نقابي في الذاكرة: عبدالعزيز المستوري، مؤسس نقابة البطالين، قائد اضراب النفيضة واحتجاجات جانفي 1952

* صورة في محتشد رمادة مع الزعيم الحبيب بورقيبة في أفريل 1952
الشعب نيوز/ وثائقي - نتعرف من خلال هذا المنشور الذي اقترحه الاستاذ أسامة الراعي في ركنه اليومي "حتى لا ننسى " على مناضل وطني ونقابي تونسي يمكن القول ان الذاكرة الجماعية قد نسيته او تغافلت عنه.
هو عبدالعزيز المستوري، ولد في 20 أوت 1920 - توفي في 2 أفريل 1986، نشأ ببلدة المساترية من معتمدية جبنيانة سابقا، وهي تتبع اليوم معتمدية العامرة بعد إنبعاثها حديثا.
زاول المرحلة الإبتدائية بمدرسة العامرة ثم التحق بالمدرسة القرآنية بسوسة، ومنها إلى معهد الذكور بها حيث تحصل على شهادة (Brevet). وكان يقيم عند عمه المحامي بسوسة الهاشمي المستوري.
كان يجالس عمه وبعض أصدقائه بمقهى بالمدينة العتيقة، وكان ينصت إلى حديثهم عن السياسة، وكان من بينهم محمد معروف ومحمد القروي والدنڨزلي وكريفة وغيرهم. وكان يستمع إليهم وهم يخوضون في الحديث عن تطوير سبل النضال الوطني، والحزب الدستوري الجديد، إلخ...
صادف أن حضر جلسة تم التطرق فيها عن أنه لا بد من محاربة المستعمر من الداخل، وبمعنى آخر ضرورة التحاق بعض الشباب والتطوع بالجيش الفرنسي لاستقطاب العديد من الجنود التونسيين الذين يستعملون السلاح، للاعتماد عليهم فيما بعد في مواجهة المستعمر.
عند عودته للمنزل تحدث في هذا للموضوع مع عمه، وكان له ما أراد، والتحق بالجيش الفرنسي متطوعا سنة 1937 (والدفتر المصاحب يفيد ذلك) وخاصة ملاحظة رئيسه بالفيلق (à surveiller de très près) لانه كان يحرض زملائه على العصيان، وعلى تطبيق المساواة مع الجنود الفرنسيين، فوقع طرده من الجيش الفرنسي.
إلتحق للعمل بوزارة الأشغال العامة وواصل نضاله للمطالبة بالمساواة لقدماء المحاربين التونسيين المجحودة حقوقهم.. وفي سنة 1949 أسس الرابطة التونسية لقدماء المحاربين والرابطة التونسية للبطالين.
في سبتمبر 1951 اقتحم مع مئات من قدماء المحاربين قصر الحكومة بالقصبة، واندلعت مواجهات عنيفة مع البوليس الفرنسي، فتم ايقافه وايداعه السجن المدني بتونس *الجناح السياسي* (Bloc politique) حيث زاره الزعيم فرحات حشاد وعديد الزعماء السياسيين، واتفقوا معه على أن يقع الصدام مع المستعمر يوم المحاكمة.
قرّرت السلطات الفرنسية محاكمته يوم 14 جانفي 1952، وحضر يوم المحاكمة مئات من قدماء المحاربين نصرة لزعيمهم؛ وقد ترافع عنه الأساتذة عمار الدخلاوي ولمين بلاغة والباجي قائد السبسي وعديد المحامين المتطوعين... إثر المداولة تهجمت النيابة العمومية الفرنسية على المتهم عبد العزيز المستوري مستعملة ألفاظا عنصرية، مما أغضب الحاضرين من زملائه قدماء المحاربين الذين هاجموا المحكمة مستعملين أيديهم وأرجلهم الإصطناعية بحكم أنهم سواقط حرب (Mutilés de guerre)، فصدّهم البوليس الفرنسي وسقط جرحى من الجانبين.
