آراء حرة

عبد الرحمان اللاحقة : إجراءات ترامب تؤسس الى سياسة تصنيعية أمريكية وتأثيراتها المحتملة على تونس سلبية

الشعب نيوز / أبو إبراهيم -   قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب احداث معاليم جمركية مرتفعة على سلع متأتية من ‏دول العالم .

ويبدو ان القرار الأمريكي ليس بدعة شعبوية من بدع التيار السياس السائد ‏الان في العالم بقدر ما تحركه خلفية أيديولوجية لترامب تهدف الى إعادة هيكلة الاقتصاد ‏العالمي بشكل تستعيد فيه الولايات المتحدة الأمريكية السيادة التي فقدتها لصالح قوى ‏أخرى أبرزها العملاق الصيني.

ورغم  انه من السابق لأوانه الحديث عن انعكاسات ‏سياسات الإدارة الامريكية الجدية فانه من الممكن الحديث عن خطوط عامة.

وفي هذا ‏الإطار التقت الشعب نيوز بالخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي عبد الرحمان اللاحقة ‏الذي اكد وجود ملاحظات أولية ‏اعادة بناء الصناعة الامريكية.

من حيث المبدأ تمثل إجراءات الرئيس الأميركي جزء من حرب تجارية و مثلها مثل ‏بقية الحروب لا تخدم الحرب التجارية الاقتصاد العالمي ولا تخدم الرفاه الإنساني.

وتمثل ‏الحرب التجارية الامريكية عنوانا كبيرا للعودة الى السياسات التصنيعية.

ويشرح اللاحقة ‏ان الإجراءات الجمركية هدفها غلق السوق الامريكية امام الصناعات غير الامريكية من ‏اجل تحفيز الصناعة الأمريكية واستبدال المنتجات العالمية بمنتجات أمريكية محلية ‏الصنع.

وقد كان العالم يسير في اتجاه اقتصاد مفتوح بشكل تام بعد ان تم التخلي عن ‏فكرة الاقتصاد الوطني والتصنيع على مستوى محلي لصالح فكرة اقتصاد عالمي مفتوح ‏يقوم على التخصص والتبادل.

ولكن انعكاسات هذه السياسات يبدو انها لا تعجب الإدارة ‏الامريكية الحالية ولذلك تسعى الى إعادة السيطرة والهيمنة عبر سياسة إعادة التصنيع.

‏وتمثل الإجراءات ضربة موجعة للعولمة وهي تكريس لأيديولوجيا حاكمة في أمريكيا ‏هو إعادة البناء الصناعي الامريكي (‏réindustrialiser l’USA‏). وقد كانت هذه ‏الأيديولوجيا او سياسة اقتصادية مرفوضة حتى في الأوساط الاكاديمية بعد ان استقر ‏توجه عام على الأوساط الاقتصادية ماده ان التبادل والعولمة أكثر نفعا للاقتصاد من ‏السياسات التصنيعية والانغلاق.‏

* ديمومة سياسات ترامب ؟ ‏

ويري الخبير الاقتصادي عبد الرحمان اللاحقة انه من السابق لأونه الحديث عن نتائج ‏واضحة لان تأثيرات الإجراءات الامريكية مرتبطة بالسياسات والإجراءات البديلة التي ‏ستتخذها القوى الاقتصادية الفاعلة عالميا واساسا الصين والاتحاد الأوروبي.

وتفاعلا مع ‏سؤالنا اذا ما كان من المتوقع العودة الى نظام اقتصادي مغلق قال الخبير الاقتصادي انه ‏الامر ليس موثوقا لأنه سياسات ترامب لا تتصف بالديمومة فالدخل الأمريكي نفيه مازال ‏غير مستقرا على راي نهائي ومازال امامنا الكثير من الوقت من اجل انتظار ردود ‏أفعال الفاعلين الاقتصادين الأمريكيين إزاء سياسات ترامب.

فمن المعروف ان السياسات ‏الأمريكية الجديدة ستوف تؤدي الى التضخم المالي فهل سيقبل الأمريكي هذه الكلفة ام ‏لا؟ وهل سيقبل بالتضحية ام لا؟ وما يطرح المزيد من التساؤلات حول ديمومة السياسة ‏الامريكية الجديدة هي اضرارها بمصالح حلفاء أمريكا التاريخيين ومنهم كندا التي ‏تضررت كثيرا من السياسات وهو ما قد يؤثر على أسعار الطاقة والتبادل بين البلدين. ‏فالثابت اذا ان ترامب احدث اضطرابا كبيرا في استقرار الاقتصاد العالمي ولكن لا ‏احدث يعلم مدى تأثيراتها على المدى البعيد والمتوسط.‏

* انعدام التضامن والتجانس يفاقم الاضرار

وفي علاقة بالاقتصاد التونسي اعتبر الخبير الاقتصادي انه سوف يخضع للإكراهات ‏التي ستحدثها الإجراءات الامريكية لكنه لن يكون فاعلا لان الاقتصاديات الصغرى ليس ‏لها القدرة على التأثير او التحكم في مصيرها. وبما ان الاقتصاد التونسي في ازمة فانه ‏لا يمتلك رفاه التأقلم والتعديل.

وتزداد الوضعية تعقيدا مع الوضع التونسي الحالي المتسم بغياب جبهة وطنية صماء أي ‏عدم وجود تفاهمات في مستوى شبكة الإنتاج والعلاقات الإنتاجية بمعني ان الضرر ‏الاقتصادي الحاصل من أي وضع دولي جديد لن يجد موقفا موحدا بل سيجد عدم ‏اتجاهات من الفعل الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي وهو ما قد يضر الاقتصاد ‏التونسي.

ففي ظل انعدام التفهم والتضامن بين الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين يكون ‏الوضع الجديد أكثر ضرارا عبر تضخيم اثار.

وعلى صعيد سياسي يعتبر عبد الرحمان ‏للاحقة انه من الواردة ان يتم استغلال الوضع الاقتصادي من طرف الفاعلين السياسيين. ‏وشدد اللاحقة على ان ضعف الاقتصاد التونسي هيكلي ولا يرتبط بالظرف الدولي واي ‏ان سردية لازمة الناتجة عن الوضع الاقتصادي العالمي لا تستقيم.‏

وتوقع الخبير الاقتصادي بالنبة لدول العالم غير الفاعلة ان تعيش انعكاسات متعددة ‏الاتجاهات أي انعكاسات إيجابية وأخرى سلبية.

فالسيناريوهات متعددة ومتنوعة ولا ‏يمكن حصرها الا من خلال دراسات علمية عبر نماذج عليمة. فمن الممكن مثلا ان تشهد ‏بعض القطاعات ازمة وان تؤدي الى توقف الإنتاج في بعض البلدان خاصة الاقتصاديات ‏الضعيفة والصغيرة.

كما يمكن ان تشهد أسعار السلع على صعيد عالمي انخفاضا.

اذ ‏ستؤدي الإجراءات الجمركية الامريكية الى خفض منسوب السلع الى السوق الامريكية ‏وهو ما يخلق فائضا على صعيد عالمي.

ومن الممكن أيضا ان نشاهد تحالفا تجاريا بين ‏اوروبا والصين.

وبالتالي فان كل الخيارات ممكنة وسيكون على الحكومات حسن ‏الاستباق. ‏