ثقافي

مهرجان " دريم سيتي" من 3 إلى 19 أكتوبر : الفنانون يحتلون فضاءات المدينة العتيقة ب 56 عمل حركي

الشعب نيوز / ناجح مبارك -  تقام الدورة العاشرة من تظاهرة "دريم سيتي" من 3 إلى 19 أكتوبر 2025، تحت عنوان "شذرات من عالم لم يكتمل: تأملات في زمن الانهيار البطيء".

ويأتي هذا الموعد الفني والمواطني في ظرف عالمي يزداد فيه التضييق على فضاءات التعبير الحر في المجال العمومي وانكماش الحريات وتفاقم الأزمات السياسية والبيئية والإنسانية على الصعيد العالمي، ليؤكد على أن الفن هو فعل مقاومة بإمتياز وشهادة توثق للواقع وتسائله ووقفة تأمل وتفكير.

* 26 فضاء بالمدينة العتيقة

وتتوزع فقرات المهرجان على 31 فضاء في العاصمة منها 26 فضاء في المدينة العتيقة و5 فضاءات في وسط مدينة تونس، لتشمل بذلك هذه التظاهرة مختلف مكونات النسيج العمراني لمدينة تونس.

وتسجل هذه الدورة عرض 56 عملا فنيا قادما من 22 بلدا يقدمها 56 فنانا من بينهم 8 تونسيين و48 فنانا دوليا.

ويُتوقع أن تستقطب الدورة الجديدة أكثر من 30 ألف زائر من تونس والخارج بفضل ثراء البرمجة وتعدد الفضاءات وتنوعها.

هذه التظاهرة هي لقاء بين الفنانين القادمين من مختلف أصقاع العالم، وبين الفنانين والجمهور وبين الجمهور في حد ذاته، حيث تشكل أزقة المدينة وفضاءات ومواضيع العروض فرصة للنقاش والتعارف وتبادل الأفكار وكسر الحواجز الثقافية والاجتماعية بينهم.

ويشمل البرنامج معارض بصرية وعروض أداء وتنصيبات وورشات ولقاءات حوارية وعروض كوريغرافية وموسيقية إضافة إلى برنامج خاص بالأطفال تحت عنوان "خربقة سيتي".

* بيع التذاكر غرة اكتوبر

وتنطلق عملية بيع التذاكر يوم 1 أكتوبر 2025 في عدة نقاط موزعة بين مدينة الثقافة ودار باش حانبة وقشلة العطارين ومكتبة الكتاب بكل من شارع الحبيب بورقيبة والمرسى وميتيال فيل إلى جانب المنصة الإلكترونية  " Teskerti" .

وتضع هذه الدورة العاشرة من فلسطين، الحاضرة منذ 2010، بوصلة لها من خلال عديد الفقرات الفنية أبرزها العرض الفني ما قبل الافتتاح الرسمي بعنوان "طرب" والذي سيتم تقديمه يوم 2 أكتوبر 2025  تكريما للفنانين الكوريغرافيين الفلسطينيين أحمد مدحت ومؤمن خليفة اللذين استشهدا في غزة خلال سنة 2024.

ولا تُطرح فلسطين كـ"موضوع" لهذه الدورة وإنما كمركز ثقل أخلاقي يوجه رؤيتها لفضح جرائم الاحتلال الصهيوني الذي يعمل على طمس هوية الشعب الفلسطيني.

* سرديات المقاومة

كما تسجّل هذه الدورة حضور مؤسسة الشارقة للفنون بأعمال تسعى إلى إنتاج تواريخ بديلة وخرائط مضادة من بينها عمل إميلي جاسر التي تعيد بناء ذاكرة مطار فلسطيني اندثر، وأعمال جمانة منّاع وسيله ستوريله التي تفضح خطاب "صنّاع السلام"، فيما يقدم شريف واكد سرديات مقاومة عبر صوت شهرزاد.

وتحوّل رائدة سعادة المقاومة اليومية البسيطة إلى فعل صمود، وتعيد بسمة الشريف مساءلة الثقة في الحقائق ومعاييرها.

