وثائقي

النص الحرفي لكلمة الأخ نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل

 بطحاء محمد علي / الشعب نيوز- ننشر فيما يلي النص الحرفي لكلمة الأخ نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل العالمي تونس، في غرّة ماي 2025

 

الأخوات والإخوة عاملات وعمّال تونس،

رفيقاتي ورفاقي في النضال، حماة الوطن والاتحاد،

صديقات وأصدقاء الاتحاد الأوفياء،

 

نحيي اليوم عيد العمّال العالمي ونلتقي للمرّة الثانية في ساحة النضال ساحة محمد علي الحامي بعد تدشين دار الاتحاد في غرّة ماي 2024 ، هذا الصرح الذي لكم ان تفخروا به،  لنجدّد العهد معا مرّة أخرى على الوفاءِ لشهداء الحركة النقابية والوطنية والالتزام بقضايا العمّال والتضامن مع نضالاتِ عمّال العالم وتضحياتِهم من أجل العدالة والكرامة والمساواة وفي مقدّمتهم عمّال فلسطين وشعبها الأبي المقاوم والصامد، الذي يتعرّض إلى إبادة جماعية غير مسبوقة في التاريخ البشري.

هو عيد فرضته تضحيات العمّال في أنحاء المعمورة تخليدا لإضراب عمّال مدينة شيكاغو الذي جابهته الرأسمالية بمجزرةٍ رهيبةٍ وبأحكامِ الإعدام في حقّ العمّالِ وقادَتِهم النقابيين وها أنّ عمّال العالم، بعد ما يقارب مائة واثنين ثلاثين عاما، يتمتّعون بثمار تلك التضحيات والدماء التي سالت ومن أهمّها تحديدِ ساعات العمل بثمانية في اليوم، وهو مكسب لا يمكن تقدير قيمته إلا إذا قارناه بساعات العمل المضنية والطويلة والتي كانت تصل أحيانا إلى أربع عشرة ساعة في اليوم، بل لقد فاقت ثمار تلك المجزرة الرأسمالية البشعة حدود المكسب المادي لتكون منعرجًا حاسما في مسارِ تعزيزِ التضامُنِ العمّالي العالمي وتجذيرِ نضالِ الطبقة العاملة ضدّ الاستغلال الرأسمالي وضدّ قمعِ حقِّها في حريةِ التنظُّمِ والمفاوضةِ والإضراب وسائر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية...

إنّنا في هذا اليوم نقف إجلالًا وخشوعًا أمام أرواحِ شهداءِ الحركة النقابية العالمية ورُوّادِ وشهداءِ الحركة النقابية الوطنية التونسية، ونجدّد بهذه المناسبة مطالبتَنا بفتح هذا الملفّ ليس من أجل الانتقام أو للمطالبة بتعويض وإنّما لمعرفة الحقيقة وإنصاف أُسَرِ الشهداء الذين يتواصل التعتيمُ إلى اليوم عن عددهم الحقيقي. وهي مناسبة أيضا للتّرحُّمِ على شهداء الوطن زمن الاستعمار وزمن النضال من أجل التحرّر والديمقراطية ومكافحة الاستبداد والإرهاب

 الأخوات والإخوة الأعزاء،

لقد خاض العمّال والنقابيون في تونس، منذ محمّد علي الحامي وجامعة عموم العملة ومرورا ببلقاسم القناوي وجامعته الثانية وصولا إلى الشهيد فرحات حشّاد ورفاق التأسيس، معارك عديدة ولم يتوانوا عن الذود على الوطن وعن الاستقلال وعن الحرّية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لعلّ أبرزها معركتا 26 جانفي 1978 وجانفي 1984 اللتين سقط فيهما مئات الشهداء برصاص البوليس وعمدت خلالها السلطة إلى تنصيب قيادات موالية سعيا إلى تدجين اتّحادِكم وضربِ استقلاليّتِه وإخمادِ النضال العمّالي ضدّ خياراتها الليبيرالية واللاّشعبية واللاديمقراطية ... ومنها برنامج الإصلاح الهيكلي سيّء الذكر، وسعت إلى ضرب كلِّ حركةٍ احتجاجية ومطلبيّة لتحسين ظروف العمل وتحقيقِ العيش الكريم للشغّالين.