تأجلت المحاكمة، على أن تكون مغلقة، ليوم 18 جانفي 1952 وفي عشية نفس اليوم تم إبعاده مع ثلة من الزعماء والمناضلين إلى محتشد رمادة العسكري بعد أن حكمت عليه المحكمة ب 3 أشهر سجن و 50.000 فرنك آنذاك كخطية.
* وقائع الاحتجاجات والمحاكمة كما نقلتها الصحافة الاستعمارية آنذاك
* أسس وترأس الرابطة التونسية لقدماء المحاربين بداية سنة 1949 والرابطة التونسية للبطالين أواخر سنة 1949. وببادرة من الزعيم فرحات حشاد التحقت الرابطتان بالاتحاد العام التونسي للشغل للعمل سويًّا في مكافحة الإستعمار.
* كلفه الزعيم فرحات حشاد بقيادة إضراب النفيضة في 21 نوفمبر 1950، والذي أدى إلى سقوط شهداء وجرحى من عمال هنشير النفيضة.
* في 14 جانفي 1952 انطلقت بوادر الثورة المسلحة وتدعمت في 18 جانفي 1952 بعد اعتقال الزعيم الحبيب بورڨيبة وعديد المناضلين من الإتحاد العام التونسي للشغل والحزب الحر الدستوري.
* أفرج عن عبد العزيز المستوري في 18 أفريل 1952، وإلتحق بالإتحاد مواصلا نضاله وكفاحه في صلبه.
* الاول على يمين القارئ، رفقة احمد بن صالح أمين عام الاتحاد آنذاك
* في 5 ديسمبر 1952 اغتالت اليد الحمراء الزعيم فرحات حشاد وكان المرحوم عبد العزيز المستوري على قائمة الإغتيالات، فطلب منه قادة الإتحاد والحزب مع ثلة من رفاقه المناضلين مغادرة أرض الوطن والإلتحاق بمكتب المغرب العربي بالقاهرة عبر ليبيا.
* في القاهرة تعرّف على عديد من زعماء المغرب العربي الكبير كأحمد بن بلة، ديدوش مراد، رابح بطاط وغيرهم من الجزائر وعبد الكريم الخطابي من المغرب.
* كان صديقا مقرّبًا جدًّا من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات وحسين الشافعي.
* عاد إلى طرابلس واشتغل بالحقل الزراعي بطرهونة بليبيا.
* عاد إلى تونس خلسة في ديسمبر 1955 بعد رفض الحزب السماح له بالعودة إلى أرض الوطن بتهمة مساندة الزعيم صالح بن يوسف.
* على إثر الإنشقاق اليوسفي البورڨيبي، وبعد دسائس ومكائد اتّهم باليوسفية وحكمت عليه المحكمة الشعبية بالإعدام شنقا أنقذه منه المناضل جلولي فارس الذي تحول من الحامة إلى تونس لمقابلة الزعيم بورڨيبة وثنيه عن القيام بمثل هذا العمل الشنيع، وكان شديد الغضب من بورڨيبة الذي قرر في النهاية، العفو عنه مقابل التزامه بعدم القيام بأي نشاط سياسي.
* في سنة 1957حكمت عليه المحكمة الشعبية بالإقامة الجبرية لمدة 20 سنة في تونس العاصمة وعدم مغادرتها؛ وكان عليه الحصول على ترخيص من وزير الداخلية نفسه لزيارة مسقط رأسه المساترية.
* عاد للعمل بوزارة التجهيز والإسكان حتى بلوغه التقاعد في 1980. تصالح مع الرئيس بورقيبة اثناء بينهما في ولاية صفاقس سنة 1983.
- على إثر حادث مرور بين صفاقس وڨابس يوم 11 جانفي 1986 تم نقله في طائرة عمودية إلى المستشفى العسكري بالعمران بتونس العاصمة حيث بقي يصارع الموت إلى أن وافاه الأجل يوم 2 أفريل من سنة 1986 ودفن بمقبرة الجلاز في جنازة خاشعة حضرها قرابة 4 آلاف نفر.
آخر صورة للمرحوم عبد العزيز المستوري في ديسمبر 1985.
المصدر : أسامة الراعي عن السيد منير المستوري نجل المناضل المرحوم عبد العزيز المستوري.