في سفاهة الهجمة (4) : خدعوهم بقولهم " كذا وشي"، فقالوا ورددوا " لا عاد موش في وقتو "

[ الشعب نيوز/ وسائط – هذا نص كتبه الأخ سامي الطاهري الأمين العام المساعد ونشره على صفحته الخاصة تعقيبا منه على هجمة سفيهة شارك فيه بعض ممن هم غير جديرين بالوصف والتعريف على عمال قطاع النقل ونقاباته. واكشف حقدهم الاعمى وتخبطهم عندما نجح الاضراب 100 بالمائة رغم كل محاولات التكسير والاجهاض مجتمعة.
النص طويل نسبيا، قسمناه في قسم التحرير الى نصوص فرعية وذلك حتى نسهل القراءة في الجزء او في الكل على من يرغب في ذلك.]
في سفاهة الهجمة (4) : خدعوهم بقولهم " كذا وشي"، فقالوا ورددوا " لا عاد موش في وقتو "
الإضراب "موش في وقتو" مقولة أطلقها بعضهم وبها يزيدون في المغالاة فيقولون إنّه جاء في هذا الحرّ الشديد وزاد من معاناة المواطن، والحال ان لا النصوص القانونية التونسية والدولية حدّدت أزمنة ومواقيت الإضرابات ولا التقاليد النقابية والعمّالية نصّت على تفادي الإضرابات حسب الفصول، فالمحدّد في مواعيد أيّ إضراب الاستعدادات الخاصّة بالعمّال وهياكلهم النقابية واختيارات التواريخ المناسبة لممارسة الضغط القانوني والمشروع من أجل فرض الحوار والتفاوض والتوصّل إلى تحقيق المكاسب، ولكم، وكثيرون يحبّون التشبّه الانتقائي بالبلدان المتقدّمة، في الإضراب الشامل للنقل البرّي والجوّي في فرنسا بالتزامن مع مناسبة كأس العالم لكرة القدم (والذي نُفّذ في بعض المدن بغلق الطرقات السيارة والطرقات الحزامية) إذ لم ينعتهم أحد بالخيانة ولا بضرب المصلحة الوطنية ولا اتهمتهم بأنّ الإضراب "موش في وقتو".
أسوأ الذكريات
- الإضراب خرقٓ قانونيْ الطوارئ والتسخير : من الضروري التذكير بأنّ للنقابيين مع أمر الطوارئ عدد50 لسنة 1978 الصادر يوم 26 جانفي 1978 أسوأ الذكريات إذ سنّته حكومة بورقيبة على إثر تصاعد الأزمة الاجتماعية وقرار الإضراب العام سنة 1978 وذهب ضحيّته مئات النقابيين بين شهيد وجريح وسجين ومطرود ومشرّد. ونصّ هذا الامر الجائر على:
- منع تجوّل الأشخاص والعربات
- فرض الإقامة الجبرية بأمر من وزير الداخلية
- مراقبة الاعلام والمنشورات
- تفتيش المحلاّت دون إذن قضائي وفي أيّ وقت
- حظر الاجتماعات التي قد تخلّ بالأمن العام
ومن الواضح أنّ كل هذه البنود غير مطبّقة منذ تجدّد استخدام هذا القانون بعد 14 جانفي 2011 عدا الأشهر الأولى من الثورة وظلّ بعدها الجولان عاديا ولم تتمّ مراقبة الإعلام والمنشورات ونادرا جدّا ما مُنعت الاجتماعات فضلا عن عدم المساس بالإضراب عموما، فكيف يعنّ للمحرّضين والمجيّشين اليوم تذكّر أمر الطوارئ وانتقاء فصل يتيم متروك منه، لا لشيء إلاّ بغاية ضرب حقّ الإضراب. وللتذكير فقد سعت أغلب القوى الوطنية والديمقراطية إلى المطالبة بتغيير هذا الامر الاستبدادي وغير الدستوري لأنه يحدّ من الحريات ويمنع الحقوق ومنها الحقّ النقابي بما في ذلك حقّ الإضراب.
قوانين، أوامر وممارسات غير شرعية
وللأسف يستمرّ، بلا موجب، تمديد العمل بهذا الامر الجائر. ومن يستدلّ به لمعالجة نزاع شغلي وأزمة اجتماعية فهو، بالعبارة الشهيرةً، إن دلّ على شيء فإنّه يدلّ على الفشل وعلى الحنين إلى الاستبداد.
واذا تعرّضنا إلى موضوع التسخير فحدّث ولا حرج، إذ بيّن الاتحاد منذ ما قبل 2011 لا شرعية هذا القانون ولا دستوريته لأنه يستعمل في مواجهة حقّ دستوري وهو حقّ الإضراب وقد سبق للمحاكم التونسية أن أصدرت أحكاما ببطلان قرارات التسخير معتبرة إيّاها مخالفة للدستور وللقانون. ومن حيث الشكل فانّ سوء استخدام التساخير خاصّة بعدم سيرها وفق الضوابط القانونية وبسبب الإخلالات الإجرائية الفاضحة يجعلها باطلة ومتهافتة، ولهذا يؤكّد الاتحاد على أن التسخير يجب أن يهدف فقط إلى ضمان الحدّ الأدنى من الخدمة في " المصالح الأساسية" التي قد يؤدّي توقّفها إلى تهديد صحّة أو حياة المواطنين، ولعلّ قطاع النقل من الأمثلة التي لا يمكن اعتبار توقّف خدمتها مؤدّيا إلى هذه النتائج فالحافلات ليست سيّارات إسعاف لتخضع للتسخير.
عن أي حد أدنى تتحدث؟
ولو افترضنا ان نبقي بعض الحافلات في الخدمة فمن من الركّاب سيشملهم تقديم الخدمة وعلى أيّ قاعدة تسمح لهذا المواطن بالركوب ولا تسمح للآخر بذلك؟
من العبث الحديث هنا عن "الحدّ الأدنى من الخدمات" الذي تؤمّنه في حالات أخرى العديد من النقابات تلقائيا وفق تراتيب تخطّها لتنظيم إضراباتها، كالصحة والفلاحة والمياه والكهرباء والصيدلة وغيرها من القطاعات التي ترتبط بالحياة أو الصحّة أو الأمن. إنّ التسخير ليس إلاّ إجراء تصعيديا من جانب الحكومة يزيد من توتّر الوضع الاجتماعي وتأزيمه بدلا عن البحث عن الحلول عبر الحوار والتفاوض. وعليه فالتسخير ليس إلاّ أداة غير قانونية للحدّ من ممارسة حقّ دستوريّ وللضغط على العمل النقابي وإرباك الاتحاد كما كان ذلك كذلك ذات 26 جانفي.