 

كما كانت قد عمدت إلى الزجّ بالعمال وبالنقابيين في السجون وفي مقدّمتهم الزعيم النقابي الوطني المرحوم الحبيب عاشور وإلى طرد الآلاف منهم من العمل والتنكيل بهم وبأُسرِهم، وانتصبت محاكماتِ صورية أصدرت أحكاما جائرة ضدّ مناضلي الاتحاد وقياداتِه. وبذلك وفّر نظام الحكم لنفسه فرصة للتفريطِ في مئات المؤسّساتِ العموميةِ وضربِ مكاسبِ الشعب والتضييقِ على سُبُلِ عيشهم وتجميدِ أجورِهم وتسريحِ الآلاف منهم، استجابة لتعليمات الدوائر المالية العالمية التي خلقت أزمةً عامّة عصفت بالبلاد ووضعتْها على حافةِ الإفلاس عمّقها رفضُ السلطة لحوار الاجتماعي واتباعها سياسة الانغلاق ومحاصرة وملاحقة القوى السياسية والاجتماعية.

ورغم كلّ ذلك العسف والتنكيل فقد صمد النقابيون وتمسّكوا بالدفاع عن حقوق الشغالين والفقراء وعموم الشعب في الحرية والعدالة وعادوا إلى واجهة الصراع وأثبتوا فشل السياسات العمومية التي لا تراعي حاجات الشعب وانتظاراتهم لا فقط في العيش الكريم وإنّما أيضا في الحقّ في الحرية والديمقراطية بوصفهم مواطنون لا رعايا.

الأخوات والإخوة الأعزاء،

ها هي بلادُنا تمرّ اليوم بأزمةٍ عامّة وخانقة مماثلةٍ لأزمات سابقة مسّت جميع المستويات والأصعُد، عمّقتها أزمة عالمية حادّة تصاعدت فيها الشعبية وما سياسة ترامب إلاّ مثال ساطع عنها، ولقد توسّعت موجة الانغلاق والتضييق على الحرّيات فأصبحت العبارة والصورة والأغنية والشعار والاستعارة، أيّا كان منطوقها وأهدافها وإطارها، سببا للزّجّ بأصحابها في السجون وتسليط أقسى الأحكام عليهم وخاصّة منذ سنّ المرسوم 54 سيّء الذكر وصارت التهم تطلق جزافا والقضايا تحاك في المكاتب المغلقة وأصبحت محاكمة الرأي والتعبير خبزا يوميا مسّ النقابيين والإعلاميين والمحامين والنشطاء المدنيين والمدوّنين من الشباب الذين سلّطت عليهم أحكام جائرة بعد أن سُلب أغلبهم الحقّ في  محاكمة عادلة تكفل فيها العلنية وحقوق الدفاع والمكافحة وغيرها من الشروط التي يضمنها الدستور والتشريعات الوطنية والدولية.

إنّ الحرية هي أمّ القيم والمبادئ الإنسانية لا بوصفها شرطا للعدالة والمساواة وغيرها من القيم الإنسانية الأخرى فحسب بل لأنّه لا يمكن تحقيق العدالة في ظلّ التضييق والقمع، فالحرية ليست مجرّد وسيلة لتحقيق العدالة بل هي جوهرها إذ توفّر لنا جميعا الحقّ في الاختيار والانتقاد والاحتجاج والدفاع عن الحقوق الأساسية والتمتّع بها.

