ثقافي

فيلم" برچ الرومي" يروي فصلا من تعذيب السجون في تونس، أعجب المشاهدين وأغضب الكاتب

 الشعب نيوز/ حسني عبدالرحيم - بعد عرضه في مهرجان الجونة السينمائي الدولي بمصر في الصيف الماضي ..تم عرض فيلم" برچ الرومي" في أيام قرطاچ السينمائية وهو مقتبس عن الكتاب - الشهادة ( نظارات أمي) المنشورة منذ سنوات للكاتب والمناضل والسجين السابق(73- 79)!"عز الدين الحزقي" والذي أستمر في قناعاته رغم مرارة التجربة والتي يصفها بأنها الأثمن في حياته.  

المكان مشهور لدى الرأي العام منذ بنائه من قبل الإستعمار الفرنسي على هضبة تطل على المدينة الساحلية بنزرت وهى كذلك كانت موضع معركة دامية عشية الإستقلال!

هذه القلعة الحصينة أوت أجيال من مناضلي الحركة الوطنية والإجتماعية من الفلوجة مرورآ بأليوسفيين ثم اليسار بفرعية السوڤيتي ثم يسار" برسبيكتيف-أطروحات" ثم العامل التونسي والنقابيين!

الفيلم يتناول فترة إعتقال اليسار في السبعينات وهم أساسآ مناضلو اليسار المابعد سوڤيتي! وكانوا مجموعات من المثقفين والطلاب والجامعيين وقليل من العمال! ونشاطهم كان بتوزيع المناشير في صناديق البريد والأسواق والتجمعات الطلابية أساسآ ولم ينخرطوا في أى نشاطات عنيفة!

المساجين الأثنا عشرالذين نعّد من بينهم يهودي وعروبي وعامل واحد يمرون بما عُرف من الإستقبال الجماعي بالضرب ثم التحقيق والتعذيب حتى يعترفوا على زملاء لهم. بعد ذلك تأويهم زنازين كألسراديب ويمدونهم بألمأكل الملئ بألحشرات وحتى يبول به الحارس ذات مرة !

الإضراب عن الطعام هو السلاح الوحيد للمحبوسين لتحسين شروط حياتهم الصعبة ويحصلون على حقوق معينة للسجناء السياسيين ولم يتوان سجناء أطروحات عن خوض عشرات الإضرابات ليحصلوا على الكتب والتلڤزة وإنتظام الزيارات!

المعاناة الحقيقية هى معاناة الأهل اللذين يأتون من ولايات بعيدة ليدخلوا للأسير القفة وقد عالج الفيلم ذلك بوضوح!غوايات الإستنكار وطلب العفو الرئاسي مستمرة ويرفضها الغالبية إلا مناضل واحد (عامل) يخرج ويجد نفسه في إضطراب نفسي حاد ويتحول لمدمن وينعزل وحيدأ حتى تأتى إحداث ثورية لتخرجه من شقائه النفسي وترجع له حبيبته لتداويه من الشعور بألخزي والعار الذي فُرَض عليه من آلة القمع والتخويف وألغواية.

يتعرض الفيلم لخلافات داخل الزنازين بين مسجونين أتوا من ثقافات وديانات مختلفة وهذا طبيعي ولا يشين أحد بل يحدث ذلك في كل السجون حيث يتواجد في نطاق ضيق إناس مختلفون بألرغم مما يجمعهم من إيمان بألعمل الثوري السلمي والبناء!

الفيلم بشكل عام جيد ومواقع التصوير مناسبة وإداء الممثلين مقنع كما إن عدم تضمينه لكل محتويات الكتاب هو طبيعة عمل المخرج وليس لكاتب المذكرات-الذي نحترمه- أن يشكو من ذلك لأن الفيلم ليس الكتاب ولكنه إختيار عناصر مناسبة من الكتاب لتوضيح عملية القمع والتنكيل بلا شفقة.

الفيلم أثار، من ناحية، إعجاب المشاهدين ولكنه، من ناحية أخرى، أغضب مؤلف الكتاب ورفاقه من مجموعة أطروحات تضامنآ مع غضب العزير الغالي "عز الدين الحزقي" وسجل "أبوالعز" ذلك على وسائل التواصل وأقام دعوى قضائية ! لكن مع تقديرنا للكتاب وكاتبه، فإن صانع الفيلم لم يصنعه حول تاريخ "أطروحات" ولكنه حول "برچ الرومي " في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات في الزمن الذي ضم أعدادآ منهم معتقلين في قضايا رأي وضمير وتم تعذيبهم بقسوة! كما حدث مع آخرين من جماعات سياسية مختلفة ونقابيين!

الممثلون: محمد شوقي بلخوجة وعزيز الجبالي وطلال أيوب وحسام الغريبي وجمال المداني ومروان العريان وإيهاب بويحي كما يجسد المخرج عبد الحميد بوشناق، دور السجين السياسي. وجميعهم معروفين كممثلين أساسآ بألمسرح والذي يعمل به فيه "منصف ذويب" مخرجآ منذ سنوات بنجاح.

* كتاب " نظارات امي " وفي الزاوية مؤلفه المناضل المعروف عزالدين الحزقي.

تابعوا اخباركم و صوركم عبر هذا الرابط : https://x.com/echaabnewstn