادة حتى ولو لحظية. 

الفيلم يحكي عن مسألة زواج بين مهاجرة تونسية في إيطاليا بلا أوراق تضطر للمبيت عند تاجر تحف فيقعون في الحب والذي من المفترض أن يعقبه الزواج في إيطاليا الأم الكاثوليكية الثرية تهدد إبنها التاجر السمين بأنها ستحرمه من الميراث لو تزوج من المسلمة وفي تونس تشترط عليه العائلة والإمام أن يتحول للإسلام ويخضع لعملية جراحية (الطهور) بينما أخويها يعملان على تدبير سفرية والتجارة معه في الشراب وتنتهي بالتوافق على تجارة وتهريب العاديات وتدبير فيزا لهما لكي يجربا حظهما بالزواج من عجوزتين إيطاليتين تكفلان لهما الأوراق وربما المعيشة المطمئنة .

 والأب ذاته يتمسك بأمور شكلية (شرف العائلة) ذات الحسب والنسب بينما العروس كانت في إيطاليا تعمل بشكل غير شرعي لمساعدة عائلتها .

 الإمام يرتشي لكي يسهل الأمور والمفتي لا يقبل إشهار إسلام الإيطالي قبل أن يتجاوز إختبارات الإيمان.

أُمه تأتي من إيطاليا لمحاولة منع الزواج بينما العروس نفسها التي عاشرته تسلك في المناورات العائلية وهي التى تزوجت منه من قبل زواج مدني بإيطاليا لكنها ترغب في مباركة عائلتها و تسلك مسالك معقدة لكى ترضي الجميع .

هو واقع في حبها بسبب على مايبدو جسدها و رقصها الجميل والمثير وهي كذلك كما يبدو بسبب حاجتها للأوراق .

 وتنتهي الإشكاليات بزردة جماعية يشترك فيها الطلاينة الكاثوليك مع العرب المسلمين بتجاوز للمفتي وتعاليم الكنيسة والتقاليد المعمول بها في البلدين بينما يتبقى مسألة تعميد الأطفال في حالة وصولهما بعد الزواج. 

السيناريو مُفكك والعلاقات ليست مبررة ولا مُضحكة والفذلكات الكلامية لا تصنع كوميديا  بينما المشاهد كلها مشاهد قريبة أو متوسطة وكلها تقريبآ لوجوه في دار عربي مع حكاوي النساء المتخيلة وليست الواقعية و لا تحكي شيئآ رغم الموضوع الذي كان من الممكن أن يشكل كوميديا لطيفة للتناقض بين ثقافتين .

لا نشاهد على الشاشة إلا وجوه لأشخاص تطلق نكات ممجوجة  القدرة الإغوائية للمرأة الشرقية كانت منذ سنين موضوعآ للإيروتيكا الإستشراقية ولكنها هنا ليست سوى إستعراض لمفاتن بنتين من نطاق عربي كانت أحداهن تعمل في إيطاليا بدون أوراق ثبوتية والأخرى تحلم بذلك لتذهب للزواج من إيطالي من أجل الحصول على أوراق إقامة أو الترحيل الإجباري إلا لو توصلت لإيقاع تاجر عاديات إيطالي سمين في حبها.

حتى عنوان الفيلم "عصفور جنة" لا علاقة له بالشريط الذي شاهدناه وكنا نتمنى نجاحه  لكنها تجربة أولى لفيلم روائي لمراد بن الشيخ والذي هو بذاته كاتب السيناريو عن رواية بنفس الأسم للرواية كاتبها محمد رضا بن حمودة .

أدى الأدوار في حدود الممكن الممثل الإيطالي نيكولا نوشيلا، أمل المناعي (دور بدرة/ بيتي)، يحيى الفايدي، جمال المداني، سليم الذيب، أديب حمدي، محمود السعيدي، رياض حمدي، منيرة الزكراوي، إشراق مطر، شاكرة الرمّاح، مراد الغرسلي، فاطمة الفالحي، صلاح مصدق، يونس الفارحي، عبد الكريم البناني وظهور بسيط لعبد الحميد بوشناق.