 لقد كانت الحرّية ومازالت مطلبا إنسانيا كافحت من أجله الشعوب وبلادنا استطاعت بعد هبّة 17 ديسمبر 2010- 14  جانفي 2011 أن تكفل قدرا لا بأس به من الحرية رغم التعثّرات التي لا يجب أن تكون تعلّة لسلب الحرّية أو مدعاة لجحدها والسخرية من طالبيها. وبقدر الحاجة إلى الحرّية فإنّنا لا يمكن أن ننكر ارتباطها الوثيق بالعدالة وبالسيادة الوطنية إذ لا يمكن أن يكون هناك شعب حرّ في وطن محتلّ أو يفتقد إلى العدالة وفي نفس الوقت لا يمكن أن نتحدّث عن وطن مستقلّ وعادل وشعبه ينوء تحت نير القمع والاستبداد،

لذا فان الاتحاد  قد كافح من أجل الاستقلال بنفس الحماس والتضحية التي ناضل بها من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمّال، ولذلك يطرح علينا، نحن النقابيين، مرّة أخرى أن نلعب دورنا المزدوج: الوطني والاجتماعي مثلما أدّيناه في كلّ المحطّات باقتدار وريادية وتماسك ووضوح رؤية.

كان أملُنا أن تنكبّ كلّ الجهود على معالجة المسائل الاقتصادية والاجتماعية، منبع ودافع ثورة شبابنا في 2011 لنجد الحلول والإجابات لقضايا الفقر والتهميش والإقصاء والتفاوت الاجتماعي والجهوي في تونسَ، وأن نبحث طرقَ تحقيق التنمية العادلة وإعادةِ الاعتبارِ للدّور الاجتماعي للدولة ولمؤسّساتِها وسبُلَ ضمان استقلال الوطن وسيادة قرارِه بعيدا عن التدخّلاتِ والإملاءات الخارجية.

غير أنّ أملنا وأمل أغلب التونسيات والتونسيين قد تبخّر أو كاد بتفويت الفرصة على مجابهة الأوضاعِ المتردّية، في ظلّ استمرار سياسة التفرّد بالرأي والقرار التي لن تزيدَ وضعَنا إلاّ سوءً وانسدادًا وفشلا وانهيارا واندفاعًا نحو المجهولِ. وهو ما نبّهنا إليه مرار وتكرارا فأطلقنا النداء وراء النداء والمبادرة تلو المبادرة دون مجيب حتّى عدّ البعض ذلك ضعفا واستجداء والحال أنّه نداء صادق لإنقاذ البلاد حاولنا فيه التدرّج وتقديم التعامل الإيجابي على التصادم والتدافع لا يحدونا في ذلك غير منع الكارثة إذ لسنا طلاّب سلطة وحكم ولا نظنّ أنّنا في ذلك أقلّ وطنيّة من غيرنا أو أكثر بقدر ما نحن حريصون على أن يكون الاتحاد دوما قوّة بناء واقتراح ولا يبقى مكتوف الأيدي إذا تعلّق الأمر بمصير بلادنا. 

الأخوات والإخوة الأعزاء،

يستمرّ يوما بعد يوم نزيفِ تدهورِ المقدرة الشرائية للأجراء ولعمومِ الشعب في ظلّ التهاب الأسعار وتزايد الاحتكار وتفاقم أزمة بعض المواد الأساسية خاصّة بعد الرفع المقنّع للدّعم، ويزداد انهيارُ مستوى العيش بين الفئات الفقيرة التي انضمّت إليها شرائح واسعة من الطبقة الوسطى لتبلغ مستويات متدنّية من الفقر والخصاصةِ تؤكّدها كلّ الأرقام الرسمية وتثبتها معطيات الواقع العنيدة.

وعلى الرغم من التضحيات الجسام التي قدمها التونسيات والتونسيون  خلال الثلاث سنوات الأخيرة وإعطاء الوقت والمناخ الملائم للإصلاح، فقد فشلت السياسات العمومية في تحسين ظروف عيشهم كما تعكسه مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث تجاوزت نسبة التضخم حاجز 8% سنويا خلال الفترة 2022- 2024 واستقرت نسبة البطالة في حدود 16% هو ما يعادل حوالي 700,000 عاطل عن العمل ولم يتجاوز معدل نمو الاقتصاد خلال نفس الفترة 1.4% سنويا.

 وبالتوازي تطور حجم الدين العمومي من 104 مليار دينار في أوائل 2022 إلى 135 مليار دينار في سنة 2024 ومن المنتظر أن يصل إلى مستوى 147  مليار دينار في سنة 2025 أو ما يعادل 80.5% من الناتج الداخلي الخام.

