احكام المناولة: 6 مشاريع قائمة على الرتق والترقيع، فهل يقضي التنقيح المقترح على " العبث "؟

الشعب نيوز/ رأي حر – كشف الرئيس قيس سعيد في كلمة فتح بها أشغال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم الخميس ان مشروع التنقيحات التي دعا منذ 6 مارس 2024 الى إدخالها على احكام مجلة الشغل المتعلقة بالمناولة والعقود محدودة الزمن تطلب مدة طويلة من العمل وان آخر جلسة للغرض استغرقت 6 ساعات و35 دقيقة بما انها تواصلت من التاسعة والنصف ليلا الى الرابعة و5 دقائق من فجر نفس اليوم الخميس.
أضاف الرئيس انه تم النظر طوال كل هذه المدة في 6 مشاريع لتنقيح الاحكام المشار اليها وأفصح على ان المقاربة التي تم من خلالها صياغة المشاريع المذكورة لم تكن جذرية، بل كانت قائمة على الرتق والترقيع.
هوة شاسعة
هذه شهادة ذات أهمية قصوى تكشف الهوة الشاسعة بين ما يدعو له صاحب المشروع، سواء كان رئيسا حاكما او حزبا سياسيا او خاصة منظمة نقابية وما تنتهي الإدارة الى اقتراحه ومن ثم الى تنفيذه.
قد يقال ان للإدارة أعذارها فيما تفعله مع مقترح اومطلب صادر اليها من خارجها، فهي العالمة بكل ما يحيط بالموضوع المقترح وبالمطبات التي يمكن ان يتسبب فيها وبردود الفعل التي يمكن ان تصدر عن مختلف الأطراف المعنية به. لذلك يقال انها تبذل جهودا كبيرة لاحتواء أي مطلب وتكييفه حسبما ترى انه يخدم مصالح اكثر الأطراف علاقة به وضمنهم صاحبه.
وللإدارة طرقها الخاصة في " الالتواء" على أي مشروع حتى لا نقول الإطاحة به. من هذه الطرق الابطاء في التفاعل مع الدعوة الصادرة اليها، وتحميله ما لا يحتمل، والزيغ به عن أهدافه، وان لم تفلح بهذه الطريقة او تلك فان تلتجئ في نهاية المطاف الى ذلك السلاح الخفي المتمثل في الأوامر الترتيبية. عادة ما يمضي وقت طويل يفصل بين تاريخ صدور القانون وأوامره الترتيبية، هذا أولا أما ثانيا، فان هذه الأخيرة غالبا ما تأتي اما مقيدة للقانون او مكبلة له او واضعة من الشروط التعجيزية ما يجعل التطبيق كفيلا بتفريغ النص الأصلي من محتواه أو جعله صعب التطبيق.
ليست هذه الا عينات مما عاناه النقابيون في الاتحاد العام التونسي للشغل إزاء المطالب الوجيهة التي يقدمونها الى الحكومات وسواء كانت تلك المطالب أدبية او مادية أي ترتيبية او ذات انعكاس مالي.
مرونة التشغيل ؟
الغاء المناولة مطلب رفعه النقابيون في الاتحاد منذ مطلع التسعينات، لكن سلطات تلك الحقبة طلعت عليهم بقصة "مرونة التشغيل " باعتبارها ألية تشجع المستثمرين على خلق المزيد من فرص العمل التي كانت البلاد في حاجة اليها، ورغم الاحتياطات التي تم التنصيص عليها في الفصول المعنية، فان بعض الأطراف حولت الامتياز لصالحها واخذت بممارسة العبودية على العمال بتأجير قوة عملهم لفائدة أطراف ثانية وثالثة ورابعة.
وحتى لما جاءت ثورة الشغل والحرية والكرامة الوطنية وتوصل النقابيون الى "اقتلاع" اتفاق أفريل 2011 القاضي بإلغاء المناولة من الوظيفة العمومية والقطاع العام، وجدت الإدارة الموقرة ما به بررت الإبقاء عليها في عدد كبير من القطاعات بل انها وقفت وراء العمل بها في قطاعات لا تحتملها منطقيا وهي التعليم والإدارة نفسها، بل زادت ورفضت جملة وتفصيلا تطبيق ذلك الاتفاق في قطاعات عمومية ذات ربحية ومداخيل مالية مرتفعة.
هل ينتهي " العبث " بموجب المشروع الجديد المتعلق بإلغاء المناولة وهل هو كفيل بان يجعلها تنقرض تماما مثلما انقرضت بعض الحيوانات كما قال الرئيس في كلمة امام مجلس الوزراء؟
نأمل ذلك.
حمدي البرجي / نقابي