ومن أبرز ركائز الدورة الجديدة اعتماد الفن كأداة لجمع الأدلة وحفظ الأرشيفات المهددة بالطمس والاندثار إذ تتعرض الأجساد كما الذاكرة لمحاولات الإبادة والنسيان.

وفي هذا الإطار تعرض أعمال مثل "زفزافة" للفنان لورنس أبو حمدان و"فيض الصمود" للارا طبطب و"بحثا عن العدالة بين الركام" لمجموعة Public Works، الذي يوثق دمار الحرب على لبنان (2023–2024).

وتأتي هذه الأعمال ضمن شراكة مع مركز حقوق الإنسان والفنون في كلية بارد وبإشراف الفنانة تانيا الخوري حيث يصبح الفن وسيلة للتحقيق وتوثيق الجرائم وفضح محاولات تزييف التاريخ.

* هجرة وصراعات

ومن خلال مشروع "صُنع بسحرك"، يستلهم المهرجان المقامات الموسيقية العربية بوصفها فضاءات مفتوحة للتنوع والاختلاف.

وهذه المقامات بتعددها وتاريخها المرتبط بالهجرات والتبادلات والصراعات، تشكل حجر الأساس لتصور جمالي يقوم على تعدد الأصوات بدل الأحادية.

ويشارك في هذا المسار فنانون عالميون وعرب على غرار منى حاطوم ووليد رعد وآلاء يونس ونور أبو عرفة ولي أيال وأيمن زيداني وإيتال عدنان وغيرهم، لتقديم أعمال تعيد تركيب الأرشيفات وتفتح حوارا بين الماضي والحاضر والمستقبل.

كما يولي المهرجان أهمية كبرى للبعد البيئي باعتباره مجالا للصراع السياسي. فالأرض والماء والموارد هي عناصر طبيعية تتحول مع الأعمال الفنية إلى أرشيفات للصراع والذاكرة.

ومن أبرز الأعمال التي يحظى الجمهور باكتشافها "ماجك/الصحراء" لرضوان مريزيقة و"نقطة التجذر" لسنية قلال التي توظف النسيج لتجسيد ذاكرة المرازيق في دوز، أو من خلال "لعروسة" للثنائي سلمى وسفيان ويسي حيث تتحول حركات نساء سجنان في صناعة الفخار إلى كوريغرافيا معاصرة تحفظ التراث، إلى جانب "p/\rc" لإريك منه كوانغ كاستانغ.

وإلى جانب التوثيق، تحتفي الدورة بالفعل الفني كاستراتيجية للبقاء والمقاومة اليومية. من بين الأعمال التي تسجل حضورها "أصوات" لسيرين الدوس و"غرفة الملابس" لبيسان الشريف و"كل الأشياء المشرقة" لأحمد العطار وناندا محمد اللذين أعادا صياغة الصحة النفسية كفعل مقاومة جماعي.

كما يقدّم سيرج إيمي كوليباي وعاطف خطاب وأمير صبرا وجيريمي نِد مع فرقة إمبيلو مابانتسولا أعمالا تجعل من الرقص والفرح أدوات مقاومة وإصرار على الوجود.

* اجتهاد سلمى وسفيان

ومنذ تأسيسه سنة 2007 على يد سلمى وسفيان ويسي، ظلت تظاهرة "دريم سيتي" مساحة لتفاعل الفن مع المدينة وأداة للتأمل والتفكير الجماعي ووسيلة لتخيل مستقبل مغاير.

ويسعى هذا المهرجان خلال دورته الحالية إلى الانحياز للإنسانية ورفض الحياد إزاء ما يشهده العالم، معلنا بوضوح أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية مكتملة الأوصاف وعقاب جماعي وطمس مقصود للهوية الفلسطينية أمام أنظار العالم وبتواطئ دولي.

ولذلك اختار المنظمون أن تكون الشوارع والساحات مواقع لإنتاج الأدلة وحفظ الذاكرة وصياغة بدائل من أجل خلق فضاءات مقاومة تعيد للمدينة معناها وللإنسان كرامته.