وتزداد معاناة الأجراء وعموم الشعب مع تدهور الخدمات الاجتماعية وتردّي وضع المرافق العمومية من تعليم وصحّة ونقل وضمان اجتماعي وغيرها فتتضاعف الأعباء ويثقل الكاهل محمّلا بأخبار الموت كما حدث في مدارسنا ومعاهدنا المتداعية ومثال أبنائنا رحمهم الله في المزّونة ليس بالبعيد وكما حدث ويحدث للعاملات الفلاحيات في وسائل النقل القاتلة ويحدث في عديد مستشفياتنا المفتقدة لأدنى شروط الصحّة وتوفير العلاج المناسب للمواطنات والمواطنين. 

لقد خُضنا منذ سنتين ونيف جولةً من المفاوضاتِ الاجتماعية في القطاع العام والوظيفة العمومية والقطاعِ الخاص وكانت فرصةً للتّأكيد على التزامِنا بالحوارِ الاجتماعي خيارًا استراتيجيًّا في عملنا النقابي وقد حلّت آجال تجديد هذا الحوار وفتح مفاوضات جديدة في جانبيها الترتيبي والمالي، وقد راسلنا الطرفين الاجتماعيين المعنيين بالمفاوضات من حكومة واتحاد الأعراف في الآجال وجدّدنا مراسلاتنا وقد آن الأوان لإسماع صوت العمّال عاليا: إنّ المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة من أحد ويجب أن تُفتَح في أقرب الآجال حفاظا على الاستقرار الاجتماعي وصونا لحقوق العمّال.

إنّ وضع الأجراء لم يعد يحتمل المماطلة والتأخير ولابدّ من الشروع في التفاوض في القطاعات الثلاثة من أجل:

  1. مراجعة التشريعات الشغلية بصفة تشاركية
  2. احترام الحقّ النقابي وحقّ التفاوض الجماعي وإطلاق سراح النقابيين المعتقلين وإرجاع المطرودين وإلغاء كل العقوبات التعسفية وبالمناسبة نرحّب بقرار تعيين جلسة عمل يوم 7 ماي في وزارة الشؤون الاجتماعية لفتح المفاوضات الجماعية في القطاع الخاص.  
  3. الزيادة في الأجور والتعويض عن تدهور المقدرة الشرائية
  4. مراجعة الأداء على الدخل للأجراء
  5. تطبيق الاتفاقيات المبرمة ومنها اتفاقية 6 فيفري
  6. إقرار عتبة لجرايات المتقاعدين على أن لا تقلّ عن الأجر الأدنى المضمون والعودة إلى الفصل 37 من القانون عدد 12 لسنة 1985 المتعلّق بالمراجعة الآلية للجرايات وتحسين الخدمات الاجتماعية والصحية.


   إنّنا اليوم، وفي العيد العالمي للعمّال، نجدّد التأكيد أنّنا مستعدّون لخوضِ شتّى النضالات من أجل مفاوضات عادلة ومجزية ومنصفة.

الأخوات والإخوة الأعزاء،

لقد قدّمت الحكومة مشروع تنقيح لبعض فصول مجلّة الشغل تخصّ المناولة وإبرام عقود الشغل، واستشارت أرباب العمل وأقصت الاتحاد العام التونسي للشغل وذلك في خرق صارخ للقانون وللتقاليد الحميدة التي دأبت عليها بلادنا منذ عقود، فلا يكفي أنها أقصّت ممثّل العمّال، ولكنّها أيضا قدّمت مشروعا، على أهمّيته، مجزّأ انتقائيا حاملا لعديد النقائص وأبواب التأويل والخروقات، ولم تعبّر عن استعدادها لمراجعة شاملة لمجلّة الشغل ولكامل منظومة التشريعات الشغلية من قوانين أساسية واتفاقيات مشتركة واتفاقيات قطاعية فضلا عن عدم تصديقها إلى حدّ الآن على بعض الاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق العمّال وتحميهم من الحيف والتعسّف،

لذا نعلن أننّا ضدّ التنقيحات الأحادية والانتقائية ونطالب بحقّ التفاوض الوجوبي الذي يكفله القانون عدد 54 لسنة 2017 المؤرّخ في 24 جويلية 2017 المتعلّق بإحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وضبط مشمولاته وكيفية تسييره والقاضي بالاستشارة الوجوبية في كلّ القضايا الشغلية وغيرها. ونطالب الحكومة بسحب هذا المشروع ظرفيا وفتح حوار حول التنقيحات المقدّمة والتنقيحات الشاملة المستوجبة بما يضمن حقوق العمّال ويكفل علاقات شغلية متكافئة وسليمة من التجاوزات ويقلّص أكثر ما يمكن من النزاعات المضنية.

إنّ التنقيح الأحادي لمجلة الشغل والذي لا تشارك في بلورته أطراف الانتاج الثلاثة، كما نصت عليه المهام المطروحة على المجلس الوطني للحوار الاجتماعي يعتبر انتكاسة حقيقية زادها استفحالا، بل هي جزء من الخطة الممنهجة لضرب الحق النقابي المتمثّلة في تعطيل حقّ التفاوض وإلغاء الحوار الاجتماعي وفي المحاكمات الكيدية للعديد من النقابيين وسجن وطرد العديد منهم وقطع ارزاقهم.

الأخوات والإخوة الأعزاء،

إنّ الاتحاد، كما كان دوما، صاحب رؤى واقتراحات في عديد المجالات من أجل وضعَ استراتيجيات متكاملةٍ تهدف إلى إصلاح القطاعات الحسّاسة والحيوية والاستراتيجية بإنقاذ المؤسّسات العمومية الاقتصادية منها والخدماتية ودعمِ الفلاحة والفلاّحينَ واستصلاحِ الأراضي وإصلاحِ أوضاعِ دواوينِ الدولة وحوكمتِها وحسنِ تسييرها وتعزيزِ دورِها إضافة إلى ضرورة إدماج الاقتصاد غير المنظّم ومقاومة التهريب والاحتكار وفي نفس الوقت تقوية فرص دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

 ولن تنجح أي سياسة اقتصادية ما لم تصحبها سياسة اجتماعية تعيد للدعم دوره الحقيقي بتوجيهه إلى مستحقّيه وتنقذ آلاف المتقاعدين وخاصّة ممن كانت جراياتهم دون الأجر الأدنى أو مساوية له  والذين يعانون الخصاصة فضلا عن نقص الخدمات الضرورية وتعطي للشباب المعطّل ومنهم حاملي الشهائد العليا، فرص التشغيل والانتدابات وتقاوم الفقر والتفاوت وتقف إلى جانب المهمّشين من المقصيين اجتماعيا وفاقدي السند وذوي الإعاقات والاحتياجات الخصوصية، ولن يتسنى ذلك إلاّ بمراجعةِ خياراتِ الحكومة وسياساتها ضمن رؤيةٍ كلّيةٍ لمنوالِ تنمية بديلٍ على قاعدة المحافظة على المكاسب وتقاسُمِ التضحياتِ وتجسيمِ قيمِ التضامن الوطني وتحقيق العدالة الاجتماعية.

إنّنا مؤتمَنون الدفاع عن مصالح شعبِنا وعن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعمّالنا وسائرِ طبقاته الشعبية، تلك هي، أيّتها الأخوات أيّها الإخوة، مبادئُنا ومبرّرُ وجودِنا كحركةٍ نقابية ووطنية مستقلّة، وتلك هي أهدافُ اتّحادِكم العظيم التي عملت مختلفُ الأجيالِ النقابية المتعاقبة منذ تجربة محمد علي الحامي مطلع القرن الماضي على تكريسِها ودفعت من أجلها التضحياتِ الجسام.

لذلك نحن في أمسّ الحاجة إلى الوحدة والتماسك وتحديد الأوليات وتوضيح الرؤيا ، بوصلتنا حقوق العمّال وحرّية شعبنا وسيادة بلادنا مهما اعترانا من تردّد أو بلَغَنا من تشويه أو محاولات إرباك.

 ولا شكّ أنّ الاتحاد قد تعلّم عبر مسيرته الطويلة أن يتجاوز المحن، أيّا كانت، داخلية أو خارجية، بفضل حسن إدارته للأزمات وشعور أبنائه بالمسؤولية وتفكيرهم الاستراتيجي وحرصهم على حماية منظّمتهم، هذا الإرث العظيم الذي تركه لنا الشهداء والزعماء والروّاد ولا بدّ من تعزيزه وتطويره وتصليب عوده والجرأة في إصلاحه مواكبة لكلّ المتغيّرات الحادثة على جميع الأصعدة، ونحن لسنا إلاّ مكلّفين سنؤدّي المسؤولية بما أوتينا من قناعات ونسلّمها بما تقتضيه الأمانة من تداول وشفافية وديمقراطية.

الأخوات والإخوة الأعزاء،

نُحيي اليوم عيد العمّال العالمي والشعبُ الفلسطيني الشقيقُ يتعرّض إلى حرب إبادة غير مسبوقة على يد عدو صهيوني نازي متعطّش للدّماء وبمشاركة أمريكية وأوربية وعربية رسمية فاضحة، وقد تصاعدت موجة التقتيل والتدمير خاصّة في غزّة في الآونة الأخيرة وتصاعد معها الحصار والتجويع والتشريد بغاية إجبار الشعب الفلسطيني على الهجرة لتوطينه من جديد في الشتات وإفراغ الأرض من أهلها وتحقيق أطماع الإمبريالية المتوحّشة والتي يمثّل ترامب رئيس الولايات المتحدة صورتها البشعة ونتنياهو حكومته أداتها الإجرامية المباشرة. 

لقد عرّت الجرائمُ الصهيونيةُ المتتاليةُ وحرب الإبادة الجماعية المواقفَ المخزيةَ لعددٍ من الدولِ العربية التي ساهمت في الجرائم التي يرتكبها الكيانِ الصهيونيِّ بالغطاء السياسي والتمويل والتموين وفكّ الحصار والطوق عليه والهرولة إلى التطبيعِ معه.

إنّ خطّ التمايز اليوم هو الإقرار بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامةِ دولتِه المستقلّة وعاصمتُها القدس الشريف وفي حقِّ العودة وفي تقرير المصير من عدمه. وعليه يجب أن تبنى المواقف، فلا استقرار في العالم دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه التاريخية والمشروعة.

ونغتنمُ مناسبةَ العيد العالمي للعمّال لنحيّي صمود شعبنا في فلسطين ونوجّه آيات الإجلال لشهدائه قادة ومناضلين وشعبا ونكبر استمرار المقاومة ونتوجّه بتحايا الشكر والتقدير لشعوب العالم التي وقفت مندّدة بالكيان النازي الغاصب مطالبة بوقف حرب الإبادة عليه وبمحاسبة ومحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة ولنؤكّد وقوفَنا الدائمَ إلى جانب الشعب الفلسطيني وقواه العاملة ودعمَنا لصموده في وجه الاحتلال الغاشم وممارساتِه العنصرية وندعو كلَّ قوى الحرّيةِ والتقدّمِ في الوطن العربي وفي العالم وفي مقدّمتِها الحركةُ النقابية إلى تكثيفِ دعمِها لكفاحِ الفلسطينيين المشروعِ والضغطِ على دولِها من أجل وقفِ العدوان الصهيوني وإطلاقِ سراحِ آلافِ الاسرى الفلسطينيين وإنهاءِ احتلالِ.

ويجدّدُ الاتحادُ مطالبتَه بسنّ قانون تونسي يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني العنصري.

 

عاشت تونسُ جمهوريةً مدنيّةً ديمقراطية اجتماعية

عاش الشغّالون بالفكر والسّاعد في تونس،

عاشت نضالات الطبقةُ العاملة العالمية وحركتُها النقابية،

عاش التضامنُ العمّالي،

المجد والخلود للشهداء

العزّة لتونس

عاش الاتحاد العام التونسي للشغل ديمقراطيا مستقلا مناضلا.